الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

إسرائيل تقرع طبول الانتخابات

إسرائيل تقرع طبول الانتخابات
إسرائيل تقرع طبول الانتخابات




يبدأ اليوم السباق الانتخابى الإسرائيلى فى جولة إعادة بعد فشل التوصل لائتلاف حكومى فى الجولة الأولى، وسط مبارزة شرسة بين تكتلى، اليمين واليسار، كعادة الانتخابات الإسرائيلية، إلا أنها تلك المرة لها سمات خاصة، أولها التوقيت الحرج الذى تمر به منطقة الشرق الأوسط من اضطرابات وتأجج الصراعات الداخلية فى بعض الدول العربية، والتى بعضها على تماس مع إسرائيل كسوريا، كما يوجد تصعيد فى عدة جولات سواء الجنوبية مع الفصائل الفلسطينية أو مع حزب الله فى لبنان بالجبهة الشمالية.
كما تتسم تلك الجولة أيضا بمشاركة عدد كبير من الجنرالات فى الانتخابات عد الانخراط فى الأحزاب السياسية، سواء القديم أو تشكيل الجديد، وغالبيتهم من الجنرالات البارزين، سواء ممن تقلدوا منصب وزير الدفاع أو رؤساء أركان أو قادة مناطق عسكرية.
وفيما يلى استعراض لأبزر المتبارين فى تلك الجولة الانتخابية المثيرة للجدل:

 

«نتنياهو .. ومعركة المصير»

 

الحزب الأبرز على الساحة السياسية هو حزب الليكود، بزعامة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذى فشل فى مايو الماضى فى تشكيل حكومة ائتلافية، ويخوض حاليا حرباً وليست مجرد انتخابات، فالبعض فى وسائل الإعلام الإسرائيلية وصف تلك الجولة بأنها استفتاء على شخصية نتنياهو، المرشح لولاية خامسة والذى يدير شئون بلاده منذ عشر سنوات دون انقطاع.. ويرى الكثير أن نتنياهو أحد الشخصيات المؤثرة فى تاريخ إسرائيل، ولعله الأبرز من بعد بن جوريون، إذ نجح فى الحصول على الاعتراف الأمريكى بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس عوضاً عن تل أبيب، وأيضا صدر فى عهده قانون القومية اليهودية للدولة العبرية، كما نجح فى توطيد علاقة إسرائيل بعدد من الدول فى العالم والحصول على اعتراف منها بأن القدس عاصمة لها – إسرائيل.. ونجح نتنياهو خلال الفترة الماضية فى خفض التوترات مع الحليف الأبرز لبلاده، الولايات المتحدة، إذ كانت العلاقات مع الإدارة الأمريكية السابقة، بقيادة باراك أوباما، يشوبها العديد من التوترات، إلا أن إدارة ترامب تسير على نهج توافقى مع تل أبيب.
ونجح أيضا رئيس الحكومة الإسرائيلية فى الضغط على ترامب للانسحاب من الاتفاق النووى مع إيران، ورغم كل ما يواجهه من قضايا فساد إلا أنه مازال شخصية قوية داخل المجتمع الإسرائيلى، ويسعى جاهداً للفوز فى تلك الانتخابات بما يضمن له – ولو بشكل مؤقت، الهروب من القضايا والمحاكمة.

 

أحزاب «تعدد الأزواج»

 

