الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المشاركة العربية تنزع عن المهرجان القومى هويته!

المشاركة العربية تنزع عن المهرجان القومى هويته!
المشاركة العربية تنزع عن المهرجان القومى هويته!




هل مشاركة العروض العربية تنفى عن المهرجان القومى للمسرح محليته أو قوميته؟!، تردد هذا السؤال بين المسرحيين طوال الفترة الماضية وأثار حالة شديدة من المعارضة والجدل، خاصة أن المهرجان هذا العام يعقد دورته العاشرة، لكن فى البداية وقبل الإجابة عن هذا السؤال ما هى فلسفة إقامة وإنشاء المهرجان القومى للمسرح، المهرجان القومى كان قد أعاده للحياة الدكتور أشرف زكى عميد معهد فنون مسرحية ونقيب الفنانين عام 2007، وبدأ هذا المهرجان منذ انطلاق فعالياته يتحسس خطواته فى اكتشاف المسرحيين الشباب والإنتاج الفنى الغزير والمتنوع لجهات متعددة، وبنى هدفه وفلسفته على توسيع دائرة الرؤية للمسرحيين بدلا من انحصارها فى متابعة جهة إنتاج واحدة «البيت الفنى للمسرح».

فتح المجال لمشاهدة جهات إنتاجية أخرى تحمل مذاقًا فنيًا مختلفًا وكان له الفضل فى انفتاح هذه الجهات على بعضها البعض وأصبح الجميع يرى ويتعلم من الآخر، وتمثلت الجهات المتسابقة ضمن فعالياته فى البيت الفنى للمسرح، البيت الفنى للفنون الشعبية، مركز الهناجر للفنون، المعهد العالى للفنون المسرحية، الجامعات الحكومية والخاصة،الشركات، المجتمع المدني، فرق المسرح المستقل، مسرح القطاع الخاص، وفرق الهيئة العامة لقصور الثقافة.
وبالتالى أفرز هذا المهرجان على مدار دوراته عددًا كبيرًا من الإنتاج الفنى والشباب المبدع، كما أنه كشف عن ضعف بعض الجهات إنتاجيا والتى بدا أنها تحتاج إلى إعادة تدريب وتأهيل حتى تصلح عروضها للتسابق فيما بعد، فكان من المهم بدلا من استحداث مشاركات عربية بالمهرجان أن يستحدث إقامة ورش فنية للتدريب من المتخصصين لشباب المسرحيين الذين لم يحالفهم الحظ بالفوز الدورة السابقة أو للذين حرموا من التسابق، فبدلا من أن تذهب الأنظار إلى الإنتاج المسرحى المصرى الغزير الذى بدأت تشهده مصر خلال السنوات القليلة الماضية.
انحرف المهرجان عن غايته بتحويل أنظار المسرحيين إلى العروض العربية، بعيدا عن حالة التشتت التى قد تصيب متابعى المهرجان سواء اثناء التغطية الصحفية أو المتابعة اليومية للجمهور، هذه مشاركة غير ملائمة لمهرجان مسرحى قومى مصرى مهمته الأولى هى الانشغال بعروض مصر من شمالها إلى جنوبها، فالمشاركة العراقية بعرضى «حلم» لفرقة كركوك المسرحية إخراج نجاة نجم مجيد، و«ضياع» لنادى مسرح بابل إخراج بشار عليوي، بجانب استضافة مسرح الإمارات العربية كضيف شرف للمهرجان كل هذه إضافات غير مجدية، تجاهلها لن يضر، وتواجدها لن يفيد، بل قد تشكل عبئاً أدبيًا على المهرجان لأنها مشاركة فى غير محلها تنزع عنه صفته القومية، وتحيله إلى مهام المهرجانات العربية أو الدولية، فهذه المشاركات أولى بها التجريبى ومهرجان المسرح العربي، وأولى بالقومى إقامة تظاهرات فنية مسرحية بمسارح القاهرة ومحافظاتها على حد سواء لأن المحافظات خاصة الفقيرة فى حاجة شديدة إلى الرعاية الفنية والاهتمام الثقافى.
