الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

واحة الإبداع.. وأصابنى الكبر

واحة الإبداع.. وأصابنى الكبر
واحة الإبداع.. وأصابنى الكبر




اللوحات للفنانة
أسماء الدسوقى

يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة «على ألا تتعدى 055 كلمة» على الإيميل التالى:    

[email protected]


 

قصة قصيرة:

وأصابنى الكبر

كتبتها - مروة فتحى

كم صباح مر على عيناى منذ تركت رحم أمى فى مثل هذا اليوم؟،
رحلة طويلة تمنيت خلالها ألا أصل لهذا العمر «للستين»، ولكن شاء الله أن أصل إليه وأحبه أكثر من أى وقت مضى،
لا تتعجبون فأنا أحببت حياتى منذ خمسة أعوام بقدر لم أعهده منذ طفولتى،
كنت طفلة مدللة لأسرة متوسطة الحال تربيت على الحب وقابلت فى الجامعة زوجى وعشقته من أول لقاء وتزوجنا فى ظروف عادية عقب التخرج وكل الأمور كانت تجرى على نفس الوتيرة المعتادة فى كل بيت، مشكلات، لحظات حلوة، خلافات ومصالحات، والحياة تمر، أنجبت ثلاثة أبناء تزوجوا جميعا وتركوا المنزل، آخرهم منذ ستة أعوام مضت..
عانيت كثيرًا فى بداية زواجى من الأعباء والمشكلات المادية وعدم الاستقرار وتدخلات الأهل ثم مشكلات الأبناء والمراهقة وترتيبات الزواج والجهاز، وحتى طفل ابنتى الأول الذى كنت أنا والدته لا هى، ورحل عنى أكثر أحبائى قربا، مرت على أوقات كثيرة، بكيت وتمنيت الموت وأحسست أن اختيارى خاطئًا، وليتنى ما تزوجت ممن أحب، بل ممن يستطيع تحقيق أحلامى وتوفير متطلبات الرفاهية لى ولأولادى فلم يكن لدينا متسع أن نحتفل بمولدى كل عام أو نسافر معًا بل معظم أوقاتنا كنا نقضيها فى الخلاف،
وبعد زواج ابننا الأصغر أصبحنا بمفردنا فى المنزل، لم أكن أجد ما أقوله له، سافرت ابنتنا للخارج مع زوجها وولداى منشغلين بحياتهما وهو يذهب لعمله وأنا أجلس فى المنزل الفارغ وقد قلت الأعباء المنزلية أو تكاد تتلاشى، حتى فاجأنى منذ خمسة أعوام بأنه حصل على معاش مبكر ولم يعد هناك داع للعمل، فالمعاش يكفينا وأبناؤنا مستقرون ولا يحتاجون شيئًا،. ووافقته على مضض، وفى نفس الشهر كان مولدى حضر أبنائى وأقاموا احتفالًا صغيرًا كعادتهم كل عام ورحلوا وكان زوجى صامتًا لا يتكلم، وفى اليوم التالى طلب منى أن ارتدى ملابسى على عجل كنت قلقة على الأولاد وحاول فى الطريق أن يطمئننى وتوقف أمام مطعم متواضع أعرفه جيدًا، كنت دوما أطلب منه أن يحضرنى إليه فى شبابى لأن والدتى اعتادت اصطحابى إليه فى طفولتى والعمل والأبناء وضيق الحال لم يعطنا متسعًا من الوقت ونسيت أمره، وفتح باب السيارة وأمسك يدى ونزلت على عكازى الخشبى وأنا متعجبة وما زال زوجى لا يتكلم ولم أكن متضايقة فطول عشرتنا جعلتنى لا أمل من صحبته الصامتة فهو قليل الكلام دوما، وقلت له «لماذا هنا الآن وبعد هذه السنوات.. هناك مطاعم كثيرة أفضل؟»
وفور أن دخلنا إلى المطعم الصغير رأيت زينة واسمى معلق على الحائط وجميع العاملين يغنون لى وكعكة ميلادى ابتسم لى «كل عام وأنت طفلتى»
وقبل أن أسأل أجاب :. «بعد هذه الرحلة الطويلة آن الأوان لأن نحقق أحلامنا وأسعدك كما تمنيت طوال حياتى «
ووجدت هدية مولدى عند عودتى للمنزل هى عروسة صغيرة كنت أحبها كثيرًا ومزقتها ابنتنا»
«أتذكر كل هذه التفاصيل»
«ولم أنس شيئًا يومًا وتمنيت أن يطول العمر لأعوضك عن كل شيء»
وأخرج مفكرته القديمة التى يحتفظ بها منذ بداية زواجنا ولم أكن أعلم ما بها أو اكترث لها، ورأى بها كل شيء حلمت به مدون بالتاريخ وكل طلب لم تسنح الفرصة لتحقيقه وكل مرة بكيت بها.. كان زوجى دوما يهتم بتفاصيلى ولم أكن أدرى.. كان يجلس إلى جوارى فى مرضى وأنام على كتفه دوما.. كل تفاصيلنا الحلوة حضرت والمرة ذهبت، الآن فقط أقول أحسنت الاختيار..
ومنذ هذا اليوم ونحن نحيا أجمل أيامنا معا ونحتفل كل عام بشكل جديد وبمناسباتنا الخاصة كل تفاصيل حياتنا مبهجة، أنا اليوم انتظر مفاجأة زوجى، «هل أنت جاهزة يا حبيبتى لمغامرة أول يوم لك فى الستين يا عجوز؟»
«نعم يا زوج العجوز»
وبعد ساعة بالسيارة: «الملاهى أنت مجنون فى سننا هذه ملاهى ؟»
«أحبك ياعجوز قلبى».