السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الدكتور صلاح فضل مهندس صياغة الوثائق الأزهرية: خطاب حركات الإسلام السياسى انتهازى ومخادع

الدكتور صلاح فضل مهندس صياغة الوثائق الأزهرية: خطاب حركات الإسلام السياسى انتهازى ومخادع
الدكتور صلاح فضل مهندس صياغة الوثائق الأزهرية: خطاب حركات الإسلام السياسى انتهازى ومخادع




الدكتور صلاح فضل الناقد الكبير، أحد أهم رواد التنوير فى مصر، لقبه البعض بمهندس صياغة وثائق الأزهر، حيث قدم صياغة لأربع وثائق تبدأ بالدولة المدنية، والحريات، والمرأة وتجديد الخطاب الدينى.
فضل كان يرى بعين الناقد موقف الأزهر ويعتبره غير قادر على إحداث التجديد، وأكد فى حديثه مع «روزاليوسف» أن تجديد الخطاب الدينى غير مقتصر على الأزهر، ومن يعتقد أن الأزهر سيقوم بتجديده هو شخص واهم.
رؤية صلاح كانت أكثر وضوحًا عند الحديث عن نتاج المعاهد الأزهرية، ووصف الوعاظ خريجي المعاهد الزهرية بالقنابل الموقوتة فى وجه الدولة لطبيعة توهمهم بأنهم الأوصياء على الدين، وسيفترضون لأنفسهم سلطة، كما أنهم لا يلتزمون بموضوعية التفكير.
هجومه على الوضع الراهن للخطاب الدينى لم يكن مصنبًا فقط على الأزهر بل اتجه إلى خطباء الأوقاف واعتبر 90% منهم جهلة بالرسالة الدينية.
وإلى نص الحوار:

