الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

حاتم الجوهرى: نحتاج مشروعـًا علمياً عربيـًا يعبر عن واقعنا وتاريخنا

حاتم الجوهرى: نحتاج مشروعـًا علمياً عربيـًا يعبر عن واقعنا وتاريخنا
حاتم الجوهرى: نحتاج مشروعـًا علمياً عربيـًا يعبر عن واقعنا وتاريخنا




كتب- إسلام أنور

عن ترجمته لكتاب «تأملات فى المسألة اليهودية» للمفكر الفرنسى جان بول سارتر حصل د.حاتم الجوهرى على جائزة الدولة التشجيعية فى العلوم الاجتماعية لعام 2016، وفى حديثه لروزاليوسف قال الجوهرى: «جائزة الدولة التشجيعية التى حصلت عليها لا تخصنى وحدي، هى انتصار لجيل بأكمله، وفى ترجمتى ودراستى التى أعددتها حول الكتاب ركزت على تسليط الضوء على المنهج الانطباعى الظاهرى الذى استخدمه سارتر ونقده، واعتماده على استطلاع مجموعة من الآراء الانطباعية والذاتية والآنية للأوروبيين من غير اليهود، والأوروبيين من اليهود، دون أن يحاول الوقوف فعليا على نقطة انطلاق «بناء النموذج المعرفى» والمصدر الأساسى لهذه «الصورة النمطية» السائدة ليهود أوربا التى وصفها سارتر بدقة واستفاضة، ولكن دون تأصيل أو بحث عن مصدرها، وقد قسمت الدراسة إلى خمسة مباحث قصيرة، واحتوى كل مبحث على عدة عناصر».

ويضيف الجوهري: «كما نقدت موقفه المتناقض من حرية العربى الفلسطينى وحرية اليهودى الأوربي، والأهم نقدت أزمة سارتر فى نقل سياق المسألة اليهودية فى أوربا وعقدة الاضطهاد التاريخية هناك، إلى الصراع العربى الصهيوني، واعتباره من يرفض توطين يهود أوروبا المضطهدين من النازية الأوربية فى فلسطين، نازيا أيضا!».
ويوضج الجوهرى أنه عمله خلال ترجمته للكتاب وزع مجهوده على عدة أقسام؛ وهى: الترجمة - التعليق – التحقيق؛ بداية كان التعليق يدور معظمه فى محورين، أولا: توضيح السياق التاريخى لفكرة ما إذا طرحها سارتر دون بيان لعلاقتها بالموضوع أو دلالتها فى المتن، ثانيا: تسليط الضوء على نقطة ما لها دور مهم فى توضيح أطروحة سارتر ووجهة نظره، ولم يكن ذلك واضحا بالشكل الكافى فى المتن، وأحيانا لفت الانتباه لتناقض ما أو فكرة ما فى معرض حديث سارتر فى الكتاب.
أما التحقيق فدار معظمه حول أسماء الأعلام والوقائع والأحداث الشهيرة التى ذكرها سارتر؛ فاهتممت بالبحث عن أسماء الأعلام وتقديم التعريف للشخصيات التاريخية التى استعان بها سارتر فى معرض حديثه ودلالة ذلك فى سياق الحديث، وكذلك أسماء المدن والأحداث والوقائع التى دارت فى تلك الفترة.. والحقيقة أن هذا الجزء من عملى فى الترجمة أخذ جهدا وتركيزا شديدين، لاعتماد سارتر على بيئة الثقافة الفرنسية فى استشهاداته، وكثرة ذكره لأمثلة من مختلف فترات فرنسا التاريخية، وكذلك اعتماده على وقائع وأحداث جرت إبان وأثناء الحرب العالمية الثانية؛ تطلبت تدقيقا خاصا لتحقيق سياقها وبيان مجرياتها.
يكمل د.حاتم الجوهري: «لا يفوتنى أن أشكر د.مصطفى النشار أستاذ الفلسفة المعروف على مقدمته الموضوعية التى سبقت الكتاب، وكذلك كل الأساتذة المتخصصين فى الصراع العربى الصهيونى الذين احتفوا بالكتاب بعد وقت طويل من الحجب، ودارت بيننا فيه النقاشات، كذلك أشكر القائمين على الجائزة الذين قرروا منح الجائزة للكتاب والدراسة النقدية المصاحبة له، رغم أن الدراسة النقدية كانت من الجرأة فى التناول والمنهج لتتحرر من أسر كل الأفكار المسبقة عن سارتر سواء مع أو ضد، وبحثت فى المصادر العربية والعبرية والإنجليزية لتتحرى بدقة موقف سارتر من الصهيونية من جهة ومن العرب من جهة أخري، وأعتقد أن الدراسة تفتح الباب لدراسات أخرى فى مراجعة جذور الموقف الأوروبى من المسألة اليهودية والصهيونية، كما فعلت سابقا بكتابى «خرافة الأدب الصهيونى التقدمي»، حين كشفت عن دور اليسار الروسى اليهودى فى بناء التنظيمات الشيوعية الصهيونية المبكرة، ودور أيدولوجيا «الصهيونية الماركسية» التى روجت لفكرة الاحتلال التقدمى لفلسطين! ما أريد قوله خلاصة أننا فى حاجة لمشروع علمى عربى؛ يستخدم الخطاب الموضوعى ويقدم وجهة النظر العربية فى دراسات جادة ورصينة، تستطيع أن تقف على أرضية صلبة فى المحافل العلمية والثقافية العالمية، يجب أن نؤمن «الظهير الثقافى» لموقف الحق العربى».
ويختم د.حاتم: «على جيلنا أن يتسلح بالموضوعية العلمية الجادة والقدرة على المواجهة؛ فنحن فى ظرفية تاريخية فاصلة، وأعتقد أن حصولى على جائزة الدولة التشجيعية سيكون مؤشرا على قدرة العمل الجاد والجهد الموضوعى على الوقوف والدفاع عن نفسه بقوة فى المشهد، وأذكر أننى رفضت نشر الكتاب فى إحدى مؤسسات النشر الحكومية، حين اشترطت القيام بدور الرقيب على دراستى النقدية، ورفضت رفضا قاطعا مناقشة المبدأ حتي، كما أننى توقعت فوز الكتاب فى حالة واحدة فقط، وهى وجود صوت قوى يقبل بدراسة منهجية وموضوعية تكسر السائد والنمطي، وتكشف منطقة شديدية الخطورة والحساسية فى المشهد الثقافى العربي، واستقباله لأساطين الفكر الأوربي. وتذكرت موقف إدوارد سعيد من سارتر، وقلت أنا لست ادوارد سعيد، لذا على بالجهد والعرق والعمل، أن أثبت وجهة نظرى وأن أضع بناء علميا ومنهجيا متينا لأقارب أحد أساطير الفكر الأوربى فى الثقافة العربية مقاربة نقدية مثل هذه».