السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مكامير الفحم تهدد حياة «فقهاء القبلية»

مكامير الفحم تهدد حياة «فقهاء القبلية»
مكامير الفحم تهدد حياة «فقهاء القبلية»




كفرالشيخ ـ محمود هيكل


بالتأكيد أن أهالى قرية «الفقهاء القبلية» التابعة لمدينة سيدى سالم بمحافظة كفرالشيخ، سقطوا من حسابات المسئولين، بل وبعيدين كل البعد عن الخطط الاستراتيجية والتنموية التى تضعها الدولة بشأن تطوير القرى الأكثر فقرا واحتياجا، حيث أصبحت أرواح المواطنين أرخص من أن يتحرك ساكن لأى مسئول بعد تعرضهم لعمليات قتل واختناق شبه يوميا بفضل مكامير الفحم التى باتت مصدرا يقلق منامهم ويهدد حياتهم وفلذة أكبادهم.
لم يكن هذا فحسب، بل إن تقصير المسئولين القائمين على إزالة هذه المكامير المخالفة، على مدار السنوات الماضية، طال حتى الأطفال وأصابهم بالأمراض الخطيرة، بالإضافة إلى إتلاف العديد من المحاصيل الزراعية، الأمر الذى جعل أهالى القرية مهددين إما بالموت بسبب الأدخنة المستمرة والناتجة عن هذه المكامير، أو بلطجة أصحابها عليهم وتهديدهم لهم.
«روزاليوسف» تلقت العديد من شكاوى واستغاثات المواطنين المضارين، وتعاملت معها على الفور، حيث انتقلت إلى القرية وتعايشت مع مواطنيها واستمعت إلى شكواهم.
بداية يقول فتحى المكاوى، أحد المضارين: إننا نعانى «الأمرين» داخل بيوتنا بسبب مكامير الفحم العشوائية بالقرية، ولم نعد نتحمل الاختناق الدائم لنا ولأطفالنا الصغار بسبب الأدخنة الناتجة عن هذه المكامير على مدار 24 ساعة، حيث نقوم بإغلاق الأبواب والشرفات وجميع النوافذ ومع ذلك تدخل إلينا الأدخنة الكثيفة إلى غرف النوم، مؤكدا أنهم ذهبوا إلى محافظ كفرالشيخ السابق لعرض الأزمة، لكن الحرس منعهم من الدخول.
ويستنكر محمد أمين، من أبناء كفر الشيخ، تقاعس المسئولين وعدم تحركهم لإنهاء هذه الأزمة، بالرغم من الشكاوى العديدة التى تقدموا بها بداية من مجلس الوزراء، مرورا بهيئة البيئة بطنطا وكفرالشيخ، ونهاية بالمحافظ ورئيس مدينة سيدى سالم، بالإضافة إلى تحرير محاضر بالشرطة والإدارة الصحية، لكن دون جدوى.
وينوه فيصل سمير الفقى، متضرر، إلى أن مكامير الفحم العشوائية بالقرية، تفسد عليهم حياتهم بشكل كامل وتسبب لهم الأمراض الخطيرة، بالإضافة إلى اتلاف المحاصيل الزراعية، ناهيك أنها تتسبب أيضا فى نفوق الثروة الحيوانية التى يقومون بتربيتها، الأمر الذى جعلهم  يواجهون «خراب بيوت مستعجل».
أما الدكتور أحمد حمدى، مدير مستشفى الصدر بمحافظة كفرالشيخ، فيؤكد أن مكامير الفحم بصفة خاصة والدخان الناتج عنها بصفة عامة له أضرار كثيرة على المواطنين، حيث يسبب العديد من الأمراض المزمنة التى تفضى أحيانا إلى الموت، وعلى رأسها الإصابة بمرض السدة الرئوية، وحساسية الصدر، وأزمات الربو، بالإضافة إلى أن هذا الدخان سبب رئيسى فى الإصابة بسرطان الرئة.
ويشير مدير مستشفى الصدر بمحافظة كفرالشيخ، إلى أن هناك أمراضًا أخرى قاتلة للإنسان بشكل مباشر ناتجة أيضا عن هذه المكامير، أخطرها زيادة تجلط الصفايح الدموية، كما تزيد أيضا من خطر الإصابة بجلطات القلب والرئة، علاوة على الإصابة بالالتهاب الرئوى الناتج عن تلوث الجو على مدار الساعة.
وأكد المهندس عبدالرافع جاد، وكيل وزارة الزراعة بكفرالشيخ، أن مكامير الفحم والأدخنة التى تخرج منها تؤثر بالسلب على النباتات الزراعية وتسبب أضرارًا كثيرة منها، قتل المخصبات والتلقيح فى الحبوب داخل الثمار، علاوة على أن هذا الدخان له تأثير قوى على المجمع الخضرى والأوراق الموجودة فى النباتات بسبب ترسب الدخان عليها، وهذا  يمنع النباتات من التنفس ويصيبها بالتقزم فينتج عن ذلك إتلاف المحاصيل الزراعية بشكل ملحوظ، وقلة إنتاج الفدان بمختلف أنواعه خاصة «الأرز ـ القمح».
إلى ذلك قال المحاسب محمد أبوغنيمة، السكرتير العام لمحافظة كفرالشيخ، فى تصريحات خاصة لصحيفة «روزاليوسف»: إن اللواء السيد نصر، محافظ الإقليم، قرر تشكيل لجنة برئاسة المهندس راضى أمين، السكرتير العام المساعد للمحافظة وكيل أول الوزارة، لنقل هذه المكامير إلى مساحة 10 أفدنة من أرض أملاك الدولة بقرية الغبايشة التابعة لقرية الروضة التى تقع خارج الكتلة السكنية.
وأشار أبوغنيمة إلى أنه سيتم توقيع بروتوكول مع الهيئة العربية للتصنيع لعمل أفران مطابقة للمواصفات لهذه المكامير بعد نقلها، منوها إلى أن المحافظة ستقوم أيضا بتوفير المرافق المطلوبة من كهرباء ومياه وغيرها، وبناء مساكن لأصحاب هذه المكامير داخل الموقع الجديد التى يتم نقل المكامير إليه فى أرض أملاك الدولة.
من جانبه قال محمد حلمى، رئيس قسم شئون البيئة بمدينة سيدى سالم: إن مكامير الفحم بقرية الفقهاء القبلية تم اتخاذ جميع الإجراءات القانونية حيالها، بالإضافة إلى تحرير غرامات وقرارات إزالة لها ومحاضر طبقا لقانون 4 لسنة 1992 والمعدل بقانون 9 لعام 2009، منوها إلى أن كل صاحب مكمورة مخالفة عليه ما يقرب من 20 حكمًا بالحبس بسبب هذه المكامير، لكن لم يتم تنفيذ الأحكام حتى الآن.
ولفت حلمى إلى أن هذه المكامير جميعها غير مرخصة وغير مطابقة للمواصفات، علاوة على أن المحافظة تسعى بكل طاقتها لتقنين أوضاعهم ونقلها فى مكان آمن خارج الكتلة السكنية حفاظا على حياة المواطنين من سكان هذه القرية، فضلا عن تدشين مؤتمرات وعقد اجتماعات بأصحاب هذه المكامير لبحث آليات التقنين لكنهم لم يستجيبوا.