الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

خطايا أمريكا (1)

خطايا أمريكا (1)
خطايا أمريكا (1)




كتب - عبد الله يسرى

«إننى أظن أنه توجد مبررات قانونية لمحاكمة كل الرؤساء فى الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية - فقد قاموا جميعاً بتوجيه حروب إجرامية».
ناعوم تشومسكى
مع متابعتى للمناظرات التى تجرى فى وسائل الإعلام الأمريكية بين مرشحى الرئاسة وطريقتها ونقاط الخلاف والاتفاق بين المرشحين - اسمحولى أن أعيد إلى الأذهان بعض الحقائق التاريخية الموثقة وقبل هذا على أن أنفى عن نفسى تهمة إيقاظ جذور الكراهية ضد الشعب الأمريكى الصديق الذى استفاد مما أنتجته الحضارة المصرية والإسلامية والأوروبية ليقدم بعد ذلك فى ميادين مختلفة نتاجه الحضارى فى الطب والفيزياء والكيمياء، فالشعب الأمريكى شعب صديق وهو ضحية الخداع الإعلامى للآلة الإعلامية الأمريكية الدعائية ولكن الضحية الراضية هى التى تجعل الوحوش الكاسرة تنمو.
فى البداية أتساءل كيف يمكن أن نتمثل ونروج لديمقراطية لا يستطيع أي انسان فيها أن يصل إلى منصب رئيس الجمهورية إلا بعد أن تصرف عليه الشركات الكبرى مئات إعلانية من الدولارات؟!!
الإعلام فى أمريكا تسيطر عليه الشركات الضخمة عابرة القارات التى يمتلكها نسبة بسيطة وأسر بعينها.
 فإذا كانت نسبة سكان الولايات المتحدة الأمريكية٪6 من سكان العالم ويستهلكون٪40 من المصادر الطبيعية للعالم ويملكون ٪50 من ثروات العالم فأى عدالة يتحدثون عنها؟؟!!
 ويبدو أن احتكار الثروة مقرون أيضا هناك باحتكار السلطة وتوريثها، وبالتالى السلطة والثروة تدور فى فلك ملاك الشركات الكبرى العملاقة التى يتجاوز الراتب السنوى لأحدهم 23 مليون دولار غير العمولات والأرباح كما هو الحال لرئيس شركة Aetnalife للتأمين.
لقد خدعنا طويلا بديمقراطية أمريكا وحريتها المزعومة. 
لقد نجحت أمريكا فى تحويل ذلك الصراع الأزلى بين الفقير المستغَل والغنى المستغل إلى صراع بين اليهود والمسلمين والمسيحيين بل وصدرت لنا نظريات نهاية التاريخ وصدام الحضارات.
تقول دراسة للمعهد البريطانى للشئون الخارجية بلندن عن أن أمريكا تتحدث عن الديمقراطية ولكن ارتباطها الأساسى هو بالرأسمالية، فإن تعارضت الرأسمالية مع الديمقراطية فالتذهب الأخيرة إلى الجحيم حتى وإن تتطلب ذلك أفظع وسائل القتل والتعذيب.
لقد أسقطت الولايات المتحدة العديد من الحكومات الديمقراطية بالتدخل المباشر وغير المباشر حدث هذا فى إيران «حكومة مصدق» 1953 وفى جواتيمالا 1954 وفى الدومنيكان عام 1963 و1964 وفى البرازيل 1964 وفى شيلى 1973 وغيرها.
ولنستعرض بعض الحقائق للفاضلة أمريكا والتى أفنت خلال 200 عام ملايين من سكان أمريكا الأصليين من قبائل البونى وغيرها، لنبدأ بريجان ذلك الوسيم الأنيق الذى حاربت أمريكا فى عهده نيكاراجوا حربا ارتكبت فيها جرائم لامثيل لها فى القسوة والقهر، وقد أكدت هذا محكمة العدل الدولية ومجلس الأمن ورغم القرار من الأمم المتحدة الذى لم يعترض عليه سوى الولايات المتحدة وإسرائيل والسلفادور والقرار الآخر فى العام الذى يليه والذى لم يصوت ضده إلا الولايات المتحدة وإسرائيل رغم ذلك كله، إلا أن أحدا لم يوقف أمريكا عن سياساتها. 
يستوى القادة السياسيون الأمريكيون فى تنفيذ الاستراتيجية الأمريكية، سواء كانو صقورا متطرفين أو حمائم متساهلين، فمن معسكر الصقور نجد وثيقة نشرت عام 1950 عن مجلس الأمن القومى كتبها روبرت نيتز فى عهد وزير الخارجية آنذاك دين انشيسون حيث دعت إلى «بث بذور التذمر داخل النظام السوفيتى» وقد قاد سياسة الهجوم على الكتلة الاشتراكية ونفذها بكل أشكال التخريب فاشيون ألمان على رأسهم راينهارد جهلين والذى قام بعمليات التجسس على الجبهة الشرقية عبر شبكة ضمت أخطر المجرمين النازيين الذى امتد نشاطهم إلى جميع أنحاء العالم وبتمويل أمريكى.
أما القادة فى الحمائم فقد كان أبرزهم جورج كينان والذى تأتى المذكرة رقم 23 عام 1948 والتى كتبها هو لتعبر عن نفس السياسة والاستراتيجية حيث يقول فيها «نحن نملك 50٪ من ثروات العالم مع اننا نمثل 6.3٪ من تعداد سكانه وفى مثل هذه المواقف لا يمكن أن نتجاهل أننا أصبحنا محل الحسد والتذمر ومهمتنا الحقيقية فى المستقبل هى المحافظة على هذا الوضع غير المتزن وعلينا أن نتوقف عن الحديث عن أهداف غير واقعية مثل «حقوق الإنسان» وفى المستقبل القريب سوف نضطر إلى التعامل باستعمال القوة»
وقال كينان أيضا عام 1950 «إن أهم اهتمامات السياسة الخارجية للولايات المتحدة يجب أن تكون فى حماية ممتلكاتنا من المواد الخام فى أمريكا اللاتينية وأننا يجب أن نخلص أهلها من أن حكوماتهم مسئولة عن رخائهم وصحتهم».