الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«عطية» يرد على «عصفور»: نحن فى «زمن الدراما»

«عطية» يرد على «عصفور»: نحن فى «زمن الدراما»
«عطية» يرد على «عصفور»: نحن فى «زمن الدراما»




كتب – خالد بيومى

 

صدر حديثا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة كتاب «زمن الدراما» للناقد المسرحى الدكتور حسن عطية، أستاذ المسرح بأكاديمية الفنون وفيه يرد على مقولة «زمن الرواية» للدكتور جابر عصفور، والتى أطلقها عام 1999، وصدر كتاب له يحمل نفس الاسم، وداعما رأيه بحصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل عام 1988، والتى تنحاز بدورها للرواية والشعر باعتبارها جائزة أدبية وليست فنية. وحصل عليها العديد من كتاب الدراما المسرحية مثل: «رومان رولان، وبرناردشو، وبيراندللو ويوجين أونيل، وصمويل بيكيت، وول سونيكا، وداريو فو، وهارولد بنتر»، وعقب فوز محفوظ، بجائزة نوبل اتجه العالم لترجمة رواياته وتنافست مبيعاتها على المراكز الأولى دوليا لمدة عام كامل.

 ثم تراجعت بعد حصول الروائى الإسبانى كاميليو خوسيه ثيلا على جائزة العام التالى 1989، ودارت بمصر والعالم العربى المعارك الكلامية وقتها حول الروائى والرواية ومبررات الفوز مما جذب عددا كبيرا من الشباب لولوج هذا العالم المثير للدهشة، جنبًا إلى جنب من كانوا يكتبون من قبل.
ويرى عصفور أن الرواية هى ديوان العرب المحدثين، وأن زمن الرواية يوجد حين يغدو التمرد على الأنساق المغلقة بداية انهيار هذه الأنساق، وحين يواجه الوعى الإبداعى ما يعوق تقدمه. ويرى عطية أن هذا القول غير بعيد بالمرة عن جنسى الشعر والدراما، فالشعر العربى الحديث بدأ منذ نهاية أربعينيات القرن الماضى بالتمرد على الأنساق التقليدية المغلقة وما زال يواصل تمرده حتى يومنا هذا مستشهدا بقول فاروق شوشة، بأن العقود الثلاثة الأخيرة شهدت أسماء شعرية كبرى، انتشرت أعمالها، وحقق بعضها ملايين النسخ، مما يعنى وجود جمهور متلق لها لا يزال يفوق بكثير الجمهور القارئ للرواية.
والأمر كذلك بالنسبة للدراما المسرحية – والكلام لعطية- التى عرفناها فى نفس زمن معرفتنا للرواية، فكلاهما نتاج نهضتنا العربية فى القرن التاسع عشر، وتعلق عيوننا بفنون وآداب الغرب الأوروبى المتقدمة، منذ خمسينيات القرن الماضى تغيرت أبنية الدراما المسرحية فى مصر والوطن العربى وما زالت تتغير كل مرحلة زمنية، وذلك بمواجهة وعى صناعها لما يعوق تقدم هذه الأبنية ومحتوياتها الدلالية، بل أن هذه الدراما قد نشأت مسرحيًا، سرعان ما تسللت للسينما والإذاعة والتليفزيون، وصارت خبز العامة والنخبة معا، لاعتمادها على الصور المرئية والحوار المسموع، مما لا يتطلب تعليمًا أبجديًا بالمرة، وهو ما تحتاجه الرواية، إلى جانب مستويات تعليمية وثقافية قادرة على متابعة المستحدث من أساليب السرد الروائى، والاحتكام لمعيار الجمهور الذى أشار إليه فاروق شوشة سيكون بالحتم لصالح الدراما المسرحية التى يشاهدها المئات والسينمائية التى يقبل عليها الآلاف والدراما الإذاعية والسينمائية التى تتابعها الملايين.
كما تتميز الدراما بالقدرة على تحقيق ديمقراطية الحوار المنشودة، والعمل على تثوير وعى المتلقى أو تغييبه، فضلا عن غياب الكاتب المهيمن، وقدرة الشخصيات على تحقيق استقلاليتها وامتلاك حق تعبيرها عن ذاتها وتحمل مسئولية ما تفعله، ومنطقية حركة الوقائع وتطور الحدث الدرامى والعلاقة المنطقية بين نتائجه ومقدماته، مما يجعلها تجسيدًا حقيقيًا للديمقراطية المنشودة والوعى الصحيح بالواقع، والتعبير عن قضايا الواقع الساخنة، وإذا احتكمنا لمعيار حجم التأثير والتشابك مع حركة الحياة أو حجم الجمهور المتلقى، سنصل أننا نعيش بالفعل زمن الدراما، والتى صارت فضاء العرب المعاصرين وساحة تواصلهم مع العالم.