الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

إنصاف غربى لحقيقة الإسلام

إنصاف غربى لحقيقة الإسلام
إنصاف غربى لحقيقة الإسلام




فى ظل ظهور الحركات الإسلامية واختلاط المفاهيم المتعلقة بالجهاد، وما يطلق عليه «الإسلام السياسي» صدرت فى إسبانيا العديد من الكتب التى تناقش وجود هذه الحركات وتطورها وأهدافها. وفى هذا السياق نشر الباحث والخبير فى الحركات الجهادية «دانييل ماثياس فيرناندِث» كتابًا فى أبريل من عام 2015 تحت عنوان: «الإسلام والإسلاميون: الدين والفكر» فى دار نشر فينبيسبول، وتبلغ عدد صفحاته 176 صفحة من القطع المتوسط. وتتبلور فكرته الرئيسية حول حقيقة الإسلام وعلاقته بالفكر الدينى للحركات المتطرفة وكذا التطرف ذى الطابع المتأسلم. ويؤكد الكاتب أن ثمة علاقة بين الإسلام وهذه الحركات باعتبار مؤسسيها وأعضائها مسلمين، لكنها علاقة غير منطقية وغير مبررة. ومن هذا المنطلق يُفند الكاتب على أساس علمى الأحكام المسبقة والثوابت الغربية حول العالم الإسلامى وظاهرة الإسلاميين المعاصرين، كما يناقش مفهوم الحرب التى أشعلتها الجماعات المتطرفة منذ تسعينيات القرن الماضي، وينتقل منها إلى الحروب المعاصرة أو ما يسمى بحروب الجيل الرابع أو «الحروب اللا متماثلة».
ويهتم الكاتب بتفصيل قضايا شائكة عن الإسلام مثل الإسلام والعنف، وهى قضية تتمثل فى السؤال: هل الإسلام دين عنف أم أنها اتهامات باطلة توجّه إليه؟   
ويصف الكاتبُ الحركات الإسلامية بأنها حركاتٌ سياسية–فكرية «معاصرة»، أو هى نوع من العقيدة السياسية، ويناقش حقيقة فكرة ظهورها كنوع من مقاومة القمع باعتبارها حركات للتحرر. كما يعرض وعود المنظمات والحركات الإسلامية لتابعيها بمستقبل تسود فيه الحرية والرفاهية. ويتطرق إلى مصطلحات مثل «دار الإسلام» و «دار الحرب» وكيف تُفسرها هذه الحركات وتطبق المفاهيم المتعلقة بها، بالإضافة إلى حديثه عن الكيان الصهيونى كمحفزٍ دائمٍ للحركات الإسلامية المتشددة.
من جانب آخر، يناقشُ الكاتب فكر زُعماء الحركات الإسلامية ومفكريها، والذين انطلقوا من «ثورة محافظة» أو –حسبما يقول- الثورة الإسلامية ذات الصبغة الشيعية، كما يشير إلى تطور الحركات الإسلامية خلال القرن العشرين. ويجيب الكاتب عن كثير من التساؤلات حول أصول تنظيم القاعدة وأفكاره واستراتيجياته عبر الدول للحرب والهجوم. ويَنصحُ الكاتب فى نهاية الكتاب بالتأنى فى الحكم على العالم الإسلامى لأنه –كما يرى- متشابك ومتنوع، لذا فإنه ينبغى تجريد الرأى حوله من الأحكام المسبقة وكذا تحكيم العقل فيما يثار حوله من آراء.
والخلاصة أن الكاتب يحاول الاقتراب من الحقيقة الكامنة وراء جبال العُزلة التى صنعها الغرب مع العالم الإسلامي، ويؤكد على ضرورة تبنى الموضوعية فى الحكم على هذه المنطقة من العالم وفى الحكم على الإسلام والمسلمين عموماً.
ويرى مرصد الأزهر أن النظرة الموضوعية التى يتمتع بها الكاتب، والتى تبدو واضحة فى كتابه، تعد مزية مهمة لا تتوافر عند الكثيرين، إذ إن الأقلام المهاجمة تحاول دائماً تشويه الحقائق وقلبها، وهى صفات لا تتفق ورسالة القلم التى ينبغى أن يتحلى بها الكتاب والمفكرون. كما يؤكد المرصد على ضرورة التفريق بين الإسلام والحركات التى تنسب نفسها إليه، لأن روح الإسلام السمحة وشريعته النقية ومصادره المنزهة تأبى وصمه بالعنف أو الإرهاب أو استباحة الدماء، لأنه دين الإنسانية والرحمة والرفق والسلام.