من الأشياء المستحدثة بالمهرجان أيضا هذا العام قسم «نظرة ما» وهو المسئول عن إلقاء الضوء على الإنتاج المسرحى الذى لم يحالفه الحظ بالمشاركة فى التسابق  ويندرج تحت هذا القسم عروض «مسرح الشارع» و«مسرح الطفل»، وهذا العام سيتم الاحتفاء أو إلقاء النظرة على  مسرح الشارع، لكن السؤال لماذا يتم التعامل مع هذا النوع من المسرح بهذه النظرة الدونية والعنصرية؟!
والسؤال الثانى ما هو معيار المشاركة فى التسابق؟ ، السائد فى كل مهرجانات العالم أن معيار التسابق هو الجودة الفنية العالية وقدرة هذه الأعمال على المنافسة من عدمها بغض النظر عن نوع المسرح الذى جاءت منه، وبالتالى كيف يتم حرمان هذه العروض إذا كانت جيدة من التسابق بالاكتفاء بإلقاء «نظرة ما» عليها، فى حين أن هناك مناطق بمصر نائية قد تحتاج إلى إلقاء نظرة حقيقية مثل الأماكن المتطرفة التى تعتبر حديثة العهد بالممارسة المسرحية!
كان أحدث وأقرب مثال على العروض المستبعدة آخر إنتاج لمسرح الطفل snow white» « للمخرج محسن رزق، والذى عرض مؤخرا على خشبة مسرح متروبول بطولة مروة عبد المنعم، مصطفى حجاج، سيد جبر، عايدة فهمى، أزياء نعيمة عجمى، وديكور حازم شبل، يتضح من اسماء المشاركين بهذا العمل أنهم جميعا من المحترفين ونجوم كبار بمجال المسرح وقدم كل فى موقعه عمله على أكمل وجه، فهو عرض مكتمل العناصر اهتم المخرج بكل تفاصيله الفنية وقدمت مروة عبد المنعم شخصية «snow white» بخفة ظل ورشاقة غير معهودة، فما هو المنطق فى استبعاد عرض بهذا المستوى الفنى من التسابق، علما بأنه من أرقى وأفضل العروض المسرحية التى قدمت فى الفترة الأخيرة لمسرح الطفل، لأنه ببساطة احترم عقول أطفال هذا العصر لم يتعامل معهم بسذاجة واستخفاف الأعمال التقليدية التى تقدم بهذا المجال، فهو عمل مسرحى موسيقى غنائى استعراضى كبير، وكان يستحق الإشادة والإحتفاء، وجميع المشاركين قادرين على التنافس وبشراسة مع كل عروض المسابقة الرسمية بل وانتزاع الجوائز منهم، بجانب أنه لابد من ترسيخ ثقافة التشجيع والاحتفاء بهذه النوعية من العروض حتى نفتح المجال للعروض المقبلة.
ويتم تحفيز صناع مسرح الطفل على التجويد والتفكير فى تقديم أعمال متميزة، وإذا كان ولابد حرمانه من التسابق برغم أنه حكم مجحف وظالم وغير مبرر، كان من الأولى وضعه فى العروض المختارة وهذا أضعف الإيمان، خاصة أن العرض نجح وبشدة فى استقطاب الجمهور الحقيقى وليس جمهورًا متخصصًا ومفتعلًا مثلما سيحدث فى بعض عروض المهرجان المشاركة بهذه المسابقة على وجه التحديد، وهى مفاجأة كبيرة أن تهتم الأسرة المصرية بنزول المسرح وحضوره بهذا الزحام وهذا الشكل المبهر والمبهج، فهذا عمل استثنائى كان يستحق التعامل معه بمنطق استثنائى، وبما أنه تمت إضافة جائزة الجمهور على فعاليات المهرجان فمن الممكن القول بأن هذا العرض حصدها بلا تسابق!
