السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

ستات مصر الجدعان

ستات مصر  الجدعان
ستات مصر الجدعان




فى يوم المرأة المصرية .. قصص نجاح لرائدات أعمال هزمن البطالة بمشاريعهن الصغيرة

 

كتبت - علياء أبوشهبة

تصوير:  مايسة عزت

فى يوم 16 مارس من كل عام يحل يوم المرأة المصرية ؛ وهو يوم تم تخصيصه للاحتفاء بكفاح سيدات مصر واختيار هذا اليوم يرجع لثورة المرأة المصرية وتظاهر أكثر من 300 سيدة بقيادة هدى شعراوى ضد الاستعمار الإنجليزي، واستشهاد حميدة خليل أول شهيدة مصرية عام 1919 ، وفى نفس اليوم عام 1956 حصلت المرأة المصرية على حقها فى الانتخاب والترشح.
تعتبر ريادة الأعمال فى مصر أحد أهم القطاعات واسعة النمو فى مصر، وتعتبر مفتاح التنمية الرئيسى للنهوض بالاقتصاد المصرى خلال الفترة القادمة وتحقيق رؤية مصر 2030 وتحقيقا لأهداف التنمية المستدامة، فى رصد لواقع ريادة الأعمال فى مصر، أطلقت الجامعة الأمريكية بالقاهرة تقرير المرصد العالمى لريادة الأعمال (GEM) Global Entrepreneurship Monitor Report، وهو دراسة مفصلة تتناول منظومة ريادة الأعمال جاء فيه أن النساء يشكلن 44% من أصحاب الأعمال فى المراحل المبكرة مقابل 35% فى أصحاب الأعمال التى أنشئت بالفعل.

فى يوم المرأة المصرية «روزاليوسف» تلقى الضوء على قصص نجاح لسيدات لم يعرفن معنى للانهزام والانكسار أمام وطأة الضغوط المادية ، وبإمكانيات ورأس مال بسيط تحقق النجاح وتمكن من تحقيق دخل لأسرهن ؛ بل وتوجيه أبنائهن لمشاركتهن متعة العمل وتحقيق الكسب الحلال، وفى جولة فى قرى » طموه«  و »أبوالنمرس « فى محافظة الجيزة التقينا رائدات الأعمال للتعرف على قصص نجاحهن.

