الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

صفعة المصريين في إسرائيل للعريان




كانت دعوة الدكتور عصام العريان مستشار رئيس الجمهورية والقيادي بحزب الحرية والعدالة وعضو مجلس الشوري المصري لليهود المصريين المهاجرين لإسرائيل بالعودة لمصر والحياة بها صدمة كبري لقطاع كبير من المصريين لم ينس محاولة الاغتصاب الإسرائيلي للأراضي المصرية في حروبنا مع إسرائيل والمجازر والقتل الجماعي للأسري بعد نكسة 1967 وحتي الآن يقتلون بعض جنودنا في سيناء ويتم القبض علي جواسيسهم في شوارع مصر وكذلك هم من يغتصبون الأراضي العربية في فلسطين ويقتلون أشقاءنا ليل نهار ويجهضون القضية الفلسطينية فجميعنا يعرف ويعيش تاريخ الإرهاب الصهيوني في منطقة الشرق الأوسط.

والأغرب أن تصريحات العريان ليست من قبيل تصريحاته التي يتراجع عنها أو يبررها كعادته ولكنه يصمم علي حقهم في العودة لوطنهم مصر ولم يسأل نفسه عن سر هجرتهم وهل كانت برغبتهم عبر عمليات تهجيرهم لبناء الوطن الموعود في فلسطين أم كان هروباً من النظام الناصري ولم يسأل نفسه كيف لمواطن إسرائيلي يعيش في مجتمع يكره العرب والمصريين وخدم في سلاح الجيش الإسرائيلي أن يعود لمصر وهل سيتقبلهم المصريون وكيف سيتعايشون معنا وهل نثق بهم ويعملون معنا ويستثمرون في بناء مصر.. أسئلة كثيرة وكثيرة تحتاج لمئات المقالات حول عودة اليهود المصريين في إسرائيل لمصر.
الصدمة الكبري التي نشرتها أحد المواقع الإسرائيلية «موقع بانيت» كبيان صحفي ورسالة لشخص يدعي عازي نجار رئيس جمعية مهاجري مصر اليهود شكر فيها الدكتور العريان علي عرضه بالعودة لمصر ولكنه قدم عدة تساؤلات للعريان حتي يوافقون علي العودة ومنها هل ستوفر له الحكومة منزلاً وسكناً محترم أم سيعيش مع أهله أم سيعيش مع مئات الآلاف في المقابر وهل ستوفر له الحكومة عملاً أم سيبقي عاطلاً إلي جانب ملايين الأكاديميين في مصر وهل سيكسب قوت يومه بكرامة أم سيضطر للاكتفاء بأربعة أرغفة يومياً من العيش وهل سيحظي بحياة ديمقراطية كريمة أم لا وتساؤلات أخري لا داعي للخوض فيها والأهم هو هذه الأسئلة المشروعة التي تدور حول وضع حياتهم في مصر.
أعتبر أن رسالة عازي نجار بمثابة الصفعة علي وجه عصام العريان والرئيس والحكومة المصرية فالرجل يقول لهم قبل أن أعود لمصر أريد أن أري هذا الشعب يعيش حياة كريمة عبر سكن ملائم وعمل محترم وحياة ديمقراطية سليمة ويعرض الحقيقة بلا خجل أو خوف فهو يرسل لهم رسائل سريعة عليكم الاهتمام أولاً بشعبكم الذي يعيش في المقابر ولا يجد المسكن والمأوي الآدمي الذي يعيش فيه ولا يجد العمل المناسب فعلي حد قوله ملايين الأكاديميين عاطلون عن العمل ويتساءل عن كرامته كمواطن له حق الحياة والممارسة الديمقراطية وهذا المصري اليهودي له كل الاحترام والتقدير علي أسئلته ولكنها ناقوس خطر كبير يدق علي تراجع صورة المجتمع المصري في الخارج وأن الكثيرين حول العالم يرون معاناة المواطن المصري الذي لا يجد الحياة المحترمة التي تليق بتاريخ مصر وحضارتها.
رسالة عازي نجار للعريان تدخلنا في أزمة حقيقية، فالعريان كان يريد تطمين اليهود من النظام المصري الجديد ولكنه لم يعلم عواقبها وأن المصريين في إسرائيل يريدون أن يعيشوا في وطن مستقر مزدهر كإسرائيل من وجهة نظرهم الضيقة ولن يتواضعوا عن ذلك لأنهم من وجهة نظري الآن ليسوا مصريين فهم تربوا وعاشوا في البيئة والثقافة الإسرائيلية والأهم هو أن رسالة العريان ستجر علي مصر الكثير والكثير من المطالبات بالأموال اليهودية المزعومة في مصر وستدخلنا في خلافات ومهاترات وقضايا متعددة كنا في غني عنها فمصر تمر بحالة من التخبط والفوضي في كل شيء وأبرزها تصريحات العريان وأمثاله التي تدل علي غياب الوعي السياسي بخطورة اللحظة التاريخية التي تعيشها مصر بعد ثورتها المجيدة.
سيذكر التاريخ أن دعوة العريان لليهود المصريين بالعودة تحمل في ظاهرها الرحمة وفي باطنها العذاب وستشكل مرحلة جديدة في تاريخ العلاقات المصرية - الإسرائيلية.