الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

كتاب «راوى مركش» عن «المغرب» فى عيون كاتب هندى

كتاب «راوى مركش» عن «المغرب» فى عيون كاتب هندى
كتاب «راوى مركش» عن «المغرب» فى عيون كاتب هندى




كتبت: رانيا هلال


صدر حديثا عن سلسلة إبداعات عالمية رواية «راوى مراكش» للكاتب الهندى «جويديب روى باتاجاريا»، وترجمه إلى العربية «على عبد الأمير صالح» وراجعه د. أحمد البكرى.
استوحى الكاتب «جويديب» وقائع هذه الرواية من خلال زيارة قام بها للمغرب لكنه غاص عميقا فى طبيعة القيم والسلوكيات والأفراح وأنواع الملابس، المأكولات وطرق التحاور بين الناس، ودعم ذلك كله بتأملات عميقة فى ماهية الحب والجمال والحقيقة والحرية، ومعلومات وافية عن تاريخ المغرب وجغرافيته ولهجات أبنائه من عرب وبربر وطوارق من مسلمين ويهود، ينحدرون من المدن والريف والجبال والصحارى والموانئ، كما منحنا الفرصة للإطلاع على نوعية الذائقة الجمالية واللغوية لهذا الشعب وتحسسنا لطبيعة مشاعره وهواجسه وأحلامه وصيغ تعبيره عن ردود أفعاله، وتصويره لرؤيته لذاته ولأرضه وللآخر، وقدم لنا صورة واسعة عن الأفكار وطبيعة العلاقات الإنسانية، ووصف لنا تفاصيل الهموم اليومية والمناخ العام السائد فى مراكش والمغرب عموما، فقد عرف المغرب، الذى يُعتبر من بين أول البلدان فى العالم التى شهدت ظهور صناعة حجرية متنوعة، كيف يصوغ هذا الغنى ويجسده فى صناعة تقليدية تتميز بتنوعها الشديد، مستندًا فى ذلك إلى ماضيه وتقاليده العريقين وتنوع سكانه وثقافته، فصناعة الجلد والزرابى «المنسوجة أو المعقودة»، وصناعة الألبسة التقليدية والحلى والفخار والخزف والخشب المنقوش، والزليج المرصع والجبس المنحوت والحديد المطرَّق أو الاشتغال على النحاس، تجتمع كافّةً لتشكل دليلًا على الغنى الثقافى لمختلف جهات المملكة، والذى وظفها الكاتب بصورة مشوقة وجذابة على مدار الرواية. يتوفر نحو 3500 كيلومتر من الشواطئ على المحيط الأطلسى وعلى البحر الأبيض المتوسط، ويتميز بشمسه الرائعة على امتداد السنة وتنوع مياه السباحة فيه، مما يعطى بعدا أكثر عمقا للحياة فى المغرب التى تطل كذلك على شواطئ كثيرة استخدمها الرواى لإظهار مكنونات وتناقضات شخصياته عبر السرد.
وفى أثناء قرأئك للرواية ستجد أنه لا مناص لمن يسعى إلى التعرف على معالم التاريخ المغربى من زيارة المدن التاريخية «فاس ومكناس ومراكش والرباط»، ففى شمال البلاد، نجد آثار علماء الصوفية من خلال الزوايا «وهى عبارة عن بناية بيضاء صغيرة تعلوها قبة ترمز إلى ضريح أحد الأولياء»، بل والتشبع بهذه الفلسفة الفريدة التى تزاوج بين التأمل والدين، كما تحفل كل جهة من جهات المغرب بمهرجانات ومواسم خاصة بها، وأشهرها مهرجان فاس للموسيقى الروحية ومهرجان كـ«ناوة» بالصويرة ومهرجان الجاز بطنجة ومهرجان موازين إيقاعات العالم بالرباط.
يعيد هذا الأثر الأدبى إلى أذهاننا كتاب «ألف ليلة وليلة» حيث كل قصة تولد قصة أخرى فى نسيج روائى متشابك وأحداث متلاحقة لا يملها القارئ، بل ينتظرها بشوق وشغف، هذه القصص يسردها رواة كثيرون من شرائح اجتماعية وأصول عرقية مختلفة تعيش فى مناطق شتى من المغرب، لكنها تعيش فى مراكش طلبا للرزق ولقمة العيش.