أم هشام : اتعلمت إزاى أعتمد على نفسى

من خلف نقابها الأسود تستقبلك بعبارات الترحيب، الواحدة لازم تعرف تتكلم كويس مع الزباين عشان تكسبهم روت «أم هشام ، 37 سنة، لـروزاليوسف كيف تغيرت حياتها تماما للأفضل بعد عملها ؛ والذى تعتبر نجاحه أكثر ما تفخر به.
تقول أم هشام : كانت والدتى متشددة فى تربيتها لى ولأخوتي ؛ لم نكن نختلط بمن حولنا لدرجة أننى لم أكن أعرف كيف يمكننى التواصل مع الآخرين وواجهت عدة مشكلات بعد زوجى فى التواصل مع أهله وجيراني، فهى تمتلك محل ملابس تعمل به حتى الآن وكانت تعتبر أنها بذلك تحمينا من أى مضايقات ، لكنها فى الحقيقة كانت تحرمنا من الحياة.
بعد حصولها على دبلوم التجارة تزوجت وعمرها 18 سنة وأنجبت ابنتها الكبرى بسنت ثم ابنها الأوسط هشام، وتقول : شعرت بعدها بالملل والكبت الشديدين وطلبت من زوجى أن يسمح لى بالعمل ووافق بالفعل عملت فى فصول محو الأمية التابعة لإحدى الجمعيات الشرعية وكانت سعادتى لا توصف كلما نجحت فى محو أمية السيدات، وشعرت بالفخر عندما تم تكريمى فى المسجد لكفائتي، حتى أنجبت ابنى الأصغر محمد؛ وهنا توقفت عن العمل لفترة من الزمن.
مع قيام ثورة يناير وما تبعها من أحداث سياسية لم يعد دخل الزوج الذى يعمل محاميا دخلا مستقرا، وهنا فكرت أم هشام فى العمل، ومن خلال رأس مال بسيط وأمام محل الملابس الخاص بوالدتها كانت تبيع المفارش، تقول أم هشام : لم أكن فى البداية أفهم ما الذى يمكننى فعله اشتريت البضاعة ووزعتها ما الذى أفعله بعد ذلك لم أستوعب الأمر فى البداية  .
كانت الخطوة التى ساعدت أم هشام على تحقيق اللبنة الأولى فى طريق النجاح من خلال الندوات التثقيفية التى حضرتها مع هيئة بلان انترناشيونال ايجيبت وتعلمت من خلالها كيفية وضع ميزانية وإدارة المشروعات ودراسة السوق، تقول:  أصبحت أدرس السوق جيدا وأعرف متطلبانه حتى لا أشترى بضاعه غير مرغوب فيها ويضيع رأس المال  . تمكنت أم هشام من الحصول على قرض من صندوق الإدخار، وهو نظام تم التدريب عليه مع هيئة بلان انترناشيونال ايجيبت، وهو عبارة عن صندوق تدخر فيه مجموعة من السيدات داخل القرية أموالهن ويتم إدارته من خلالهن ويمنح قروضا خدمية وهى بدون فائدة لسداد أقساط أو مصروفات على سبيل المثال، ويمنح قروض استثمار وتحدد المجموعة نسبة الفائدة على القرض. تقول أم هشام :  بعد فترة من العمل تمكنت من تأجير محل صغير وبالتدريج وصلت إلى المحل الحالى الأكبر، وكنت أبيع المفروشات وجهاز العروسة ثم أصبحت أبيع سلعا أخرى مطلوبة ؛ مع بداية دخول الدراسة أبيع الكشاكيل والأدوات المدرسية ، ومع الأعياد أشترى الألعاب البسيطة وكذلك قبل عيد الأم ؛ فقد تعلمت دراسة احتياجات السوق ومتطلباته وتوفيرها، ويشاركنى العمل أبنائى الذين أترك لهم نسبة الربح للسلع التى يبيعونها وأحصل فقط على رأس المال ، وهم أيضا اشتركوا فى صناديق إدخار. تشعر أم هشام بالسعادة لأن شخصية ابنتها بسنت اجتماعية وتجيد التواصل مع جميع الأعمار وتحسن ترويج البضائع، وهو ما كانت تفتقده من قبل وتعلمت من خلال عملها كيفية التواصل مع الناس ، وتقول إنها تنظم وقتها بين بيتها حيث تقوم بمهامها المنزلية وتنتظر قدوم أبنائها من المدرسة ليتناولوا غداءهم معا ثم تفتح المحل وتستمر فى البيع حتى الساعة العاشرة وربما منتصف الليل إذا تطلب الأمر ذلك.
بعد نجاح المشروع وتطوره حدثت المفاجأة التى لم تكن أم هشام تتوقعها؛ وذلك بوفاة زوجها، وتقول : من فضل الله أننى تمكنت من البدء فى المشروع قبل وفاته لأن معاش نقابة المحامين 900 جنيه ؛ لا تكفى ولا تسمن من جوع .

