الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

كــنوز مصر الأثرية تنعش الحركة السياحية

كــنوز مصر الأثرية  تنعش الحركة السياحية
كــنوز مصر الأثرية تنعش الحركة السياحية




تحقيق وتصوير - علاء الدين ظاهر

 

ما الهدف من إنشاء المتحف المصرى الكبير فى ميدان الرماية بالهرم؟.. الإجابة هنا هى مفتاح هذا التحقيق والتى تتمثل فى تنشيط السياحة فى المقام الأول وإعادة الازدهار لها كما كانت من قبل ووضع مصر فى مكانة متقدمة على خريطة السياحة المحلية والعالمية.. لكن بجانب المتحف هناك أفكار كثيرة تحقق نفس الغرض وتدعمه مع المتحف، وتضع أيدينا على مواضع الخلل وكيفية علاجها، وذلك باستغلال الكثير من كنوزنا الأثرية الموجودة بعد ترميمها.
ومن هذه الأفكار ما طرحه الدكتور عبد الحميد كفافى مدير عام التخطيط والمتابعة لترميم الآثار، حيث وضع من واقع درايته بواقع الآثار وترميمها، خطة لتطوير الأداء فى عدد من المواقع الأثرية بما يحقق معدلًا كبيرًا من التنشيط السياحى بها.
وقال كفافى إن منطقة الهرم بها عدة مواقع يمكنها تحقيق نشاط ورواج سياحى كبير، ومنها مقابر العمال خاصة المقابر الحجرية ومقابر الطوب اللبن، حيث تمت أعمال التدعيم للمقابر الحجرية بواسطة إعادة الأجزاء المندثرة وترميمها، ومقابر الطوب اللبن تمت تغطيتها بمواد مناسبة لحمايتها من الظروف البيئية، كما توجد دفنات فقيرة مبنية من كسر الحجر تمت أعمال الحماية والصيانة لها.

حلم أبو الهول

كذلك لوحة الحلم الموجودة بين مخلبى أبوالهول، حيث تمت أعمال الحماية والصيانة والترميم وتجهيز خطة التطوير للحفاظ على النقوش المنفصلة من العوامل والتأثيرات البيئية، أما لوحة الصيد من الحجر الجيرى والموجودة بجوار تمثال أبوالهول ، حيث إنها ملتصقة بجدران طوب ، جار تجهيز خطة لحمايتها وصيانتها بناء على موافقة اللجنة الدائمة للآثار المصرية، وتجهيز خطة لأعمال ترميم معبد إيزيس بالجبانة الشرقية بمنطقة آثار الهرم، وسيتم التنفيذ فور موافقة اللجنة الدائمة للآثار المصرية.
وفى نطاق القاهرة الكبرى يوجد العديد من الآثار الإسلامية والقبطية، والتى أكد كفافى أن وزارة الآثار تقوم بحمايتها وصيانتها مثل مناطق آثار مصر القديمة وجنوب القاهرة، والانتهاء من تطوير بعض تماثيل الميادين بالتنسيق مع محافظة القاهرة، أما مناطق آثار شمال القاهرة والأزهر والغورى فقد تمت أعمال الترميم والتطوير للمساجد الأثرية والقصور، كما تقوم وزارة الآثار بأعمال الترميم الذاتى لبعض آثار العصر الحديث بالقاهرة الكبرى.
ومن أهم هذه المواقع الأثرية قصر المانسترلى بمنطقة المنيل، والذى تم الانتهاء من ترميم الصالة الرئيسية له وانتهاء ترميم الأعمدة ووصلاتها بالبلكونات وترميم قاعة البيانو وترميم القاعة الداخلية، والقصر من أهم القصور التى يمكن وضعها على الخريطة السياحية فى القاهرة، ومسجد المؤيد شيخ فى منطقة الازهر والغورى تمت له أعمال صيانة وترميم ريشتى المنبر واستكمال الأجزاء الناقصة، وأعمال التطعيم للوحدات الزخرفية لريشتى المنبر وأعمال الترميم والصيانة للأشرطة الكتابية بإيوان القبلة واستكمال الأشرطة الكتابية المفقودة واستكمال الألوان الموجودة بأرضية الأشرطة الكتابية، والانتهاء من التنظيف الميكانيكى والكيميائى لرخام المسجد واستكمال الأجزاء المفقودة منه، وأعمال ترميم وصيانة الأبواب الخشبية للأضرحة واستكمال الأجزاء المفقودة منها.
وقناطر محمد على بالقناطر الخيرية، حيث تم الانتهاء من التنظيف الميكانيكى والكيميائى للبرجين الشمالى الشرقى والغربى، وتقوية الأبراج وإرجاع الألوان الأصلية وإزالة الدهانات المستحدثة، وجارٍ التجهيز للافتتاح، وقصر السكاكينى تمت له أعمال التنظيف الميكانيكى لبعض التماثيل الواقعة بالأعلى بالجهة الغربية، باستخدام الفرش الناعمة لإزالة الأتربة واستخدام المشارط لإزالة التكلسات المرتبطة ارتباطا وثيقًا بأسطح التماثيل، وجارٍ استكمال أعمال التنظيف الميكانيكى لتماثيل بالواجهة الشمالية الغربية على يسار الشرفة الموجودة بالواجهة الشمالية.

