الأحد 12 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

العسال يكشف حكاية مدينة «الزهراء» فى إسبانيا

العسال يكشف حكاية مدينة «الزهراء» فى إسبانيا
العسال يكشف حكاية مدينة «الزهراء» فى إسبانيا




كتب ـ علاء الدين ظاهر


قال الدكتور إبراهيم العسال الباحث والمحاضر فى الحضارة الإسلامية بجامعة قرطبة وعضو لجنة التراث الثقافى بالاتحاد الأندلسى إن الزهراء مدينة فى إسبانيا لا بد أن يفخر بها كل عربى ومسلم، فكانت قبلة العلوم والفنون فى القرن العاشر الميلادى ابان حكم الخليفة القوى عبدالرحمن الناصر، وفى عهده تحولت  قرطبة إلى كعبة للعلوم يفد إليها كل طالب علم من أنحاء الكون كله فصارت تضاهى بغداد الرشيد فى القرن الثامن الميلادى.
 وتابع: بنى الخليفة عبدالرحمن الناصر على أطراف عاصمة حكمه قرطبة مدينة الزهراء لتكون مقرا للخلافة الجديدة، ومركزا لاستقبال السفراء الأجانب الذين يفدون من كل حدب وصوب لتقديم فروض الولاء والطاعة للناصر، وهو ما خلدته تصاوير المخطوطات الإسلامية، كما بنى الناصر المدينة للبعد عن صخب العاصمة قرطبة التى صارت شعلة من النشاط العلمى والأكاديمى، حيث بها مقر جامعة قرطبة العريقة كذلك النشاط التجارى والصناعى.
واستطرد: يذكر بعض المؤرخين اسبابا أخرى لبناء الناصر لهذه المدينة بأنها تعود الى حبيبة قلبه واسيرة فؤاده جاريته الزهراء التى قالوا انها امرته ببناء المدينة، ثم يسوقون روايات تتعلق بجبل العروس والعبد الزنجى لتدعيم الفكرة الخاطئة التى روج لها المستشرقون، حتى يجدوا مبررا للتقليل من الحكام المسلمين وهو نفس المنطق المتبع مع السلطان سليمان القانونى الذى صورته المسلسلات التليفزيونية كرجل متفرغ لحريم قصره رغم أنه من أعظم السلاطين التى عرفتهم الدولة الإسلامية عبر تاريخها من الناحية العسكرية.
وقال إن مدينة الزهراء لم يتبق منها الكثير فى يومنا هذا، ولا بد هنا من التفريق بينها وبين المدينة الزاهرة التى بناها الحاجب المنصور بن ابى عامر مؤسس الدولة العامرية فى الاندلس، ليحاكى بها مدينة الزهراء التى استمرت فى عهدى الناصر وابنه الحكم المستنصر، وتقوم بعثات إسبانية أثرية بعمل حفريات كثيرة على منطقة الزهراء التى تم اكتشافها فى بدايات القرن العشرين.
وتابع: وصفت الكتابات الغربية وكتب المؤرخين مدينة الزهراء وصفا ربما لا يوجد له مثيل فى التاريخ الأندلسى، فكانت كالاعجوبة ويكفيها قصر المؤنس أحد قصورها المهيبة والذى خصصه الناصر لاستقبال ملوك أوروبا وسفرائها، وكان به 12 تمثالاً ذهبيًا والحوض الشهير المصنوع من الذهب وكان هدية من القيصر الرومانى للخليفة الناصر،كذلك مسجد الزهراء ودور الجند وبهو السفراء وأجنحة الحاشية وغيرها.
واستطرد: أنفق الناصر على مدينة الزهراء ثلث الدخل القومى للدولة الاسلامية انذاك وهو ما كان يقدر حينها بـ300 ألف دينار، وكان بالمدينة 15 ألف باب و43 ألف عمود وشارك فى عمارتها الكثير من العمال والمهندسين من بغداد والقسطنطينية، وفى اليوم الواحد كان يشارك فى اعمال المدينة 10 آلاف رجل و5 آلاف دابة و6300 سيدة وقرابة الـ14 الف فتى وهى أرقام تشير إلى ضخامة المدينة وعراقتها.
وأضاف: هذا جعل الزهراء أحد أسرار سيادة قرطبة للعالم كله فى القرن العاشر الميلادى، وهو ما صاغه أحد الشعراء ومكتوب فى بهو جامعة قرطبة إلى الآن باللغة العربية «بأربع فاقت الامصار قرطبة.. منهن قطرة الوادى وجامعها - هاتان اثنتان والزهراء ثالثة.. والعلم أعظم شىء هو رابعها»، ومازالت البعثات الإسبانية الأثرية تعمل على قدم وساق فى المدينة التى تسجل أعلى معدلات سياحة التراث فى إسبانيا والتى تقدمت كثيرا فى السنوات الخمس الماضية لتضاهى المسجد الجامع فى قرطبة وقصر الحمراء فى غرناطة الا أنها لم تصل إليهما بعد.