الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

عرف الشعر بأنه حياة كاتبه وسلوان متلقيه: محمد حمدى: نعيش فى زمن يندر فيه الإبداع نتاجا لحالة من الكسل أصابت العقل العربى

عرف الشعر بأنه حياة كاتبه وسلوان متلقيه: محمد حمدى: نعيش فى زمن يندر فيه الإبداع نتاجا لحالة من الكسل أصابت العقل العربى
عرف الشعر بأنه حياة كاتبه وسلوان متلقيه: محمد حمدى: نعيش فى زمن يندر فيه الإبداع نتاجا لحالة من الكسل أصابت العقل العربى




حوار - تامر أفندى

 معلم اللغة العربية فى المرحلة الثانوية، كان يتحدث عن الأوزان الشعرية مع بعض الزملاء، والتقطت أذناى كلماته، فانتبهت إليه ، وطلبت منه المزيد من المعلومات عن أدوات كتابة الشعر، فلم يبخل على بالمفاتيح التى استطعت من خلالها شق طريقي، كما لم يبخل بتوجيه قراءاتى للاستفادة من تجارب كبار الشعراء.. هذا ما استهل به حواره لـ«روزاليوسف» الشاعر محمد حمدى أبو السعود صاحب ديوانى «للفراش دم»، «ابيضت عيناه»، و«غرقى بنهر ماؤه ضحل»  فإلى نص الحوار:
■ ديواناك السابقان عن دور نشر خاصة.. لماذا لم تنشرهما فى سلاسل الهيئة أو قصور الثقافة؟
ـــ الديوان الأول «وابيضت عيناه» تأخر فى النشر، وكان هدفى خروجه للنور، وأنا ما زلت طالبا فى الجامعة، لأننى كنت أظن أنها خطوة مهمة ومحفزة على اقتحام الوسط الأدبى وفى رصيدى كتاب، بدلا من أن أبدأ مشوارى من الصفر.
أما الديوان الثانى «للفراش دم» فكانت له ظروف أخرى، فقد كنت أرغب فى إخراج مجموعة من القصائد للنور، للتفرغ لمشروع شعرى جديد كنت قطعت فيه شوطا بالفعل، واختصارا للوقت، ورغبة فى التحكم بمسائل تتعلق بالمقاسات ولوحة الغلاف، فضلت النشر فى دار خاصة كذلك، ومؤخرا انتهيت من تجهيز الديوان الثالث بعنوان «غرقى بنهر ماؤه ضحل»، وهو تجربة عاطفية من أوله إلى آخره، ولم أر غضاضة فى أن يأخذ وقته فى النشر، فأرسلته إلى الهيئة العامة للكتاب، وشجعنى على الخطوة، أن مدير تحرير إحدى السلاسل هو من طلب منى أن ينشر لى ديوانا، على اعتبارى أكتب قصيدة فصيحة تفعيلية، وهو ما أخبرنى أنه ليس متوافرا منه إنتاج جيد فى ما يرد إليه من أعمال.
■ هل ترى أن فى ذلك محاباة لما ينشر فى سلاسل هيئة الكتاب وقصور الثقافة؟
ـــ لا شك أن النشر فى هيئة الكتاب أو هيئة قصور الثقافة، أفضل من الدور الخاصة، من حيث الجدية والتوسع فى التوزيع وسعر الكتاب، إلى جانب ما تتمتع به إصدارات وزارة الثقافة من ثقة افتراضية لدى القراء، ولكن لكل جهة إدارية مميزات وعيوب، ومن عيوب جهات النشر فى الهيئة أنها لا تعمل على تطوير نفسها، كما أنها أصبحت تتعرض مؤخرا لاقتطاعات من ميزانيتها، ما يؤثر بالسلب فى عدد الإصدارات التى تنشرها شهريا، وبالطبع لا أنكر أننى أقف أمام علامات استفهام متمثلة فى إصدارات لا ترقى من وجهة نظرى على الأقل إلى مستوى النشر فى سلاسل مهمة، فضلا عن نشر أعمال ليست مناسبة فى سلاسل محددة السياق.
■ من اكتشف موهبتك الشعرية؟
ـــ لم يكن اكتشافا من أحد لموهبتى الشعرية، بقدر ما كان اكتشافا فى نفسى لحساسيتى تجاه الكلمة، وهو ما يمكن وصفه بأنه كان إرهاصا لتعلقى بالأدب لاحقا، ولا سيما الشعر، ولكن حدث أن أحد معلمى اللغة العربية فى المرحلة الثانوية، كان يتحدث عن الأوزان الشعرية مع بعض الزملاء، والتقطت أذناى كلماته، فانتبهت إليه بالطبع، وطلبت منه المزيد من المعلومات عن أدوات كتابة الشعر، فلم يبخل على بالمفاتيح التى استطعت من خلالها شق طريقي، كما لم يبخل بتوجيه قراءاتى للاستفادة من تجارب كبار الشعراء.