تنمية سيناء

ومن القاهرة الكبرى إلى منطقة آثار شمال وجنوب سيناء، حيث قال كفافى :”إن الاهتمام بمنطقة آثار شمال وجنوب سيناء يأتى ضمن المشروع القومى لخطة تنمية سيناء، إذ اهتمت وزارة الآثار برعاية تطوير وترميم وصيانة أهم المناطق الأثرية بها، ومنها قلعة بلوزيوم وعيون موسى ومعبد سرابيط الخادم”.
وفى قلعة بلوزيوم «الفرما» تمت أعمال الاستكمال للبرج الشمالى الشرقى للقلعة من الخارج وكذلك قاعدته، ومدخل البرج وتنظيف وترميم الجدران المجاورة لسلم البرج ولاتزال أعمال الترميم جارية، حيث إن المشروع قد انتهت الأعمال به بنسبة 70%، بما يجعل القلعة من أهم الأماكن الأثرية والسياحية التى يتم وضعها على الخريطة السياحية بمنطقة آثار شمال سيناء.
ومنطقة آثار عيون موسى بجنوب سيناء تشتمل على مجموعة من الآبار الأثرية ذات الأحجام والأطوال المختلفة، ومنها البئر البحرى وبئر الشايب والتى تمت أعمال نقل الرديم منهما، وكذلك إعادة بعض الأحجار المنفصلة وتدعيم الفواصل بين أحجار البئر وتنظيف، وتقوية الدوائر الخارجية والمسافة الفاصلة بين السور الخارجى وحافة البئر، ومازال العمل جاريًا لتكون منطقة جذب سياحى بجنوب سيناء.
وأطلال معبد سرابيط الخادم والذى يأتى الاهتمام به فى إطار صيانة المعبد والحفاظ عليه من التأثيرات البيئية المحيطة، حيث يقع فى مكان مرتفع ويتعرض للعوامل البيئية والجوية، ل ذلك تقوم وزارة الآثار بالحفاظ عليه دوريًا وعمل الحماية اللازمة للمعبد لاستمرار الحفاظ عليه، ويعتبر من أهم الأماكن الأثرية بجنوب سيناء والتى يمكن وضعها على الخريطة السياحية.

