الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الحرية فى الإسلام




الشيخ: عبد الناصر بليح
لقد أعطى الإسلام للإنسان مجالاً رحبا للتمتع بحريته، فالأصل الأولى فى الإسلام هو أن يتمتع الإنسان بالحرية المطلقة، إلا فى حالتين الأولى أنه بسبب التمتع بالحرية الشخصية تجاوزا على القوانين الإلهية الملزمة، كأن يشرب الخمر أو يرتكب الزنى أو اللواط وغيرها، فإن فى هذه الموارد يجب ردع المتجاوز من باب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بشرائطها الخاصة التى نص عليها الفقهاء فى الكتب الفقهية.
والثانية أن يشن الإنسان عدوانا على الناس أو يتعدى على حقوقهم، ويخل بنظام البلد، كالقتل والسرقة والاحتكار وغيرها، فإن للدولة الحق فى أن تمنعه من ذلك،
وهذه القيود الإسلامية، هى من الأمور التى يتحقق بها الأمن والسلام الاجتماعي، ويؤدى إلى سيادة الأخلاق الحسنة أن يرتضيها المنطق السليم، لكى يرتقى دور الإنسان الايجابى فى الحياة، فالإسلام إنما جاء لتحرير البشر من القيود التى ترهقهم، كما يقول سبحانه وتعالى:”وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِى كَانَتْ عَلَيْهِمْ “(لأعراف /157).
وبعد إن اتضحت مساحة الحرية الواسعة التى يقررها الإسلام فى قضية الاعتقاد، نجد أن أسلوب الدعوة يستند إلى الرفق والسلم لا إلى العنف والإكراه بكل تجلياتهما، كما يقول سبحانه وتعالى: «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِى هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ» (النحل:25).
فالحكمة والموعظة الحسنة، ومقارعة الحجة بالحجة وصولا إلى الصواب، هى أساليب الدعوة الإسلامية، ويقول الله تعالي: «لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» (البقرة/256).
تقرر حقيقة مهمة، هى أن الإكراه هو الغى الذى يمثل العروة الوثقى فى الدعوة المحمدية، وهذه الصفة، هى التى جعلت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: «إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق» «حسنه الألباني».
«ولا تكرهوا عبادة الله إلى عباد الله، فتكونوا كالراكب المنبت الذى لا سفر قطع ولا ظهر أبقى»
وترك الرفق فى الإسلام واعتماد الإكراه ، معناه الغلو الذى حذر منه الإسلام كثيراً ووردت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى تصرح برفضه وتحذر من خطره منها:
قوله صلى الله عليه وسلم «رجلان لا تنالهما شفاعتى صاحب سلطان عسوف غشوم وغال فى الدين مارق» (حسنه الألبانى)، وكما ورد «صنفان لا نصيب لهما فى الإسلام الغلاة والقدرية».
كما ان الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر إذا لم يتم برفق كان صاحبه كالراكب المنبت الذى يبعد الناس عن الدين أكثر مما يدعوهم إليه، فقد قال تعالى يخاطب رسوله الكريم «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ» ( آل عمران/159» .
وورد فى الأثر القول «إنما يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر من كانت فيه ثلاث خصال: عامل بما يأمر به وتارك لما ينهى عنه ،عادل فيما يأمر، عادل فيما ينهى، رفيق فيما يأمر، ورفيق فيما ينهى»
فالرفق سلوك إسلامى عام يكون سبيلا لعزة المسلمين فى الدنيا والآخرة، لذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «غفر الله عز وجل لرجل كان من قبلكم سهلا إذا باع، سهلا إذا اشترى، سهلا إذا قضى، سهلا إذا اقتضى» (الترمذى وحسنه).
 
مفتش بوزارة الأوقاف.. نقيب الأئمة بكفر الشيخ