أم جنى : الواحدة لازم يكون ليها قرشها

من صغرى بحب المشاريع وأول مشروع عملته كنت فى تالته إبتدائى عملت زلابيا وبعتها ، بهذه العبارة بدأت أم جنى، 33 سنة، حديثها لـروزاليوسف والابتسامة تكاد لا تفارق وجهها وهى تؤكد على قيمة وأهمية عمل المرأة وهو ما تعلمته من والدتها التى كانت تعمل صيادة سمك بصحبة والدها الصياد أيضا .
تقول أم جنى إن التوقف عن العمل بمثابة موت لها فالأمر لا يقتصر على النقود فقط لكنها تشعر بأنها مفيدة لنفسها ولمن حولها وليست عبئا على زوجها، وهو ما تقتنع بأنه سبب فى مشاكل كثيرة من معارفها ؛ وهو توالى الضغوط المادية على الزوج فى أن الزوجة يمكنها أن تكون منتجة.
أحب الماكياج وأجيد وضعه لنفسى وللأخريات وكنت أفعل ذلك مثل أى كوافير محترف من منزلي ، ولكن بعد زواجى وإنجابى لم أتمكن من ذلك، فكنت أكتفى ببيع أدوات التجميل للجيران والصديقات والمعارف ، تقول أم جنى ، والتى يقطع حديثها وجود صغيرات يطلبن منها شراء اكسسورات وخواتم ، تلبى طلبهم بكل صبر.
تكمل حديثها قائلة إن حسن المعاملة هو ما يميز بائع عن أخر وهو ما تعلمته قبل أن تؤسس مشروعها برفقة شقيقتها ، كما تعلمت أيضا تقسيم الأدوار؛ وهو ما يبعد عنهما أى خلاف ويعزز من قدرتهما على العمل سويا ؛ وهو ما تعلمته من خلال الدورات التثقيفية التى نظمتها هيئة بلان انترناشيونال ايجيبت.
من خلال قرض من صندوق الإدخار تمكنت الأختان من شراء البضائع المناسبة لمكتبة منحها والد زوج اختها المقر الخاص بها لتشجيعهما، ليقوما بتقسيم مهام العمل عليهم، تقول أم جنى : يدرس أبنائى فى المدرسة فى الفترة الصباحية ؛ لذلك أتواجد فى المحل فى هذا الوقت ، بينما يدرس أبناء أختى فى الفترة المسائية ، لذلك تحضر للمحل بعدى وفى الفترات البينية يتواجد زوج أختي. كانت بداية المشروع من خلال الأدوات المكتبية ثم تطور الأمر لبيع اكسسورات الفتيات ثم إلى أدوات التجميل ، وتقول : نصحنى زوجى بشراء ماكينة تصوير تعلمت أنا وأختى كيفية استخدامها، كما تعلمنا كيفية استخدام الكمبيرتر فى الكتابة وطباعة المستندات ؛ وبذلك تطور المشروع وزاد رأس المال من خلال الجمعيات التى أشارك فيها أنا وأختي.  أنا طول عمرى مقتنعة أن الست لازم تشتغل وتساعد جوزها وتقف معاه ويكون ليها قرشها ، تقول أيضا إنها تمكنت من تحسين مستواها المعيشى ما انعكس بدوره على حياة بناتها، وهو ما يشعرها بالسعادة لقدرتها على المشاركة فى مسئوليات الحياة إلى جنب زوجها.