وادى النطرون

وفى ظل الاهتمام بالآثار القبطية وما تحويها من أديرة وكنائس تمثل مثار جذب للسياح الأجانب والمصريين، خاصة مع اهتمام الدولة بملف مسار العائلة المقدسة، لذلك كانت خطة الترميم والتأهيل لأديرة وادى النطرون من الأهمية لحمايتها، حيث تم بدأ الأعمال بدير الأنبا بيشوى فى كنيسة الرهبان والكنيسة الأثرية الكبرى والطاحونة، تمهيدًا لعمل مشروع تطوير باقى أديرة وادى النطرون مثل دير أبومقار ودير البراموس ودير السريان، وذلك لتنشيط وتشجيع السياحة الدينية بصحراء مصر الغربية.
وفى الشرقية مسجد عبد العزيز رضوان بالزقازيق، حيث تم الانتهاء من أعمال الترميم والصيانة للنقوش والزخارف للجدران السفلية للمسجد وتمت إزالة الدهانات المستحدثة بالعناصر الخشبية بالمسجد، وتم الانتهاء من أعمال الترميم بمحراب مصلية المسجد والانتهاء من ترميم وصيانة الواجهات الخارجية للمسجد والمئذنة ويتم تجهيز المسجد للافتتاح، ومقابر صان الحجر التى تم الانتهاء من أعمال الصيانة والترميم للمقابر الملكية بصان الحجر، من أعمال الصيانة والترميم للقطع الحجرية لمعبد موت وآمون رع، وجارٍ تطوير المنطقة لتكون من أهم أماكن الجذب السياحى فى الشرقية.
وشدد كفافى على أن مناطق آثار الأقصر من أهم المناطق الأثرية جذبًا للسياح، ولذلك تمت أعمال التطوير والترميم لبعض المعابد، بالإضافة إلى الصيانة الدورية والمستمرة لكثير من مقابر البر الغربى فى الأقصر، ومن أهم المناطق التى تم تطويرها والقيام بأعمال الترميم فيها معابد الكرنك «الفناء الأول»، حيث استكمال أعمال الترميم للجدار الجنوبى الداخلى للفناء الأول وتقوية الأجزاء الضعيفة وتنظيفه ميكانيكيًا وكيميائيًا وتجميع وإعادة لصق الأجزاء المنفصلة، ومعبد الأقصر «الجدار الشرقى لصالة الزورق المقدس»، تمت أعمال الصيانة والترميم والتنظيف للجدار من تنظيف ميكانيكى وكيميائى.

التسويق السياحى

من جانبه طرح الدكتور عمرو محمد الشحات مدير شئون مناطق آثار الوجه البحرى وسيناء رؤية مختلفة وتستحق الدراسة والانتباه لها، حيث قال:” إن التسويق السياحى عبارة عن جميع الجهود والأنشطة المنظمة، والتى تتم تأديتها بتناغم مدروس من قبل جميع مقدمى الخدمة السياحية بعناصرها أو أجزائها المختلفة والتى تهدف إلى إشباع أذواق المتلقين لهذه الخدمة أو الراغبين بها بشتى صورها كما أنها عملية موجهة نحو السائحين، وتهدف إلى تأمين وتلبية احتياجاتهم الاستهلاكية من خلال القنوات المختلفة، المؤلفة من المنظمات السياحية المختلفة والتى تتفاعل مع هؤلاء السائحين”.
 وقال:” إن عملية التسويق السياحى تستوجب الاهتمام بها وجميع عناصرها، حيث يعتبر قطاع السياحة والسفر هو القطاع الرئيسى فى التنمية الاقتصادية وخلق فرص عمل حول العالم، ففى عام 2016 ساهم قطاع السياحة والسفر بـ 2.3 تريليون دولار أمريكى وخلق 109 ملايين وظيفة عبر دول العالم، آخذًا التأثير الأكبر غير المباشر فى الاقتصاد العالمى بما يعادل 7، 6 تريليون دولار أمريكى ودعم 292 مليون وظيفة فى عام 2016، وهو ما يعادل 10.2% من إجمالى الناتج العالمى و1 / 10 من إجمالى الوظائف على مستــوى العالم”.
وتابع: “وترجع الأهمية الاقتصادية للتسويق السياحى فى أن معظم دول العالم على اختلاف مستوى تقدمها تولى صناعة السياحة أهمية متزايدة، على اعتبار أنها قاطرة التنمية الاقتصادية لمساهمتها المباشرة والفعالة فى الناتج المحلى لتلك الدول بنسب مالية، وتعتبر السياحة صناعة ذات نسق ترابطى مع جميع الجوانب الحياتية لتعدد أنماطها، الأمر الذى يتطلب تسويقًا متميزًا يربط بين المحتوى الاقتصادى الجاذب للمستثمر والسائح، فى الوقت الذى تواجه فيه الوجهات السياحية أصعب درجات المنافسة لعقود مضت، وبالتالى يجب على المسوقين فهم كيفية كسب ولاء السائحين وما هو ذلك الشىء الحاسم فى ولاء السائحين”.
وكشف الشحات أن تقرير منظمة السياحة العالمية WTO لعام 2017 عن أهم الأحداث والتطورات العالمية والمختص بتصنيفات الدول الكبرى فى السياحة، لا يتضمن تصنيف المنظمة لأكثر 10 دول جاذبة للسياح على مستوى العالم مصر، لكن التقرير ذاته قد أشار إلى أن مصر تعد إحدى الدول العشر الأكثر إنفاقا على قطاع السياحة لعام 2016، ومصر قد شهدت فى بدايات عام 2017 تناقصًا حادصا بنسبة 42% الذى تلى الحوادث الأمنية وتحذيرات السفر السلبية للخبراء، والتى تم إطلاقها من بعض الأسواق المصدرة للسياح، لكن مع نهاية العام قد شهدت انتعاشًا كبيرًا فى عدد السياح الوافدين نتيجة لجهود دعائية مهمة والذى توافق مع الموسم الشتوى للأسواق الأوروبية.
واستطرد: “هذا وقد اهتمت الدراسات البحثية فى الجامعات المصرية مؤخرًا بدراسة مدى تأثير الجودة المقدمة إلى السائحين الأجانب فى المناطق السياحية والأثرية على درجة ولائهم لمصر، ومدى ارتباطهم لمعاودة زيارتها مرة أخرى، وفى إحدى الدراسات لاستكشاف مدى الإيجابيات والسلبيات فى المتحف المصرى بميدان التحرير توصلت إلى بعض الجوانب الإيجابية، مثل أن الأحداث السياسية وتغيير نظم الحكم لم تؤثر على اتخاذ قرار زيارة مصر، وطبيعة الطقس بشكل عام سبب رئيسى فى الولاء وتكرار الزيارة على مدار العام، والعروض المقدمة من شركات الطيران والفنادق علاوة على تسهيلات الدخول من أهم أسباب التفضيل، وقيام البعض بترشيح زيارة مصر للمعارف والأصدقاء.