■ البعض يبدأ شاعرا ثم سرعان ما ينجرف إلى القصة القصيرة أو الرواية؟ هل تؤيد ذلك التنوع.. أم أنك ممن يؤمنون بقدسية الشعر؟
ـــ الأدب دائرة واحدة كما أن المعرفة دائرة واحدة، ومن يقترب من جوهر الإبداع أكثر، تكون فرصه أكبر فى إنتاج الأدب فى أشكال متنوعة، وفى النهاية تبقى المسألة رهن الاستعداد الوجدانى والذهنى للمبدع، وأتصور أن ممارسة الأديب لأكثر من نوع من الكتابة، يثرى اللغة الإبداعية ويخلق مساحات جديدة فى الشكل والمضمون للنص.
■ ما رأيك فى انتشار شعر العامية على حساب الفصحى حتى بات الكثير يطلق على نفسه لقب شاعر؟
ــ التجربة اللغوية جزء من التجربة المعرفية، وأدوات الكتابة وإن كانت مكتسبة، فهى تتخذ موضعها على لوحة الوجدان، كشرط أساسى لإنتاج أدب جيد وجاد وجدير بالعرض والقراءة، وبالتالى لا يمكن أن أتهم اللهجة العامية بأنها السبب فى كثرة الأدعياء، إذ إن هناك من ينشر كتابات بلهجة فصيحة للغاية، ولكنها تخلو من أى شعر، وأظن أن الأمر منوط بالموهبة أساسا، فلا بد للشاعر من أن يكون حساسا للكلمة، بحيث تكون لديه المقدرة على اختيار اللفظ المناسب ووضعه فى السياق المناسب، لتوصيل المعنى والشعور المطلوب.
■ هل تتفق مع مقولة كثر الشعراء وغاب الشعر؟
ــ نحن نعيش فى زمن يندر فيه الإبداع، وهو نتاج لحالة من الكسل أصابت العقل العربي، فأصبح كل من يحب شيئا على سبيل الهواية، يمارسه مدعيا على سبيل الاحتراف، من دون أن يملك أى آليات للابتكار فيه، لذلك نلاحظ أن كثيرا من جمهور الشعر يأبى إلا أن يكتبه، والحال نفسها بالنسبة إلى الأنواع الإبداعية الأخرى، حتى إن الأمر وصل إلى الكتابة الصحفية.
■ هل تقتبس فى كتاباتك من القرآن؟ وهل كان للنشأة دور فى ذلك؟
ــ حفظت 14 جزءا من المصحف فى طفولتي، وأتقنت أحكام التلاوة لدرجة أننى كنت أعلمها لغيرى بينما كنت فى الثانية عشرة من عمري، وبالتالى لم يكن غريبا أن أجد فى كثير من المرات ضالتى فى اقتباس مفردة أو عبارة أو حتى أسلوب أو تركيب من المصحف، فى أثناء كتابة القصيدة، وظهر ذلك فى عنوان الديوان الأول «وابيضت عيناه».
■ هل رشحت أعمالك لجوائز؟
ــ توجد فى الديوانين قصائد فازت بعدة جوائز فى مسابقات على مستوى جامعة القاهرة وجامعات مصر، عندما كنت طالبا، كما فازت بالجائزة الثانية بمسابقة للشباب على مستوى الجمهورية عام 2011، وكذلك فازت بجائزة صندوق التنمية الثقافية عام 2013، ولكن لم أجد فرصة مناسبة للترشح لإحدى الجوائز العربية الكبرى، ولا أنكر أننى أضع ذلك فى اعتبارى بالطبع.
■ لو طلبت منك أن تعطى تعريفا للشعر من وجهة نظرك ماذا تقول؟
ـــ الشعر حياة كاتبه وسلوان متلقيه، هذه نظرتى إليه، أما أن أحدد تعريفا فهذا ما اختلف فيه العالم، ولكن يمكن أن أقول بشكل تقريبي، إنه تحويل انعكاس الأشياء على الانفعالات الإنسانية إلى تكوينات معرفية وتشكيلية تثير الوجدان، وهو تعريف يتماس مع عبارة قالها الفيلسوف والأديب المصرى الراحل الدكتور عبد الغفار مكاوى وهى أن «الشعر هو فن التشكيل».
■ صف الشعراء فى مصر بكلمة أو شطر من بيت؟
ــ باستثناء قلة من الحقيقيين الذين تفرض تجاربهم نفسها، يمكن وصف البقية بأنهم أعراض لأمراض المجتمع.