أم شيماء قصة نجاح ملهمة

الرغبة فى العمل والإنتاج هى التي سيطرت على الست نادية أو كما يعرفها أهالى قرية أبوالنمرس التى تقيم فيها وكذلك قرية عرب التل المجاورة لقريتها؛ لأن صيت نجاحها وعلاقاتها الاجتماعية يتجاوز حدود قريتها ، طوال 14 سنة كتمت كل طاقاتى وكانت أيامى متشابهة كل يوم مثل الأخر بين المأكل والمشرب والأعمال المنزلية وتنتهى حياتى عند هذه السلسلة المتشابهة.
حصلت نادية ، 37سنة ، على دبلوم التجارة ثم تزوجت وعمرها 17 سنة وأنجبت أبناءها الأربعة، ووقف أمام رغبتها فى العمل رفض والدة زوجها وذلك لارتباطها بأداء الأعمال المنزلية ، كما أن زوجة الأخ الأكبر لزوجها كانت تعمل ، أجبرت على البقاء فى المنزل وبعد 14 سنة من زواجى خرجنا من بيت العائلة ووجدت نفسى أبدأ من الصفر مع زوجي، لم أشعر أبدا أنها نقمة بل على العكس شعرت أنها منحة من الله، وبدأت أولى خطواتى فى العمل والبحث عن باب رزق، بموافقة زوجى ودعمه. تضحك وهى تتذكر محاولاتها الأولى للعمل والأخطاء التى كانت تقع فيها، تقول أم شيماء إنها كانت لديها محاولات تنتهى غالبا بالفشل بشراء دواجن وبيعها بالإجبار للمقربين منها ، وكان يموت أغلبها ، ولم يكن لديها قدرة على تحقيق مكسب ولا الاهتمام بما تبيعه وتقديمه فى صحة جيدة ، ثم عملت رائدة ريفية فى قرية عرب التل المجاورة لقريتها والتى لم تكن تعرف فيها أحدا، ولكن بعد ثورة يناير لم تتمكن من الاستمرار بسبب أن عمرها تجاوز الثلاثين ولا يمكن تحرير عقد تعيين لها. 15 يوما، هى الفترة التى شعرت فيها أم شيماء بالإحباط لكن سرعان ما طردت هذا الشعور من نفسها وذهبت إلى قرية طموه فى الجيزة للبحث عن فرصة عمل فى إحدى الحضانات فى جمعية تنمية المجتمع فى طموه تعرفت على هيئة بلان إنترناشيونال إيجبت وعملت مندوبة لهم فى قرية عرب التل، ومن خلال عملى تمكنت من معرفة نظام صندوق الإدخار والحصول على قرض منه والأهم أننى عرفت كيفية إدار المشروعات وتحديد الميزانية وتجنب الخسارة.
الأرانب هى وش السعد كما تسميها أم شيماء وتضحك عندما تتذكر أول أربعة أرانب بدأت بها مشروعها بعد الحصول على قرض وتقول إنها لم تكن تمتلك ثمن شراء بطارية لتربية الأرانب وتمكن زوجها من الحصول على ماسورة غير مستخدمة للصرف الصحى وقام بتقطيعها ووضع الأرانب فيها وبالفعل نجح المشروعات وتمكنت من استرجاع رأس المال وتوسع المشروع بتربية الدواجن والمواشى والبط والذى تقول إنها تبيعه حسب الطلب، تعلمت عدم إهدار رأس المال فى سلعة غير مطلوبة.
تكمل بأنها تمكنت من شراء جاموسة صغيرة قامت برعايتها وكانت تبيع لبنها فى قريتها والقرية المجاورة لها، وبالتدريج توسع المشروع وأصبحت تربى الحيوانات فى الساحة السفلى فى المنزل وأعلى السطح ، كما قامت باستئجار أرض زراعية بالقرب من منزلها تخزن فيها الماشيه ويزرعها زوجها بالبرسيم وغيرها من النباتات التى تتغذى عليها الماشية، وبذلك تتمكن من توفير قيمة ما تشتريه من طعام للماشية.
توزيع الأدوار هى المهارة التى تعلمتها أم شيماء مما حضرته من ورش ودورات تدريبية ، وتقوم بالفعل بتطبيقه فى منزلها ؛ حيث يشارك كل أفراد أسرتها فى رعاية المواشى والدواجن من خلال تقسيم الوقت بينهم، فهى إلى جانب مشروعها تدرس فى السنة الثالثة بكلية رياض الأطفال لكى تتمكن من تحقيق حلمها فى تأسيس حضانة للأطفال تكون ابنتها مديرة لها، وبسؤالها عن الدافع الذى حفزها لتحقيق هذا النجاح خلال السبع سنوات الأخيرة قالت  الكسرة هى اللى بتقوينى وخلتنى أعمل كل ده إحنا ليل ونهار شغالين.