الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«حكمة الشرق وعلومه» ارتحال فى عوالم اللغة العربية

«حكمة الشرق وعلومه» ارتحال فى عوالم اللغة العربية
«حكمة الشرق وعلومه» ارتحال فى عوالم اللغة العربية




كتب - خالد بيومى

 

ضمن سلسلة عالم المعرفة بالكويت كان صدور الترجمة العربية لكتاب «حكمة الشرق وعلومه.. دراسة العربية فى إنجلترا فى القرن السابع عشر» للمؤرخ وعالم الفلك البريطانى جيرالد جيمس تومر البروفيسور بجامعة كمبردج، والذى نقله إلى العربية د.أحمد الشيمى أستاذ الأدب الإنجليزى بجامعة بنى سويف.

يتابع القارئ فى هذا الكتاب واحدة من رحلات اللغة العربية إلى العالم الغربي، وإلى إنجلترا بصفة خاصة، وكيف حرص الأوروبيون عامة والإنجليز بصفة خاصة على الإلمام باللغة العربية، وبذلوا الغالى والنفيس بحثاً عن مخطوطاتها، والوقوف على عبقريتها.
ومن المعروف أن القرن السابع عشر من أهم القرون فى تاريخ الأمة الإنجليزية التى بدأت تشق طريقها بين الأمم الأوروبية الحية، وبدأت تتجاوز عصر النهضة بما فيه من تقلبات وتغيرات إلى بدايات عصر الحداثة الفعلي، فقد تطور نظام الحكم ليتجاوز النظام القبلى ضيق الأفق إلى نظام الدولة بما يعنى مشاركة الأطراف الثلاثة فى الحكم: البرلمان والحكومة والدستور الذى يقوم حكما بين الشعب والبرلمان أو المتخاصمين على اختلاف مشاربهم، كما خفت وطأة التناقض بين العلم والدين فى إنجلترا القرن السابع عشر، وانتصر المفكرون الأحرار للعقل فى وجه الخرافة والتطور.
وفى تلك الفترة نشأت علاقات تجارية بين بريطانيا والعالم الإسلامى الذى كان ينشر أضواءه الثقافية والعلمية  فى كل مكان، وكانت بريطانيا تلهث وراء علوم العربية وآدابها.
وكان الملك تشارلز الأول مغرما بجمع المخطوطات العربية والفارسية، وفى عام 1946 ظهرت أول ترجمة للقرآن الكريم لروبرت روس، وبدأ تعلم اللغة العربية فى بلاط الملك هنرى الثانى 1133- 1189، وهو العهد الذى تأسست فيه جامعة أكسفورد التى كانت إرهاصاً لجامعة كمبردج التى تأسست عام 1209.
ويروى الكاتب قصة إنشاء كرسى للغة العربية فى تلك الجامعتين الكبيرتين، يكشف جون ورثنجتون فى إحدى رسائله لجون بل عن موقفه فيما يتصل باللغات الشرقية فيقول: «واجبنا دفع بعض الموهوبين إلى دراسة اللغات الشرقية وتشجيعهم على السفر إلى مصر وبلاد فارس ليتمكنوا من شراء الكنوز الفكرية التى تفيدنا فى إثراء المعرفة عندنا، فليس من المستساغ أن ينصب اهتمامنا على أصماغهم وتوابلهم، مما يضيف إلى بذخنا وغرورنا، أكثر من اهتمامنا بفكرهم، وما يحتفظون به فى خزائنهم من قديم التراث الذى كان فخر عصورهم».
ويعد وليام بدول أول إنجليزى بعد العصور الوسطى يأخذ على عاتقه دراسة العربية بطريقة جادة ورصينة وقد ألف القاموس العربى عام 1596، وطبقت شهرته كمستعرب الآفاق خارج إنجلترا، كما عمل مترجما للحكومة مع قادة يتحدثون العربية، كما ترجم إلى العربية الكتاب المقدس، وأباطيل محمد .
كما ترجم سليدن مخطوطات لابن سينا وكتاب الجغرافيا للإدريسي، وأشهر كتبه آلهة السوريين، ويذكر باسور أن مكتبة البودليان ضمت بعض المراجع المهمة فى اللغة العربية منها القانون فى الطب لابن سينا، وجغرافية النوبة، وعناصر إقليدس، ومخطوطة التوراة باللغة السريانية،وأربع نسخ من القرآن، وكتاب تفسير الأحلام لأبى سعيد نصر الدينوري، كما قام إدوارد بوكوك بشحن كنوز المخطوطات العربية إلى إنجلترا عقب قيامه بجولة فى دول المشرق مثل مجمع الأمثال للميدانى الذى يضم ستة آلاف مثل، والفهرست لابن النديم، ولامية العجم للطغرائي.
يقدم الكتاب فرصة للباحثين الذين يريدون رصد هذه الدراسات، والتعرف على رحلة المخطوطات المتصلة بتراثنا والمنجز العربى فى مجال نقل الحضارة اليونانية والرومانية إلى اللغة العربية، وكيف استفاد الغربيون من هذا النقل بعد يأس من العثور عليها فى نصوصها الأصلية، ولكن العرب لم يكتفوا بالنقل فى تلك الأزمنة، بل شرحوا هذه الحضارة وفسروها كما فعل ابن رشد الذى لم يكتف بنقل فلسفة أرسطو إلى العربية وأضاف إليها.