السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«الطلاق البدعى» يشعل الخلافات بين علماء الأزهر

«الطلاق البدعى» يشعل الخلافات بين علماء الأزهر
«الطلاق البدعى» يشعل الخلافات بين علماء الأزهر




كتب - صبحى مجاهد -  وعمر حسن

الطلاق البدعى أو الطلاق فى فترة الحيض  هو إحدى صور الطلاق التى أصدر الأزهر الشريف قراره بمنع الافتاء به فى مصر رغم انه كان يتم الفتوى به لبعض الحالات فى لجنة الفتوى بالأزهر حتى منتصف التسعينيات إلا أن شيخ الأزهر الراحل د. محمد سيد طنطاوى قرر عدم الافتاء به، وإصدار تعميم على لجان الفتوى بعدم القول بالطلاق البدعى، والذى فسره البعض بأنه جاء لمخالفة الشيعة، لكن منذ أيام أفتت د.سعاد صالح أستاذ الفقه المقارن بجواز الافتاء بالطلاق البدعى واعتبرته ضرورة عصرية لحماية الأسرة من التفكك، ويقلل من نسب الطلاق كما أنه  أفضل من المحلل الذى يلجأ إليه الناس فى الطلقة  الثالثة.
فى البداية تقول د. سعاد صالح أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر بضرورة الأخذ بالطلاق البدعى والذى يقول به مذاهب الظاهرية  والشيعة لحماية الأسرة من الانهيار وتشتت الأبناء، خاصة أن أدلتهم أقوى من جمهور العلماء الذى يقول بوقوع  الطلاق  فى الحيض عقابا للزوج، دون النظر لمصلحة الزوجة والأبناء ؟
وأوضحت أنه على الأزهر أن يعيد النظر فى قضية الطلاق البدعى خاصة مع الطلقة الثالثة التى يلجأ فيها البعض إلى ما يعرف بالمحلل الذى يكون بمثابة تحايل شرعى على من وقع فى الطلاق الثالث.
أضافت أن الأصل فيما لو وقعت الطلقة الثالثة ألا تحل الزوجة لزوجها الذى طلقها ثلاث مرات إلا بعد ان تنكح زوجا غيره ، ولفظ النكاح هناك معناه الدخول إلا ان البعض يلجأ لعقد القران فقط  دون ان يتحقق المأذون من حقيقة الزواج وصحته.
ومن ناحيته أكد الشيخ محمود عاشور، وكيل الأزهر الأسبق، أن شرطًا أساسيًا لوقوع الطلاق الصحيح هو أن يطلق الرجل امرأته فى طهر لم يجامعها فيه، وألا تكون حائضًا، أم أن يطلقها «طلاق بدعي» فى فترة الحيض فهذا ليس موجودًا فى الفقه الإسلامى.
وتابع موضحًا: «ابن تيمية قال إن طلاق الحائض لا يقع، وكذلك الطلاق فى طهر جامعها فيه، وهذا الرأى ضعيف ومخالف لجمهور الفقهاء، ولكن نلجأ له حفاظًا على البيوت من الخراب، خاصة إذا كانت الطلقة الثالثة، مع وجود أبناء فى حالة انسداد كل الطرق».
وأشار وكيل الأزهر الأسبق إلى أن السند فى ذلك حينما طلّق عبد الله بن عمر زوجته وهى حائض، فعلم رسول الله -صلى الله عليه وسلم - وقال لسيدنا عمر بن الخطاب -رضى الله عنه - «مُره فليراجعها ثم تطهر ثم يطلقها»، واتخذ العلماء ذلك دليلًا على أن طلاق الحائض لا يقع، وكذلك طلاق الطهر الذى جامع الرجل فيه زوجته.
أما أن يطلّق الرجل زوجته ثلاثًا بلفظ واحد فى نفس المجلس، فأوضح الشيخ «عاشور» أن الطلاق يقع بطلقة واحد فقط، حتى لو قال الرجل لزوجته «أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق»، لافتًا إلى أنه يميل إلى رأى «ابن تيمية» فى عدم وقوع الطلاق البدعى إلا إذا أصرّ الزوج على ذلك، ففى هذه الحالة يذهب إلى دار الإفتاء ويسرد لهم ظروف وقوع الطلاق، مختتمًا: «للأٍف الطلاق بقى ظاهرة شديدة الانتشار ونحن نتلمس أمرًا يعمل على إعمار البيوت وليس خرابها».
لجنة الفتوى ترفض
وحول ما عليه الفتوى بلجنة الفتوى بالأزهر  أكد الشيخ عبد الحميد الأطرش  رئيس لجنة الفتوى بالأزهر السابق  أن  الطلاق البدعى واقع على رأى جمهور الفقهاء  وهو ما عليه الأزهر فى الفتوى فى أى حالة طلاق ، ولكن احيانا نأخذ به فى اضيق الحدود لكن ليس بطريقة رسمية.