سلبيات مرفوضة

أما عن الجوانب السلبية فقد تمثلت فى مواجهة السياح العرب بعض المشكلات فى التعامل الأمنى معهم فى المناطق السياحية والأثرية، حيث يتم تفتيشهم العديد من المرات داخل المقصد السياحى الواحد، وعدم ممارسة نفس التشديدات الأمنية مع السياح الأجانب ذوى الملامح الأوروبية أو الآسيوية، وعدم وجود مصداقية داخل المناطق السياحية من المرشدين السياحيين الذين يقومون بعرض خدماتهم على السياح المترددين على المزار السياحى، ومحاولة تضليلهم بعدم وجود أى معلومات عن المعروضات الأثرية وهو عكس الحقيقة، ووجود بعض المشكلات التى واجهت السياح المنفردين بدون مرشدين سياحيين، حيث كان لهم بعض التعليقات على المعلومات المدونة بجانب المعروضات الأثرية، والتى أشاروا إلى أن بعضها قد عفا عليه الزمن وتلاشت بعض الكلمات أو أنها كتبت بخط ردئ.
وأضاف: كذلك مواجهة بعض السياح لأساليب وممارسات سيئة من الباعة فى المحلات وأصحاب المطاعم فى المناطق السياحية، مثل باعة التماثيل والمخطوطات أمام المتحف المصرى، المتواجدين فى الحسين والأزهر وأصحاب المطاعم هناك، من محاولة جذب السياح من خلال التلامس وهو من الأمور غير المعتادة فى بلادهم، كذلك قيام الباعة بزيادة أسعار منتجاتهم بشكل كبير مما أكسب هذه المناطق سمعة سيئة بين السياح الأجانب ونفور البعض من التجول والشراء، ويتضح مما سبق وجود مشكلة وتفاوت فى مستوى الجودة المدركة والمقدمة إلى السائحين، مما كان له تأثير إيجابى وسلبى على مستوى ارتباطهم بمصر بشكل عام، وبالتالى مدى ولائهم وهو ما يجب التركيز عليه من الجهات المعنية، لتتصدر مصر مرة ثانية كبرى الوجهات السياحية عالميًا كما عهدها العالم فى العقود الماضية.