الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

د. عبدالراضى محمد عميد كلية دار العلوم بجامعة القاهرة: رافضو تنقيح التراث خائفون على لقمة عيشهم

د. عبدالراضى محمد عميد كلية دار العلوم بجامعة القاهرة: رافضو تنقيح التراث خائفون على لقمة عيشهم
د. عبدالراضى محمد عميد كلية دار العلوم بجامعة القاهرة: رافضو تنقيح التراث خائفون على لقمة عيشهم




أكد الدكتور عبدالراضى محمد عبدالمحسن، عميد كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، أن باب الاجتهاد الدينى مفتوح للجميع شرط امتلاك الأدوات اللازمة لذلك.
كما أشار فى حواره لـ«روزاليوسف» إلى أن البعض يخشى من تنقيح التراث حتى لا يفقد مصدر لقمة عيشه التى تعتمد على وجود التراث والعمل به.
وأوضح أن باب الاجتهاد مفتوح للجميع شرط امتلاك أدواته، لأن ما سيخرج به المجتهد يترتب عليه أحكام وفتاوى وتصورات دينية.
وشدد عميد دار العلوم على ضرورة تنشئة جيل جديد يحمل الراية فى أى مجال وليس الدينى فقط، مع تطوير ورفع كفاءة الجيل الحالى.
وإلى نص الحوار:

■ حدثنا عن حال الفكر الدينى فى مصر؟
ـــ التفكر والاجتهاد له جذور بعيدة وممتدة فى أعماق الشخصية المصرية، ونحن من أوائل الأمم التى فكرت فى الدين والفلسفة كما بيّن محمود حسن إسماعيل، وهذا أدى إلى تنشئة مذهب دينى متكامل فى مصر، كما كان اليونان يأتون إلى مصر للتعلم، ثم جاء العصر الحديث لتدب حركة النهضة والإصلاح الدينى فى مصر على يد جمال الدين الأفغانى ومحمد عبده وتجاوب على سؤال مهم، وهو لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟، وهذه المحاولات لم تقف حتى وقتنا هذا، كما أن باب الاجتهاد مفتوح للجميع شرط امتلاك أدواته، لأن ما سيخرج به المجتهد يترتب عليه أحكام وفتاوى وتصورات دينية، والأصوليون تحدثوا بصرامة عن المجتهد وشروط الاجتهاد وأهمها إتقان اللغة والمعرفة بالتراث.
■ هل ترى أن البعض يخشى تنقيح التراث؟
ـــ أظن ذلك، لأن تنقيح التراث سيترتب عليه تغيير مفاهيم وتصورات شائعة عند الكثيرين ممن لا يعرفون إلا هذه الأفكار، وعند الدعوة لتنقيح التراث سوف يفتقد هؤلاء السلطان الذى أوتوه من هذه المعرفة، وسيفقدون مصدر لقمة عيشهم، رغم إن تنقيح التراث ضرورة نادى بها الإمام محمد عبده منذ عقود.
■ ما أهم القضايا الدينية التى تستوجب التصحيح؟
ــ الموقف من الآخر، فكما قال الرئيس السيسى من قبل «من غير المعقول أن الدين الإسلامى أنزله الله لمواجهة باقى العالم»، فلا يوجد دين أساسه المواجهة مع باقى شعوب العالم، وإنما لُخصت رسالة الإسلام فى الآية الكريمة: «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين»، وتعنى مطلق الحب والتعايش مع الآخر، وكذلك قضية الإرهاب المبنى على اعتقاد تكفير الآخر، فنحن بوصفنا مسلمين معصومو المال والدم والعرض كما قال رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - فى خطبته الأخيرة، ولا يمكن أن يُستحل المال أو العرض أو الدم إلا بالتكفير، وهذا ما يحدث الآن فى سيناء من استهداف لأبنائنا فى الجيش والشرطة، فهؤلاء تم تكفيرهم من جانب الجماعات المتطرفة ومن ثم استباحة دمائهم، وقد بُنى ذلك الفكر على أساس ما قدمه سيد قطب بشأن «جاهلية» القرن العشرين وفق ما أوضحه فى كتاب «الظلال»، حتى لو كانوا يصلون، وبالتالى سيد قطب ومن على نهجه فقط هم المؤمنون على حد فهمهم.
■ شاهدنا فى الفترة الأخيرة تصاعد حدة الإسلاموفوبيا لدى الغرب، ما سبب ذلك برأيك؟
ــ افتح التلفاز وشاهد من يقتل بعضهم البعض سوى المسلمين، حتى الجماعات المتطرفة التى ترتكب تلك الجرائم يحرصون على تصوير عملياتهم الإرهابية ويبثها عبر محطات تليفزيونية مثل «الجزيرة»، فكيف يمكن لنا إزالة الإسلاموفوبيا من أذهان الغرب فى ظل تلك الأجواء الملبدة بسحب التطرف والغلو.
■ هل هناك أزمة تواصل بين الدعاة وعامة الناس؟
ـــ نعم هناك أزمة واضحة تتلخص فى غياب القدرة على التأثير فى المتلقى نتيجة لنقص أدوات الخطاب، واغتراب بعض العلماء عن واقعهم، والبعد عن القضايا التى تهم المتلقي، لكن لا نريد أن نغفل دور الجماعات الإرهابية فى ضرب جسور الثقة بين المواطن والمؤسسات الدينية التى هى جزء من مؤسسات الدولة، من خلال منصات إعلامية مشبوهة تعكف ليل نهار على التشكيك فى مؤسسات الدولة وتشويه أدواتها.
■ لماذا يعزف الشباب عن الاستماع لعلماء المسلمين ويلجأون لاستقاء معلوماتهم الدينية من السوشيال ميديا؟
ـــ لأن السوشيال ميديا تمتلك أدوات التأثير السريع على الشباب، وتستعمل طرق بسيطة وسهلة لاستقاء المعلومات وإن كانت مغلوطة ومنزوعة المصدر، وأيضا طريقة العرض تلعب دورا كبيرا فى الجذب، بعيدا عن الطرق التقليدية للدعاة والعلماء، والتى قد تكون غير مريحة للشاب فينصرف عنها ويذهب إلى غير التقليدي، لذا لا بد من النزول إلى الشارع للتأثير المباشر على الشباب.
■ كيف يمكن إصلاح العمل الدعوي؟
ــ تنشئة جيل جديد يحمل الراية خطوة ضرورية فى أى مجال وليس الدينى فقط، لكن ماذا نفعل فى الموجود حاليًا؟.. يجب تطويرهم ورفع كفاءتهم، واستحداث شكل جديد للخطاب ومادته والقضايا المتناولة، وهذا لا يقلل من الجيل الحالي، لأن فى كل عصر يوجد القديم والجديد، والقديم دائما يسعى للمواكبة، وقد حدث ذلك فى الشعر والفلسفة.
■ ماذا عن مساهمة الفن والإبداع فى تصحيح الفكر والفهم؟
ــ الفن يعمل على تهذيب النفوس التى قست وأصابها الجفاء، ونحن فى حاجة للتصوف فهو مذهب روحى يلين القلب، لأن القسوة تعنى التنفير ثم التكفير ثم القتل، أما عن الإبداع فهو أساس التجديد، لأن المبدع فقط هو الذى يضح حلولا خارج الصندوق للخروج من الأزمات وحل الإشكاليات مثل مشكلة التشرذم فى العالم الإسلامي، فالآن تجد فرقًا وأحزابا تقتل بعضها بعضا وتكفر كل منها الأخرى، وتدعى أنها الفئة الناجية.