الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

هل يعيد الإخوان حساباتهم؟




خلال عام واحد تورطت جماعة الإخوان المسلمين ومن خلفها التيارات  الإسلامية فى عدة معارك شرسة للوصول إلى الحكم ومن بعدها لتثبيت أركانه.. ومنذ أن احتلت التيارات الإسلامية أغلب مقاعد البرلمان قبل عام. لم يهدأ  الصراع بينها وبين أغلب تيارات ومؤسسات الدولة.. لم يستثن أحد من القضاء إلى المجلس العسكري.. ومن الداخلية إلى الكنيسة.. ومن القوى السياسية إلى الإعلام.
 


 وفى كل هذه المعارك يرفع الإخوان شعار حماية الشرعية ويلوحون لأنصارهم بأمنيات تطبيق الشريعة.. مؤكدين أن من يخالفهم ليسوا إلا من اتباع نظام مبارك.. وأن كل المؤسسات تحتاج إلى  تطهير عاجل.


 اللافت أن معارك الإخوان تم فتحها على عدة جبهات فى وقت واحد.. ولم تقف عند حدود  الادعاء والتشويه.لكنها تسير باتجاه ترسيخ الموقف  وفرض الأمر بالقوة وليست مشاهد حصار المحكمة الستورية ومدينة الإنتاج  الإعلامى والاعتداء على المعارضين ببعيدة.
 

 ما الذىأنجزه الإخوان تحديداً طوال هذا العام.. لماذا افتتحوا طريقهم السياسى بكل  هذه المعارك.. ولماذا غاب عنهم طرح أى مشروع حقيقى لانقاذ الاقتصاد الذى ينهار يوما بعد آخر؟ فى هذا الملف نرصد أهم المعارك التى خاضها الإخوان ومعها التيارات الإسلامية.. تقريبا ضد الجميع.
 


رغم أن المجلس العسكرى قد أعطى الرخصة للجماعات الدينية لإقامة أحزاب سياسية وكانت البداية لجماعة الإخوان المسلمين لبدء السيطرة والحشد للانتخابات البرلمانية، ورغم وعدها بعدم الاستحواذ إلا أن الاغلبية كانت للتيار الديني، واستمرت العلاقة بين الإخوان والمجلس العسكرى طيلة العام الحالى فى حالة من التوافق والحوار حتى إن الإخوان المسلمين شاركوا فى مظاهرات لتأييد المجلس العسكرى
 


  تحالفوا مع «العسكرى» ضد المعارضة وأطاحوا به بعد فوز مرسى بالرئاس

 كان تواجدهم بالميدان مع بداية العام للاحتفال بنجاح الثورة على نقيض وضع الثوار الذين طالبوا برحيل العسكر وتشكيل مجلس وطنى رئاسى وعدم الانتظار لوعود المجلس العسكرى، ولكن الإخوان كان لهم موقف مخالف ومؤيد لبقاء المجلس لحين اجراء الانتخابات الرئاسية وظل الوضع حتى حدوث الخلاف بين حكومة الجنزورى ومجلس الشعب وكان بداية الخلاف العلنى بين الإخوان والمجلس العسكري، ورغم ذلك تم تمرير أستفتاء مارس برضا الإخوان والمجلس العسكرى رغم رفض القوى المدنية، حتى يبدأ الصراع بين جماعة الإخوان المسلمين والمؤسسة العسكرية، حيث سحب جانبا من صلاحيات رئيس الجمهورية لصالح المجلس العسكرى الذى أغلق مؤسسته على نفسه وأعطى لقائده الحق فى تعيين قيادات الجيش وتقرير ترقياتهم، متخوفا من أن يعيد الرئيس الإخوانى الجديد تشكيل الجيش الوطنى المصري، وكذلك منح المجلس السلطة التشريعية بعد حل البرلمان لحين انتخابات برلمانية جديدة،  فى إشارة إلى أن القوات المسلحة لن تسمح للجماعة بالتمتع بنفوذ، وأكد على تحكم المجلس العسكرى فى تشكيل اللجنة التأسيسية وإكمال عملها من عدمه، ليبدأ الرئيس «الإخواني» أولى فترات الرئاسة مقتسماً السلطة مع المجلس العسكري، ولكن لم يلبث الرئيس أن استغل احداث رفح وأطاح بالمشير طنطاوى والفريق عنان والانتهاء من سلطة المجلس العسكرى لينفرد بسلطة الحكم بإلغاء الإعلان الدستورى المكمل الذى أصدره المجلس العسكري.
 


