الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«العرب وأسئلة الهوية».. كتاب يفتش فى أزمات الفكر العربى

«العرب وأسئلة الهوية».. كتاب يفتش فى أزمات الفكر العربى
«العرب وأسئلة الهوية».. كتاب يفتش فى أزمات الفكر العربى




كتب- خالد بيومى

«العرب وأسئلة الهوية» هو عنوان كتاب صادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب للناقدة فريدة النقاش التى تطرح سؤال الهوية فى حالتنا العربية وهو - فى رأيها - سؤال أزمة عميقة ولدت قلقا عظيما. ويعد سؤال الهوية الأكثر إلحاحا فى الفكر العربى الحديث وهو مطروح على مستويات عدة، وتنشغل به التيارات الأربعة الرئيسة: الإسلامى والقومى والاشتراكى والليبرالى من مداخل متباينة فى سعيها لبلورة مشروعاتها للخروج من الأزمة العميقة والولوج إلى المستقبل.
ولكن أحدا مهما بلغ تفاؤله واطمئنانه لا يستطيع أن يقول إن الأزمة الراهنة فى الوطن العربى هى أزمة نمو.. فنحن قد انحدرنا اقتصاديا - طبقا لرأى المفكر سمير أمين - إلى مصاف العالم الرابع المهمش من قبل المركز الرأسمالى ولم يعد لنا كعرب حتى الأغنياء منا أى قول أو مبادرة فى مسار الأحداث العالمية ورسم السياسات الدولية, وأصبحنا نستورد أكثر مما نصدر ونستهلك أكثر مما ننتج.. وحتى الفوائض النفطية لم تعد تسعفنا خاصة بعد حرب الخليج الثانية بكل ما ترتب عليها من مآس للمنتصر والمهزوم على السواء.
وتنتقد النقاش الوضع البائس للحريات فى العالم العربى الذى يهيمن عليه الاستبداد بطرق شتى ومتفاوتة مما لا يفسح المجال لتحويل الأزمة القائمة إلى أزمة نمو.. ويفتح هذا الوضع البائس الباب لنمو الهويات الصغرى أو الفرعية أو كما يسميه السياسى الفلسطينى عزمى بشارة بـ«التحت قومية» أى تحت اليمن «شمال/ جنوب»، وتحت لبنان «مسلم/ مسيحي»، وتحت العراق «عربى/ كردى/ سنى/ شيعي»، وتحت سوريا «علوى/ سني»، وتحت الجزائر «بربرى/ عربى»، وتحت مصر «مسلم/ قبطي».
وهناك تحت كل طرف من هذه الثنائيات ما هو تحته أيضا: شيعي.. سني.. أرثوذكسي.. بروتستانتي.. شركسي..أرمني.
وترى النقاش أن كل هذه الهويات يمكن أن تتجادل وتتفاعل فيما بينها فى نسيج الأمة العربية، إذا ما كان هناك مناخ صحى وديمقراطى حر فتثرى بعضها البعض كما فى الهند وأمريكا حيث هناك توافق عام حول الاعتراف بالتنوع الثقافى الذى هو بعد نخبوى والتعدد الثقافى الذى هو بعد أنثروبولوجى أو تتقاتل إذا تعرض بعضها للضغط أو الحصار أو التمييز والسعى للهيمنة من قبل إحداها جراء العنف الذى يمارسه الأقوياء ضد الضعفاء ومن ضمنه العنف المعرفى إلى مارسه الاستعمار عبر الاستشراق، ولا تزال الإمبريالية الجديدة تمارسه عبر الهيمنة الثقافية والسعى المحموم لتنميط البشر فى آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.
وتبرز الهوية العربية كأنها وجدت فى الماضي، وأدى وقوعنا أسرى للماضى إلى شيوع الاعتقاد بل رسوخه بأن بوسعنا فصل التكنولوجيا التى نستهلك آخر صيحاتها بإسراف وتباهٍ، عن القيم والأفكار التى أنتجتها هذه التكنولوجيا والتى هى قيم الحداثة والديمقراطية والمعرفة الاجتماعية وحرية البحث العلمى والفكر والاعتقاد والضمير والشغف بالأسئلة والمعرفة الاجتماعية التاريخية التى تنهض على أسس عامة وعالمية فى علوم التاريخ والسياسة والمجتمع. ولا ينبغى الاتكاء على أهوال الاستعمار فى أسباب تخلفنا؛ فقد كانت الهند مستعمرة ومع ذلك استطاعت أن تبدع هوية جديدة متطلعة إلى المستقبل يلهمها الماضى دون أن يقيدها.