الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مصر والبعد الأفريقي






حماد عبدالله حماد روزاليوسف اليومية : 17 - 10 - 2009



اهتمامنا بالعمق الأفريقي، وخاصة دول حوض النيل وعلي رأسهم "الحبشة" احتلت اهتمامنا الفترة الأخيرة ، بعد طيلة سنوات ، منذ خروج الدكتور بطرس بطرس غالي من الحكومة المصرية وتوليه سكرتارية الأمم المتحدة عام 1990، وأخذت دول أفريقيا تبتعد عن ساحة الاهتمام السياسي المصري ، إلا قلما أن كان هناك مؤتمر للمنظمة أو لقاء رئاسي سواء في مصر أو في إحدي زيارات السيد الرئيس التي يتطلبها العمل الإقليمي أو الدولي ولكن انقطع (الحبل السري) بين مصر وشقيقاتها الأفريقية، وهو (الحبل ) الذي وطده الدكتور غالي (الكبير) بعد أن زرعه وعمل علي غرسه الراحل جمال عبد الناصر ولعل الاهتمام الذي بزغ هذه الأيام، نتيجة "عبث" البعض في العلاقات المصرية الأفريقية (حوض النيل ) وتداخل قوي إقليمية ذات أهداف عدوانية ضد مصر ولعل تلك الأهداف تقع تحت بنود الضغط أو الارهاب السياسي ، أو تضييق الخناق علي الدبلوماسية المصرية رغبة في الحصول علي موافقة أو إتفاق أو علي الأقل عن "غض" الطرف" عن مشكلة ما !! أو المشاركة في تفعيل أدوار دولية في المنطقة رغم الرفض المحلي لهذه الأدوار كما هو الحادث علي سبيل المثال في (دارفور ) أو في حالة قرار محكمة الجنايات الدولية ضد الرئيس السوداني (البشير ) !! وكانت دائماً القيادة السياسية في وضع المتأهب لكل الاحتمالات ، ومشاركاً لصيقاً لكل ما يستجد من أحداث، حيث دور مصر حيوي ومحوري وواهب للحياة لأية فكرة سواء كانت علي هوي أصحابها أو ضدهم ، ولكن الأهم هنا هو اقتناع القاهرة بالدور الذي تلعبه في الوقت الذي أيضاً تحدده - من هنا سمعنا عن زيارة يعَدْ لها لوفد مصري كبير من رجال أعمال ووزراء معنيين بالإقتصاد والإعلام والتعليم والبحث العلمي وبالقطع الري والموارد المائية برئاسة الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء -وهذه بادرة طيبة في الإتجاه الذي يجب أن نعضده ، وأن نعيد قوة العلاقات البينية المصرية الأفريقية، ونعيد الحياة إلي (الحبل السري ) بين تلك الدول ومصر ولعل ذلك من غرائب الأمور التي تناسيناها علي مر العشرين عاماً الماضية، ومنذ رحيل الدكتور غالي عن وزارة الخارجية المصرية ولنا في تاريخنا عِبرَة -حيث جرت التقاليد بأن يقوم (بطريرك ) الإسكندرية برسم (مطران ) للكنيسة الحبشية من بين رهبان مصر ، وكان يتم في العادة ذلك بأن يرسل ملك الحبشة رسالة إلي سلطان أو ملك أو رئيس مصر وأخري إلي بطريرك الإسكندرية مع ما يصحب الرسالتين من هدايا لكل منهما ، حيث المكانة الرفيعة السامية في نفوس (الأحباش) لبطريرك الإسكندرية ورئيس مصر - وظلت الحبشة متمسكة بالأبوة الروحية للمصريين ، رغم محاولات دول أجنبية كثيرة تغيير تبعية الكنيسة الحبشية للكنيسة المصرية إلي غيرها من كنائس ، وقد تعرضت هذه العلاقة لفترات من التوتر، نتيجة للتأخير في رسامة المطران وإرساله إلي بلاد الحبشة وظلت هذه العلاقة حتي انتهي الجزء الهام من فصولها عام 1959 في عهد (هيلا سلاسي) حيث تم الإتفاق بين الكنيستين علي جعل رئيس الأساقفة الأثيوبي بمرتبة بطريرك ، وتتويج البابا (كيرلس السادس ) للأنبا"باسيليوس الأثيوبي ، بطريركاً علي كنيسة بلاده ، وتم ذلك في حفل مهيب بحضور الأمبراطور "هيلا سلاسي" بالكاتدرائية المرقسية بالقاهرة وبمباركة من الرئيس جمال عبد الناصر!!