الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المرأة واعظة

المرأة واعظة
المرأة واعظة




كتب: د. محمد مختار جمعة
وزير الأوقاف

عندما ننظر فى ديننا الإسلامى الحنيف نجد أنه قد كرم المرأة أمًّا وأختًا وزوجة وبنتًا وإنسانة، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِى جَارَهُ، وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا» (رواه البخاري)، ويقول(صلى الله عليه وسلم): «إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ» (رواه البيهقى فى السنن الكبرى).
فالمرأة صنو الرجل فى معترك الحياة، فى شتى جوانبها، وفى مجال العلم والدعوة برزت نساء كثيرات ممن حملن العلم والحديث رواية ودراية، منهن أم المؤمنين عائشة (رضى الله عنها)، وأم المؤمنين أم سلمة (رضى الله عنها)، وأم عطية الأنصارية التى تعد من فقيهات الصحابة، وأسماء بنت يزيد ثالث امرأة فى رواية الحديث بعد عائشة وأم سلمة (رضى الله عنهن أجمعين)، وغيرهن ممن روين الحديث كالصماء بنت يسر، وميمونة بنت سعد مولاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم).. وفى المجالس الأدبية الكبرى عُرِفَ مجلس السيدة سكينة بنت الحسين بن على، والسيدة عقيلة بنت عقيل بن أبى طالب.. كما عرفت المرأة شاعرة وأديبة وكاتبة، ولا يمكن لأحد أن ينكر تاريخ الخنساء فى الشعر الجاهلى أو يغض الطرف عنه أو عن غيرها من شاعرات وأديبات العرب عبر عصور الأدب المختلفة قديمها وحديثها.
وقد قررنا فى وزارة الأوقاف أن نشرك المرأة وبقوة فى العمل الدعوى والوعظى والقيمى والتربوى إيمانًا منا بقدرتها على ذلك من جهة، وحاجتنا إلى جهدها من جهة أخرى، ولهدف ثالث أصيل، وهو ألا نترك الساحة خلوًّا لنساء غير متخصصات أو متشددات أو متطرفات فكريًّا أو تابعات لجماعات أو تيارات متشددة أو منتمين لها، ذلك أن النفس إن لم تشغلها بالحق شغلت بالباطل، وأهل الباطل لا يعملون إلا فى غياب أهل الحق، ويكفى كدليل على ما يمكن أن تتحلى به المرأة الداعية من الحكمة أن أنقل لكم وصية هذه الأعرابية التى توصى ابنتها فتقول: أى بنية: إن الوصية لو تركت لفضل أدب تركت ذلك لك، ولكنها تذكرة للغافل ومعونة للعاقل، ولو أن امرأة استغنت عن الزوج لغنى أبويها وشدة حاجتهما إليها كنت أغنى الناس عنه، ولكن النساء للرجال خلقن، ولهن خلق الرجال.
أى بنية: إنك فارقت الجو الذى منه خرجت، وخلفت العش الذى فيه درجت، إلى وكرٍ لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه ؛ فأصبح بملكه عليكِ رقيبًا ومليكًا، فكونى له أمةً يكون لكِ عبدًا وشيكًا، واحفظى له خصالاً عشرًا يكن لك ذخرًا.. أما الأولى والثانية: فالخشوع له بالقناعة، وحسن السمع له والطاعة.. وأما الثالثة والرابعة: فالتفقد لمواضع عينيه وأنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح.. وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت منامه وطعامه، فإن تواتر الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة.. وأما السابعة والثامنة: فالاحتراس بماله، والإرعاء بحشمه وعياله، وملاك الأمر فى المال حسن التقدير، وفى العيال حسن التدبير.. وأما التاسعة والعاشرة: فلا تعصين له أمرًا، ولا تفشين له سرًّا، فإنك إن خالفت أمره أوغرت صدره، وإن أفشيت سرّه لم تأمنى غدره.
ثم إياك والفرح بين يديه إن كان مهتمًّا، والكآبة بين يديه إن كان فرحًا.. فما أحوجنا إلى مثل هذه الحكمة وهذا العقل، وعلى حد قول الرافعى: إن خير النساء من كانت على جمال وجهها فى أخلاق كجمال وجهها وكان عقلها جمالا ثالثا.