فى غمار المنافسة الحادة، وجدت الكثير من الأحزاب نفسها أمام معضلة كبيرة، إذ يجب عليها أن تجتاز نسبة الحسم، الحصول على 3.25% من الأصوات، حتى تكون قادرة على التمثيل فى الكنيست، فقد شهدت الجولة الأولى مشاركة 47 قائمة انتخابية، إلا أن تلك الجولة تشهد مشاركة 32 قائمة فقط، وهذا يعود لإندماج الأحزاب الصغيرة التى تخشى عدم تجاوز نسبة الحسم، إذ قررت التحالف فيما بينه التجنّب السقوط.. أول تلك الأحزاب، حزب «العمل» المنافس التقليدى لليكود يواجه عصر الاضمحلال تقريباً، ذلك الحزب الذى قاد الدولة العبرية لفترات طويلة، بات يخشى عدم تجاوز نسبة الحسم، إذ يفتقر إلى النموذج الذى يحتشد وراءه قادة الحزب والجمهور الإسرائيلي، بقيادة وزير الدفاع السابق، عامير بيرتس، الذى اضطر للاتحاد مع حزب «جيشر» اليمين، وبات برنامج حزب العمل قائما على المطالب الاجتماعية والاقتصادية، بعيداً عن الشأنين السياسى والأمنى.
أيضا شخصية بارزة على الساحة السياسية والأمنية يظهر فى كيان حزبى جديد، أنه رئيس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس الأركان السابق، إيهود باراك، الذى يقود حزب «إسرائيل الديمقراطية»، الذى عاد للحياة السياسية من جديد، إلا أنه يظل عاجزاً عن تجاوز العتبة الانتخابية، فيما استطلاعات الرأى تتوقع للائحة الفوز بسبعة مقاعد فقط. . تبقى مفاجأة هذه الانتخابات، مشاركة حزب «كاما»، الذى يطالب بالحريات الشخصية وتعدّد الزوجات، فى السباق.. و«كاما» هو حزب ترأسه أربع زوجات من أصل ستة زوجات رئيس «الطائفة المقدسية» (من الحسيديم)، دانيال أمباش، الذى أدين فى السابق بتهم الإساءة الجنسية لأطفالها الـ17.

 

«جانتس.. جنرال مخضرم وسياسى مبتدئ»

 

على الجبهة الثانية، يقف غريم قوى لنتنياهو، إنه رئيس الأركان السابق، الجنرال بنى جانتس، الذى استطاع فى وقت قليل الحصول على شعبية جارفة وسط الشارع الإسرائيلى، خاصة بين الأوساط اليسارية، مشكلاً حزباً وتحالفاً تحت عنوان «أزرق أبيض»، أو «كاحول لافان» كما يطلق عليه بالعبرية، وبطبيعة الحال يهاجم جانتس، نتنياهو بدعوة قلة خبرته الأمنية التى دفع ثمنها المواطن الإسرائيلي، فى مواجهة اتهامات نتنياهو لجانتس وحزبه بالافتقار إلى الخبرة السياسية التى تؤهلهم لهذا المنصب، رغم أنها المشاركة السياسية الأولى لـجانتس، إلا أنه استطاع هز عرش الليكود المتصدر للحياة السياسية، ووفقا للاستطلاعات فإن جانتس وحزبه لديهم عدد قريب من المقاعد المتوقع التى يحصل عليها نتنياهو وحزبه، اللافت أن «كاحول لافان» كان نتاج اندماج حزبين، أحدهما يقوده جانتس، والآخر يقوده يائير لبيد، الذى لم يعد له ظهور بارز كـ جانتس.. لم يستبعد جانتس فى حديث إعلامى له إمكانية تشكيل حكومة وحدة مع نتنياهو، قبل أن يستدرك ويقول إنه لم يسمع السؤال جيداً، ليتابع أنه جاء ليحل مكان نتنياهو لا ليجلس إلى جانبه، مع ذلك، لا يبدو أن جانتس بعيد عن خيار الوحدة مع «الليكود»، وهو الخيار الوحيد أمامه للمشاركة فى السلطة، وإلا فسيتسبّب التوجه إلى انتخابات مبكرة ثالثة، فى ظل عدم وجود يقين بما إن كان ائتلاف حزبه سيبقى على حاله أو يتشظى.