وحول طبيعة الصراع بين جماعة الإخوان المسلمين والمجلس العسكرى وانتهائه، وكيف وصلت الجماعة للحكم وتغلبت على سلطة المجلس وهل بنهاية عام 2012 انتهت سلطة المجلس العسكرى ام أن العام الجديد ربما يشهد تواجدا للجيش خاصة بعد تصريحات «السيسى «والتى توضح أن الجيش بجوار الشعب وانه لن يسمح بإهانة رموزه بعد تصريحات «المرشد».
 


يتحدث اللواء يسرى قنديل، الخبير العسكري، عن صراع المجلس العسكرى والإخوان المسلمين قائلا : «المجلس العسكرى قد تولى ادارة العملية الانتقالية وبالطبع كان الإخوان المسلمون والتيار الاسلامى هم القوة الأكبر بالشارع القادرة  على الحشد، واتبع المجلس العسكرى سبل الديمقراطية كما وعد وتم الانتهاء من الانتخابات البرلمانية ولم تكن هناك صفقات فى ذلك  وتم عمل التعديلات الدستورية والاستفتاء على المواد الدستورية ولأن القوى الاسلامية هى  القادرة على الحشد فقد جاءت النتيجة بنعم، وعند اقتراب الانتخابات الرئاسية كان الإخوان اكثر تنظيما  من أى قوى سياسية اخرى وحتى الآن لا يمكن التأكد من اللواء عمر سليمان او الفريق شفيق هل كان من مرشحى المجلس العسكرى لعدم وصول مرشح إخوانى أم لا، ولكن من المعروف أن المجلس عندما استشعر بالخطر أصدر الإعلان الدستورى المكمل حماية للبلاد واستغل الرئيس احداث رفح وتم إلغاء الإعلان الدستورى واستحوذ على جميع السلطات».
 


ويكمل: «لقدكان وجود المجلس العسكرى ضمان لاستقرار البلاد وعدم استحواذ  فصيل على الحياة السياسية، وللأسف اتهم المجلس بأنه تواطأ مع الإخوان وباع البلاد لهم والحقيقة مخالفة تماماً لتلك الاتهامات والدليل على هذا أنه بعد وصول الرئيس للسلطة قام بالانقلاب على المجلس العسكرى والثوار والقوى السياسية ولكن المجلس لم يكن بيده شىء لأنه كان لابد من تسليم السلطة بانتخابات نزيهة وكانت النتيجة للأقوى والأكثر قدرة على الحشد».
 

ويعلق أنه لا يمكن الحديث بأن عام 2012 قد شهد نهاية أكيدة لحكم الجيش، فتصريحات السيسى توضح أن للجيش كلمته الأخيرة إذا حدث فوضى وانقسام بين طوائف الشعب، ولعل الرد على تجاوزات المرشد خير دليل وتأكيد الفريق السيسى على حماية الحدود ومنع التوطين هى رسائل واضحة للإخوان المسلمين أن الجيش سيحمى البلاد ولن يرضخ لتحالفات مع أى قوى..ويكمل اللواء عبدالمنعم سعيد، الخبير العسكري، المجلس بالفعل دخل فى صراع مع الجماعة وحاول أن، يصون الأمانة ولكن تصميم القوى السياسية على تسليم السلطة دون وجود قوى سياسية فعالة إلا الإخوان المسلمين، جعل السلطة من نصيبهم، وللأسف الصراعات الحقيقة بين المجلس العسكرى والإخوان لا يمكن الإلمام بها جمعيا ً والتاريخ سيذكرها وسيوضح كم الضغوط التى تعرض لها المجلس العسكرى أثناء مهام الحكم  فى المرحلة الانتقالية ولا أعتقد أن الجيش سينوى الرجوع مرة أخرى للحكم حتى لو حدث الانقسامات.
 


