السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المشكاوات..تاريخ السلاطين المرسوم على الزجاج

المشكاوات..تاريخ السلاطين المرسوم على الزجاج
المشكاوات..تاريخ السلاطين المرسوم على الزجاج




كتب - علاء الدين ظاهر

 تعد المشكاوات من أهم أدوات الإضاءة التى استخدمت فى مصر عبر فترات مختلفة من التاريخ، وكان من السهل التعرف على المشكاوات التى صنعت لسلاطين، حيث كانت ألقابهم وأسماؤهم تكتب بخط واضح على بدن المشكاة،وبعض الأمراء كانوا يكتفون بوضع «رنكهم»، و«الرنك» كلمة تعنى فى العصر المملوكى «الشارة» التى توضع على البيوت والأماكن والأشياء المنسوبة إلى صاحب «الرنك».
لكن المشكاوات لم تكن مجرد وسيلة إضاءة بقدر ما كانت جزءا مهما من تاريخ وحياة السلاطين والأمراء، وإلا ما وجدنا المعهد الثقافى الفرنسى بالقاهرة لديه مجلد من إصداره عن المشكاوات وتاريخها وصناعتها وأصحابها على مر العصور التاريخية خاصة المملوكي،والذى يأتى على رأس العصور التى تنتمى إليها المشكاوات سواء داخل مصر أو خارجها فى بعض المتاحف والمجموعات الخاصة.
 شريف فوزى مدير وحدة التطوير واعادة توظيف الاثر‏ لدى ‏الإدارة العامة للقاهرة التاريخية أكد أن المشكاوات من العناصر الأثرية المهمة فى المنشآت الإسلامية خاصة المساجد،مشيرا إلى وجود دراسة للدكتورة مايسة محمود محمد داود بعنوان «المشكاوات الزجاجية فى العصر المملوكى» والتى كانت موضوع الماجستير الخاص بها وحصلت عليه من كلية آثار جامعة القاهرة عام 1971، وهذه الدراسة تكشف الكثير من تاريخ المشكاوات وقيمتها،وترصد بالأرقام أماكن تواجدها سواء داخل مصر أو خارجها.
وطبقا لما جاء فى تلك الدراسة المهمة،يعتبر رنك السلطان الناصر محمد أقدم الرنوك الكتابية السلطانية على المشكاوات الزجاجية،ومن أوضح الأمثلة مجموعته المحفوظ جزء منها فى مجموعة خاصة باسم «إدوارد روتشيلد» فى باريس وجزء بمتحف الفن الإسلامى تحت أرقام سجل 273و259،كما أن مجموعة السلطان حسن من المشكاوات المهمة والمتفردة عن مثيلاتها،حيث أنها لم يكتب عليها اسمه لأنها كانت ذات طابع خاص ومميز غنى عن التعريف،بحيث أن من يراها بشكلها يعرف مباشرة أنها للسلطان حسن،ومحفوظة فى متحف الفن الإسلامى بأرقام سجل 271و272و278-280و282-201/286و287-291و301-305و315-327و329-331.
وذكرت الدكتورة مايسة فى رسالتها أن مجموعة مشكاوات السلطان برقوق محفوظة فى متحف الفن الإسلامى بأرقام سجل273-277و282-283و292-293و295-300و306-311و401/436،كما أن مجموعة السلطان المؤيد جزء منها محفوظ فى مجموعة خاصة بالبارون «روتشيك» فى باريس، والجزء الآخر فى متحف الفن الإسلامى، والسلطان الأشرف قايتباى له مشكاة محفوظة فى متحف الفن الإسلامى باسمه، ويرجح أنها من صناعة البندقية وليس مصر،حيث أنه فى تلك الفترة مع مطلع القرن 10هـ /16 م، تدهورت صناعة الزجاج فى مصر بعد تدهور عام للأوضاع الاقتصادية بسبب اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح.
هذا التدهور كما أشارت الرسالة أدى لازدهار صناعة المشكاوات بالخارج خاصة بالمدن الإيطالية ومنها البندقية، وذلك على الطراز الإسلامى لتباع فى مصر، أو تهدى للسلاطين لقيمتها العالية جدا، مثلما كانت مصر فى عصر الناصر محمد تصنع مباخر وتحف معدنية عليها صلبان للملوك المسيحيين فى أوروبا، وهناك مجموعة مشكاوات السلطان برقوق موزعة ما بين متحف الفن الإسلامى ومسجد الحسين، كما أن مسجد الأقمر فى شارع المعز على واجهته محفور شكل للمشكاة منبعج قليلا، وهذا الشكل تم الاسترشاد به لصناعة نماذج مشكاوات زجاجية للجامع الأزهر حينما أجرى له مشروع ترميم وتطوير فى الستينيات.
 جوانب أخرى من تاريخ وحكايات المشكاوات كشفها كتاب آخر هو «دراسات وبحوث فى الآثار والحضارة الإسلامية» الكتاب التذكارى الثانى للدكتور محمد السيد غيطاس إصدار كلية الآداب بسوهاج مجلة كلية الآداب طبعة أولى 2005، حيث تضمن الكتاب بحثا عن عناصر الإضاءة الطبيعية ووسائلها الصناعية فى العصور الإسلامية، من إعداد الباحثة زينب طايع أحمد بالمجلس الأعلى للآثار، وجاء فيه أن فرنسا قامت بتقليد صناعة المشكاوات بزجاج يخالف الزجاج الأصلى فى نهاية القرن 19، كما أن المشكاوات فى أواخر العصر العثمانى وهى فترة أسرة محمد على تميزت بالتنوع ومنها على النمط المملوكى، وهذه المشكاوات صنعت فى أوروبا وفرنسا وإيطاليا وظهرت أخطاء بالأشرطة الكتابية عليها، وكان زجاجها خاليا من الشفافية ومعتما.
البحث أشار أيضا إلى أنه فى نهاية القرن 19 قامت لجنة حفظ الآثار العربية التى نشأت عام 1818م فى عهد الخديو توفيق، بعمل مشكاوات صنعت فى فرنسا لوضعها فى المساجد والمنشآت الأثرية التى قامت اللجنة بترميمها،وكانت مصنوعة من زجاج شفاف أبيض أو بنفسجى أو عسلى أو أزرق فاتح وخالية من الزخارف النباتية والهندسية والكتابية، وبعضها جاء مذهب الحواف وعليه زخارف هندسية ونباتية حمراء اللون أو ذات زجاج معتم، وتمت صناعتها فى مصانع زجاج باب النصر الذى كان يوجد قريبا من مسجد الحاكم بأمر الله بجوار باب النصر.
وطبقا لما جاء فى البحث، يحتفظ متحف الفن الإسلامى بمجموعة من هذه المشكاوات كما تحتفظ كثير من المساجد بالمشكاوات وخاصة مسجد الرفاعى الذى توجد به مجموعة لا بأس بها، وهناك مشكاوات تمت صناعتها فى بداية القرن العشرين للآثار والمساجد بناء على قرار «فرمان» الخديو عباس حلمى الثانى، وقد استعان البحث بصورة لمشكاة زجاجية لعباس حلمى الثانى ذكر أنها فى متحف قصر المنيل.