■ لماذا لم تطبق وثائق الأزهر التى حررتها؟
ــ اسألوا الأزهر، أنا حررت أربع وثائق وأعلن الأزهر منها اثنتين فقط، وثيقة مدنية الدولة ووثيقة الحريات، وعجز عن إعلان وثيقة حقوق المرأة ووثيقة تجديد الخطاب الديني، وأنا لا أستطيع أن أتعاون معهم مجددًا.
 ■  ما المطلوب حاليًا فى الخطاب الدينى؟
ــ المفترض من الأزهر أن يكون مؤسسة محافظة، وهو مثل الثلاجة الكبيرة التى يوضع فيها الأطعمة، ووضع فيها الخطاب الدينى لكى يحتفظ بصلاحيته أكبر مدة ممكنة، لكنه لا ينتج تجديدًا.
■  من يملك التجديد؟
ــ الذين ينتجون تجديدًا هم الأفراد والمثقفون الخارجون على المؤسسة، لكن كل من حاول التجديد بداية من الشيخ محمد عبده نفسه يئسوا من الأزهر وأعلن عبده أن الأزهر لا يصلح للتجديد، وجاء بعده طه حسين وطرد من الأزهر وحرم من العالمية، ثم على عبدالرازق عندما نقض فكرة الخلافة فى كتابه» الإسلام وأصول الحكم»، وحوكم من الأزهر، وكذلك الأمر لكل المجددين طردوا من الأزهر أو حوكموا منه، فبالتالى الانتظار من المؤسسة التى تحافظ على الخطاب الدينى وتنتجه والتى أدت إلى تدهوره أن تجدد الخطاب فهذا أمر خارج المنطق وغير معقول ولذلك لابد أن نكف عن مطالبة الأزهر بتجديد الخطاب الديني، فالأزهر والمؤسسات الدينية ليس من شانها احداث ثورة تجديد، ومن يتوقع ذلك فهو واهم تماما والمطلوب منها فقط أن تكف أذاها عن المجددين بألا تحاكمهم أو تكفرهم وأن تلزم الصمت والحياد ولا تبادر إلى حرب مع اى محاولة تجديدية وما تفعله الآن بحكم تكوينها ورجعية تفكيرها هى محاربتهم وإخافتهم وإرهابهم.
■  ما مبرر المؤسسات الدينية لرفض التجديد؟
ــ لأن وظيفتها التحفظ على الخطاب فقط، كما أن التعليم لدينا متدهور، واقصد التعليمى المدنى والدينى، والسبب فى ذلك انفصاله عن الحركة العالمية بعد توقف البعثات وتضخم التعليم الدينى الأزهرى، ولابد من تحويل المعاهد الأزهرية تدريجياً إلى مدارس مدنية، كان فى الخمسينيات خمس معاهد فقط، ولم يكن هناك هذا اللغط حول الخطاب الدينى والآن أصبح لدينا 15 ألف معهد يخرجوا لنا حوالى نص مليون واعظ، ولسنا بحاجة إلى كل هذا العدد على الاطلاق ولا ضرورة لهم  ويمثل هؤلاء قنابل موقوتة، لطبيعة توهمهم بأنهم الأوصياء على الدين، وسيفترضون لأنفسهم سلطة، كما انهم لا يلتزمون بالتفكير ولا بالموضوعية، بدليل أنه اذا سمعنا الخطباء فى أى زاوية وأى مسجد سنجدهم فى النهاية يشلوا عقل من يستمع اليهم لنقص وعيهم وقلة معرفتهم بالدين ذاته، والمسئول عن ذلك هو استشراء التعليم الدينى الرديء وعدم اقتصاره على الكليات العليا المتخصصة التى من المفترض أن تخرج لنا علماء متخصصين.
■  هل نحتاج لتجديد فكر التراث؟
ــ نحن فى حاجة لتجديد فكر الحريات الفكرية للمفكرين والمثقفين وعدم ادعاء الوصاية على العقل، وإذا طبقنا ذلك سنستطيع أن نطلق حركة التطور والنهضة مرة ثانية.
■  كيف ترى اتهام بعض الأزهرين للتنويرين بمحاولات هدم الأزهر بدعوى تجديد الفهم؟
ــ كل يغنى على ليلاه وهم اصحاب مصلحة معتقدين أن أى انقد يوجه لهم هدم، وهذا خطأ شديد وضيق أفق، وعندما نطالبهم بأن يطبقوا الفهم الصحيح للدين وأن يشجعوا المجتهدين يقولون أنت تريد أن تهدمنى.
■  هل توجد طرق أخرى للتجديد بعيدًا عن الأزهر؟
 ــ بالطبع ولا بد أن يكون التجديد بعيدا عن الأزهر، بالإضافة إلى إلغاء القوانين التى تمنع ذلك خاصة وأن الأزهر يريد ان يفرض أكثر منها ومنذ شهرين كان هناك مشروع قانون لعدم المساس بالرموز الدينية.
■  حدثنا عن دور المؤسسات الأخرى فى التجديد؟
ــ الاعلام عليه دور كبير والتعليم أيضا، بجانب الأوقاف، لأنها الاذاعة الخاصة بالخطاب الدينى، وكل أئمة الأوقاف يحتاجون لإعادة تأهيل وإعادة برمجة، وطالبت بأن يكون داخل كل مسجد مكتبة دينية مستنيرة ومكتبة علمية، وأن يكون أمين المكتبة هو الإمام والخطيب، يقرأ ويتعلم ولا يحارب الفن والآدب، ويأخذ سمة المعلم، أما فى الغالب نجد أن 90% من الخطباء جهلة حتى بالرسالة الدينية، والمسئول عن ذلك المعاهد الدينية المتردية فى مناهجها والانحدار التى انهارت اليه كل المؤسسات منذ العقود السابقة.
■  برأيك لو تم اصلاح الفكر الدينى.. من الممكن أن نجسد الأنبياء فى الفن؟
ـــ إذا اوقفنا حركة تكفير المجتهد فمن الممكن أن نرى ذلك، وكنت طالب بالأزهر فى الخمسينات، وكنا نمثل مسرحيات، ويقوم فيها زميل بدور لعمر بن الخطاب، وأخر بدور النبى، وهذا داخل المعاهد الأزهرية ولم يكن محرما فى شىء.
■   البعض ينادى بتنقيح السنة من الأحاديث غير الموثوقة.. هل هناك أحكام تحتاج للمراجعة؟
ــ بالطبع هناك أحاديث غير مؤكدة يستخدمها المتطرفون حاليا لتحليل العمليات الإرهابية، كما ان القرآن به بعض الآيات معطلة مثل قضية الرق والجوارى وغيرها لأنها أصبحت الآن غير موجودة.
■   كيف نجح المتطرفين فى نشر خطابهم؟
ــ تردى حركة التعليم ومستويات الوعى الثقافى تسبب فى سيطرتهم وترك لهم المجال لكى يستأثروا بالعقل المصري، وينبغى تحريم خطاب السلفيين فى المساجد ومنع ظهورهم فى الإعلام لأن هذا خطر شديد.
■  ما دور حركات الإسلام السياسى فى تراجع الخطاب الدينى؟
ــ بالتأكيد لم تسبب فى تراجعه فقط  ولكن فى ردته بمعنى ردة الخطاب الثقافى عموما بأنهم أعاقوا نمو الفكر العملى فى المجتمع المصرى وأحلوا مكانه الفكر الخرافى والأسطورى والغيبى وأساءوا تفسير  الخطاب الدينى وجعلوه خطابا يعتمد على التواكل والتجارة بالدين من أجل الوصول للسلطة واستغلال الفقر والجهل للتمكين السياسى لهم
■  من الأخطر على المجتمع فى استغلال الخطاب الدينى؟
ـــ بالتأكيد الإخوان والسلفيون وكل الجماعات الجهادية اصحاب المشروعات السياسية التى ترتدى عباءة الدين هؤلاء تركتهم  الإدراة المصرية بغباء شديد يتوغلون فى حشايا المجتمع وطبقاته الفقيرة وحتى المتوسطة لكى يسيطروا على العقل المصرى وكان اكبر مظهر يعلن انتصارهم فى هذه السيطرة كان تحجيب المرأة المصرية وتحجيم حركتها فى التحرر بحجة ان هذا هو الاسلام الصحيح وكأن الاجيال التى عاشت من العشرينيات حتى الثمانينيات خرجت من الدين بسفورها وهذا غير صحيح لان الزى ليس اصلا على الاطلاق من اصول الدين وكان هذا بمثابة إعلان انتصارهم على الدولة المصرية بأن رفعوا راياتهم السوداء على شعور النساء.
■  كيف ترى خطاب هذه الحركات؟
خطابهم خطاب انتهازى ومخادع وكاذب يؤول الدين تأويلا متخلفا  كما ان تردى حركة التعليم وتردى مستويات الوعى الثقافى منحهم فرصة  تركت الاستئثار ببعض فئات الشعب المصرى.