يواجه المهرجان هذا العام أيضا أزمة فى تقليص عدد المسارح المشاركة ضمن فعالياته مما تسبب فى اعتذار عرض «ليلة» للمخرج هانى عفيفى عن المشاركة بسبب عدم وجود مسرح مناسب لحجم الديكورات وأوركسترا العرض المسرحي، وسوف تقتصر المسارح على الطليعة، العرائس، ومتروبول، الغد، وميامى، بينما يخرج هذا العام مسرح السلام نظرا لانشغاله بعرض «قواعد العشق 40» طوال فترة المهرجان، كما يخرج مسرح الهناجر بسبب خضوعه لإجراءات الدفاع المدنى وكذلك مسارح الشباب والعائم الصغير والكبير بسبب إجراء تطويرات موسعة داخلها.
يكرم المهرجان القومى للمسرح هذه الدورة كل من المخرج المسرحى سمير العصفورى، الكاتب سمير عبد الباقي، الدكتور محمد شيحة، اسم الراحل حسين جمعة كما يهدى دورته للناقدة الدكتورة نهاد صليحة، ويصدر مجموعة من الكتب عن هؤلاء منها كتاب «اللامنتمي» تأليف جرجس شكرى عن المخرج سمير العصفورى، «فارس الكلمة» تأليف مصطفى سليم عن سمير عبد الباقي، «الوجه والظل فى دولة التمثيل» تأليف مدحت الكاشف عن عايدة عبدالعزيز، «الأستاذ» تأليف محمد أمين عبد الصمد عن د. محمد شيحة، «عاشق الفضاءات المفتوحة» تأليف عايدة علام عن الراحل حسين جمعة.
كما يعرض المهرجان فى حفل الافتتاح ستة أفلام قصيرة مهداة من قناة DMC خمسة منها عن المكرمين والسادس عن الراحلة نهاد صليحة، كما من المقرر أن يقام معرضان للكتاب الأول من مطبوعات الهيئة العامة للكتاب، والثانى من مطبوعات الهيئة العامة لقصور الثقافة وسوف يمنح المهرجان خصومات كبيرة على الكتب القيمة التى ستعرض فى ساحات المسارح المختلفة.
تخضع عروض المسابقة الرسمية للتحكيم من اللجنة المكونة من الكاتب أبوالعلا السلامونى، الفنانة فردوس عبدالحميد، الدكتورة رانيا يحيى، المخرج ناصر عبدالمنعم، الدكتور محمد زعيمة، الدكتور رامى بينامين، الدكتور علاء الجابر، ومقرر اللجنة فادى فوكيه، من هذه العروض «قواعد العشق 40» للمخرج عادل حسان، «الجلسة» إخراج مناضل عنتر، «يوم أن قتلوا الغناء» إخراج تامر كرم، «واحدة حلوة» إخراج أكرم مصطفى، «مشرب شاي» إخراج أحمد البنهاوى، «لامبو» إخراج محمد الملكي، «السفير» إخراج أحمد السلامونى، «بلان سى» إخراج منار زين، «اترك أنفى من فضلك» إخراج إسلام إمام، «طقوس الإشارات والتحولات» إخراج محمد يوسف، «علاء الدين» إخراج طارق حسن، «سينما 30» إخراج محمود جمال، «بينوكيو» إخراج محمد أحمد، «مغامرة المملوك جابر» إخراج مصطفى طه، «الطقوس» إخراج زياد هانى كمال، «الجميلة والواغش» إخراج مايكل مجدى، «للى بنى مصر» إخراج مجمد حسن أحمد، «البرواز» إخراج جورج موسى.
وفى مسابقة العروض المختارة يشارك كل من «لعبة العراف» إخراج عمر الشحات، «شامان» إخراج سعيد سليمان، «سيرة بنى زوال» إخراج مصطفى إبراهيم، «الكبير» إخراج طارق راغب، «ساحرات سالم» إخراج محمد عبد المولى، «الجسر» إخراج وليد طلعت، «معتدل  بهدوء غاضب» إخراج عمرو رضا، «حل الضفاير» إخراج محمد فؤاد عابدين، «الغرفة» إخراج محمد زكى، «عيد ميلاد ماريونت» إخراج محمد عبد الصبور، «أنا» إخراج شادى أحمد.