الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

خطايا أمريكا (2)

خطايا أمريكا (2)
خطايا أمريكا (2)




عبدالله يسرى يكتب:

إبان الحرب العالمية الثانية ظهر فى وزارة الخارجية الأمريكية ما يسمى بـ«Grand Area The» أو «المنطقة الكبرى» والتى تمثل خريطة تقسيم للعالم حسب رؤية الاقتصاد الأمريكى، وحددت هذه الخريطة أن قيادة الصناعة ستكون لألمانيا واليابان، والعالم الثالث فسيكون مصدر المواد الخام وسوقاً للسلع وستستغل إفريقيا وآسيا الجنوبية والشرقية لإعادة تعمير أوروبا. وعندما رفض الفيتناميون هذا التقسيم احتلتهم أمريكا وخاضت حرباً قذرة ضدهم.
إن التهديد للمصالح الأمريكية فى أوروبا لم يكن الاتحاد السوفيتى بل كانت الحركات العمالية المطالبة بالتحرر والحقوق، ولنتذكر عندما دخلت القوات البريطانية اليونان بعد انسحاب النازيين وضعوا فى الحكم نظاماً فاسدا أثار حركات المقاومة ولم تستطع بريطانيا الخارجة للتو فى الحرب مواجهة وقمع المقاومة لذا تدخلت الولايات المتحدة عام 1947 وقامت بمجزرة قتل فيها نحو 160 ألف يونانى.
 فى شرق آسيا كانت المصالح  الأمريكية هو ابقاء هذه المنطقة تحت سيطرتها فساعدت سوهارتو على الاستيلاء على الحكم من سوكارنو فى عام 1965 وساعدت ماركوس عام 1972 على قلب نظام الحكم فى الفلبين، ولكم أن تتخيلوا أنه بعد انتهاء الحرب الأمريكية فى فيتنام 1975 عمدت الولايات المتحدة على زيادة الفقر والعوز حتى بلغ ذلك أن حاولت جمعية مسيحية خيرية إرسال أقلام رصاص إلى كموبديا فمنعت وحاولت اوكسيفام إرسال مضخات للمياه تعمل بالطاقة الشمسية فمنعت وحاولت جمعيات خيرية إرسال فئوس إلى لاوس لاستخراج القنابل التى لم تنفجر والتى قذفتها الطائرات الأمريكية فمنعت أيضاً، وحاولت الهند ارسال 100 جاموسة إلى فيتنام لمجرد الاثقال وتوفير اللبن واللحم والسماد فهددتها الولايات المتحدة بوقف المساعدات الغذائية للهند، بل امعنت الولايات المتحدة فى إذلال فيتنام وساندت الخمير الحمر.
وإذا نظرنا إلى حرب الخليج الثانية عندما قام العراق بغزو الكويت عام 1990 فكانت مبادئ السياسة الأمريكية التى تم كشفها فيما بعد نفس السياسة، فبعد أن قام مجلس الأمن بإدانة الغزو وبفرض عقوبات على العراق وكان رئيس الولايات المتحدة بوش الأب والذى احتل «بنما» وهو رئيس الدولة الوحيد الذى أدانته محكمة العدل الدولية لعملياته ضد نيكارجوا.
 نعم كان غزو العراق للكويت جريمة ولكنها لم تكن أكثر إجراماً من العديد من جرائم الولايات المتحدة مثل غزو تيمور الشرقية «إندونيسيا» والذى وصل إلى حد قتل ربع سكانها والذى وصفته استراليا بقولها: «إن العالم مليئ بالظلم وبه عشرات الأمثلة من الاستحواذ بالقوة» لكن أمريكا إذا تذكرنا سارعت بإغلاق الحلول الدبلوماسية آنذاك مع العراق ففى منتصف أغسطس من نفس العام  ناقش مجلس الأمن فكرة قبول عرض عراقى بالانسحاب من الكويت ولكن إدارة بوش قطعت الطريق الدبلوماسى خوفاً من نزع فتيل الأزمة وعملت الآلة الاعلامية الأمريكية على ذلك وحدث ما حدث للعراق.
إن قانون المساعدات الخارجية الأمريكية يمنع منذ عام 1977 إرسال أى معونات للبلدان التى تحاول إنشاء صناعة للأسلحة الذرية ومع ذلك فالمساعدات الأمريكية لإسرائيل لا تتوقف أبداً والتى بالفعل تمتلك سلاحاً نووياً عاتياً.
تعالوا لنتحدث قليلاً عن جرائم الولايات المتحدة فى حديقتها الخلفية مع بلدان أمريكا اللاتينية أو الجنوبية والتى من المفترض أنها تنتهج معهم سياسة «الجار الطيب»
دول أمريكا الجنوبية دول غنية بمواردها الطبيعية من غابات ومزارع وبترول وبحار وانهار وقوى بشرية ولكنها اتعس دول الأرض لوجودها جارة للولايات المتحدة الأمريكية.
البرازيل يقتل البوليس فيها أطفال الشوارع، وفى كولومبيا اقتصادها قائم على الكوكايين الذى تسكن ودائعه البنوك الأمريكية، وفى شيلى ونيكاراجوا قتل وعذاب عشرات الألوف من النساء والأطفال، وفى جواتيمالا فقر متقع بفضل سياسات الجار الطيب، لكن كوبا البلد الوحيد الاستثناء بفضل حركات النضال والتحرر والمقاومة، لكنها دفعت الثمن حصارًا اقتصاديا وسياسيًا دام عشرات السنين. وباقى نيكارجوا، شيلى، غزو بنما، إعدام السلفادور ثمن الأسقاط عن امتداد سياسة أمريكا الحالية فى عهد الأحمق أوباما تجاه مصر واستخدامهم للإخوان وسياسات الحصار والضرب تحت الحزام والتحديد الفارسى الشيعى وانقلاب الموقف الأمريكى فى صندال حليف وصديق.
أما عما فعلته أمريكا فى السلفادور فبشاهدة عدد من الكتاب المنصفين الأمريكيين كانت الحكومة الأمريكية تؤيد وتساعد التعذيب والقتل المنظم الذى كانت تقوم به الحكومة فى أواخر الثمانينيات ومن أجل ذلك وضعت العقبات أمام اصدار لتراخيص الجرائد المستقلة التى كانت من الممكن أن تفضح كل ذلك.
ففى نوفمبر 1989 قام النظام السلفادورى بقتل 6 رهبان من اليسوعيين ومعهم طباختهم وابنتها وفى نفس الأسبوع قام النظام هناك بقتل 28 آخرين، قامت بهذه الجريمة مجموعة تدعى بـ«أتلا كاتل» Atla Catl وهى مجموعة دربت على القتل القذر، تدريبهم كما تذكره بعض التقارير والمجلات يتطلب قتل الكلاب والنسور بقضم رقابهم وقلع اظافر المسجونين وتمزيق أوصالهم وقطع رؤوسهم، وهكذا نجحت أمريكا فى تحطيم أى معارضة فى السلفادور أو أى حركة تحرر. وقد تناولت مجموعة من الأفلام السينمائية لدنزل واشنطن وغيره من نجوم هوليوود لهذه القصص والجرائم.