 

«أوراق اللعب»

 

يمكن للمراقب للمشهد السياسى الإسرائيلى أن يجد شبه إجماع بين الأحزاب الكبرى على أنهم لن يعودوا لانتخابات ثالثة، الأمر الذى يعنى بالبحث فى كل الخيارات الممكنة لحسم تلك الجولة، لذا استغلت كل الأحزاب السبل كافة سواء لتحقيق تقدم على مناسيه لديه الناخب، أو لتشويه سمعة الآخر أمام الجمهور، ولكن لكل حزب ومرشح كانت لديه أوراق للعب وكروت تحذيريه، استخدمها كل منهم لجذب الناخبين، والتى اختلت تباعاً وفقا لتوجه كلا تيار، فتيار اليمين ركز على الجانب الأمني، فالطالما كانت هناك ثقة لدى المواطن الإسرائيلى أن حكومة اليمين هى القادرة على التفاوض مع العرب وردعهم وتحقيق الأمنى للمواطن الإسرائيلى.
إلا أن الوضع مختلف تلك المرة بعض الشيء، إذ يواجه اليمين عسكريين فى صفوف الأحزاب اليسارية ، وسط اتهامات لهم، وعلى رأسهم نتنياهو، بأنهم ليس لديهم أية خبرة فى المجال الأمنى بما لا يخدم الصالح الإسرائيلى،
أيضا تشكل إقامة دولة فلسطينية نقطة محورية فى مفهوم وبرامج الأحزاب، إذ ترفض اليمين، وإن لم يعلنها كافة التيار بشكل علنى، إقامة دولة فلسطينية، ناسفين حل الدولتين، كما يرفضون حل الدولة الواحدة ثنائية القومية أيضا، مقابل تصريحات من أحزاب اليسار باللجوء إلى حل الدولتين لغلق هذا الملف والبدء فى التعايش السلمى، وهو الأمر الذى قد يشوبه العديد من الأمور، خاصة المتعلقة بصدق نوايا الجميع داخل المجتمع الإسرائيلى.

 

«ليبرمان.. الخاسر الرابح»

 

رغم أنه بعيد عن الحصول على أغلبية فى تلك الجولة أو غيرها، إلا أنه يظل شخصية مؤثرة، فهو الذى تسبب فى جولة الانتخابات المبكرة باستقالته من منصبه كوزير للدفاع، زاعما رفضه على موقف نتنياهو من حماس خلال التصعيد العسكرى فى نهاية 2018، ظناً منه أنه قادر على خوض الانتخابات فى مواجهة نتنياهو، وأنه سيُفقده شعبيته بالمغالاة فى التشدد ضد الفصائل الفلسطينية سواء فى الضفة الغربية أو بقطاع غزة، إلا أن تلك الأحلام سرعان ما تبددت، إذ فوجئ بدخول الجنرال جانتس إلى الساحة ليجذب حوله اليسار والوسط الإسرائيلي، وتسبب أيضا فى اللجوء لجولة ثانية من الانتخابات بعدم أن رفض الانضمام لائتلاف مع نتنياهو ليذهب الجميع فى جولة إعادة.

 

«الأحزاب العربية.. خارج المنافسة»

 

برغم من موجة العداء المعلن ضد الأحزاب العربية فى الكنيست من قبل اليمين، خاصة نتنياهو، إلا أن تلك الأحزاب لم تنجح فى الجولة الأولى من حشد أصوات الناخبين العرب أنفسهم، ويعلل البعض هذا أن تلك الأحزاب باتت بعيدة عن المطالب الحقيقية التى يحتاجها العرب داخل إسرائيل، كما انتشرت دعوات بين العرب لمقاطعة الانتخابات، سواء لعدم ثقته بشكل كافى فى الأحزاب السياسية، أو لأنهم يدركون أن الأمر لن يتغير ولن يصب شيئاً فى صالحهم، برغم من الرسائل العدائية التى وجهها نتنياهو مؤخرا، والتى أعلن فيها صراحة عبر صفحته على موقع فيس بوك قائلا إن «العرب يريدون تدميرنا».