أضاف أن  لجنة الفتوى بالأزهر مع أنه لا تفتى به إلا انه وفى بعض القضايا الفردية وبشكل شخصى يتم الفتوى بعدم وقوع الطلاق البدعى خاصة  عندما   تكون هناك أسرة ، حيث نضطر نأخذ به مع التشديد على الزوج  بعدم الوقوع فيه مرة أخرى، موضحا أن  عدم وقوع الطلاق البدعى لا يقع على رأى ابن تيمية وابن عمر  وبعض المذاهب الأخرى،  إلا انه ومع القول بجواز الفتوى بعدم وقوع هذا الطلاق  فى قضايا فردية  إلا أنه لايجوز التعميم.
من ناحيته أكد أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، الدكتور أحمد كريمة، على وقوع الطلاق البدعى مع الإثم، موضحًا أن مفهوم ذلك النوع من الطلاق يتضمن 3 حالات، أولًا أن يطلّق الرجل زوجته فى حالة الحيض، وثانيًا أن يطلقها فى طهر جامعها فيه، وثالثًا أن يطلقها ثلاثًا فى لفظ واحد.
أما عن الحالة الأولى فأوضح أستاذ الشريعة  فى تصريحات لـ «روزاليوسف» أن الزوج إذا قام بتطليق زوجته فى فترة الحيض فهذا يعنى إطالة عِدة المرأة أكثر من اللازم، لأن الزوجة لا تبدأ عدتها إلا بعد أن تطهر، وتابع شارحًا: «نفترض أن الزوج تلفظ بكلمة الطلاق المباشرة لزوجته فى فترة حيض زوجته، فلن تُحسب أيام عدتها إلا بعد نهاية أيام الحيض أولًا».
واستطرد «كريمة» شارحًا الحالة الثانية: «إذا طهرت المرأة ونوى زوجها تطليقها فكان من المفترض أن يقوم بذلك رأفة بها وهى فى فترة الطهر، ولا ينتظر بعد الجماع والمعاشرة حتى لا يطيل عدتها»، متابعًا: «فى هذه الحالة العدة لن تبدأ إلا بعد حيض وطهر جديدين».
أما الحالة الثالثة وهى أن يطلق الرجل زوجته ثلاثًا فى لفظ واحد بأن يقول: «أنت طالق بالثلاثة»، فهذا يعد طلاقًا بدعيًا، مخالفًا لقول الله تعالى «الطلاق مرتان»لذا يجب عليه أن يطلقها الرجل مرة ثم مرة ثم مرة، ولا يجمع الثلاث طلقات فى لفظ واحد.
وأوضح أستاذ الفقه المقارن أن الرجل إذا طلّق زوجته فى مجلس واحد بثلاث طلقات فرادى «أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق»، فإنه وفق ما اتفق عليه جمهور الفقهاء تُحسب طلقة واحدة فقط.
وفى السياق ذاته أوضح أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، الدكتور عطا السنباطي، أن الطلاق البدعى عكس الطلاق السنّى، الذى يقع فى طهر لم يجامعها فيه الزوج، لافتًا إلى أن الشريعة الإسلامية أرشدت الزوج للأفضل وهو الطلاق السنى وليس البدعي، مبررًا ذلك بأن الزوجة حينما تكون فى حالة الحيض أو النفاس، لا يرغب فيها زوجها، كما يحدث لها تغيرات كيميائية فيتغير مزاجها، وربما ينفر منها الزوج ويطلقها، وحينما تطهر ويرغب فيها يحدث الندم.
وتابع «السنباطي» قائلًا: «كذلك إذا طلق الزوج زوجته فى طهر جامعها فيه أى طلقها طلاقًا بدعيًا قد يكون هناك حمل وربما يندم الزوج بعد ذلك، ويحدث ضرر للطفل، لذا ألزمته الشريعة بتأجيل الطلاق حتى تحيض ثم تطهر بعد ذلك».
وأكد أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر أن الطلاق البدعى واقع عند جمهور الفقهاء، ولكن بعض الفقهاء وهم قلة لم يوقعوه، مضيفًا أن المفتى يلجأ أحيانًا إلى رأى ابن تيمية فى عدم وقوع الطلاق البدعى حفاظًا على الأسرة والأطفال، ولكن يعتمد ذلك على اجتهاد المفتى وشرح المستفتى بملابسات الطلاق.
كما بيّن «السنباطي» أن طلاق الثلاث بلفظ واحد، أو الثلاث طلقات بثلاث كلمات منفردة فى مجلس واحد، فى هذه الحالة يقع الطلاق ثلاثًا وليس طلقة واحدة، عند جمهور الفقهاء، ولكنه لفت أيضّا إلى رأى ابن تيمية وابن القيم فى ذلك، وهو أنه يقع طلقة واحدة فقط، موضحًا أن الظاهرية أيدوا ذلك بدليل أن الطلاق فى عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعهد سيدنا أبو بكر الصديق - رضى الله عنه - والعامين الأولين من خلافة سيدنا عمر بن الخطاب - كان طلاق الثلاث يقع بطلقة واحدة، ولكن حينما وجد «عمر» رضى الله عنه ذلك سهلًا عند أصحاب الطلاق، ألزمهم بما ألزموا أنفسهم به، وهو أن طلاق الثلاث يقع بثلاث طلقات، وبناء عليه يستخدم المفتى أحيانا هذه الرخصة فى الإفتاء بعدم وقوع طلاق الثلاث، وذلك يعتمد على كل حالة.