ويفسر دكتور جهاد عودة، الباحث السياسي،  أن المجلس العسكرى كان يعمل على أن يحمى البلاد ولا يعود لسيناريو 1954 وهو السيناريو الذى خشيت القوى السياسية من حدوثه ووحدوا جهودهم للاطاحة بالمجلس العسكرى ولم يكن لديهم وعى بخطورة البديل إذاً لم يكونوا مستعدين فقد استحوذ الإخوان المسلمون والتيار الاسلامى على الأغلبية البرلمانية وشكلوا هم اللجنة التأسيسية ضاربين عرض الحائط بوعدهم بالمشاركة لا المغالبة، وبدأ الصراع العلنى بين المجلس العسكرى والإخوان بعد قرار حل مجلس الشعب وفقدان الإخوان لسلطة التشريعية التى حصلوا عليها وبالتالى تهدد لديهم مستقبل الدستور الذى يطمحون فى الوصول إليه، لذلك ركزوا جهودهم وضغوطهم من اجل الفوز فى الانتخابات الرئاسية وزاد الصراع بين الإخوان والمجلس حينما أصدر المشير الإعلان المكمل بنقل صلاحيات مجلس الشعب إليه وأختصاصة بتشكيل التأسيسية وغيرها من الامور وثار الإخوان ضد ذلك ورأوا أن المجلس العسكرى يريد الاستحواذ على السلطة، واستمر الرئيس والمجلس فى ادارة البلاد حتى اطاح «مرسى» بالمجلس العسكرى ولاقى الامر ترحابا  من القوى السياسية التى أيدت وصول «مرسي» ورفضت شفيق.
 


ويرى «عودة» أنه بنهاية عام 2012 والذى ظن الكثيرون أنه نهاية حكم العسكر يعود الجيش مرة أخرى على الساحة بتصريحات السيسى ورسائله لطمأنة الشعب ودعوته للحوار الوطنى الذى رفضه الإخوان، وتفويض الرئيس للجيش فى حالة التعبئة العامة وتصريحات «السيسى»بشأن حماية الحدود وكذلك الضبطية القضائية للجنود والضباط، وبالتالى ربما يشهد 2013 وجود بشكل ما للجيش إذا تطلب الامر ذلك.
 


ويرى الباحث جمال أسعد، أن الإخوان المسلمين قد بدأت علاقتهم بالثورة من أجل الاستغلال والاستحواذ على الحكم واستغلوا المجلس العسكرى والثوار والقوى السياسية والاسلامية ذاتها، فقد رفعوا شعار الدولة المدنية مع الثوار، ولكن بعد وصولهم لمجلس الشعب احتفلوا بالثورة ورحبوا بتواجد المجلس من أجل أن يسلمهم السلطة، وللاسف كان لضعف خبرة القوات المسلحة فى العمل السياسيى سبباً رئيسياً فى وصول الإخوان المسلمين للحكم وقاموا بتمرير التعديلات الدستورية تحت مسمى الشريعة ووصولا لححق تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور وخالفوا وعدوهم واستحوذوا عليها وكان ذلك بمباركة المجلس العسكرى لأن القوى السياسية فى ذلك الوقت قد شنت هجوما شديداً عليه ولم يجد سوى الإخوان سندا له.
 


ويكمل «أسعد» أن الخلاف الاساسى عندما رفض برلمان «الإخوان» حكومة «الجنزورى» وهدد العسكر بحل «الشعب» ، ومع اقتراب انتخابات الرئاسة كان المجلس العسكرى قد وصل لمرحلة من الاجهاد بسبب رفض القوى السياسية والثوار وتنظيم العديد من المظاهرات ضده ولم يشارك بها الإخوان وحدد المجلس موعد تسليم السلطة 30 يوليو 2012 وبعد وصول الإخوان انقلبوا على العسكر وعقبها انقلابهم على القوى السياسية والثوار وكل من عاونهم للوصول للحكم، وحتى الآن لا يمكن الحكم على علاقة المجلس العسكرى والإخوان بأنها كانت صفقات سياسية فالمجلس لم يملك الخبرة الكافية وكان دوره مهنياً وليس سياسياً واستغله الإخوان المسلمون، وانتهى الامر برجوع الجيش لثكاناته ورغم سعى الإخوان لاختراق الجيش بشكل غير علنى إلا أنهم لم يفلحوا فالجيش المصرى مؤسسة وطنية لا تقبل التقسيم.