الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

قطارا العياط.. والاتهام







محمد عبدالنور روزاليوسف اليومية : 15 - 11 - 2009


تحقيقات النيابة التي انتهت الي صدور قرار النائب العام بإحالة ثمانية متهمين في حادث قطاري العياط إلي المحاكمة الجنائية أثبتت أنه كان يمكن تفادي وقوع الحادث وإهدار حياة أرواح بريئة.. لو لم يصبح هذا الاعتياد لسلوكيات الاهمال والتراخي والتقصير وعدم التقدير لحجم المسئولية عن حيوات بشر هي أمانة بين يدي سائق قطار وكمساري أمامي وخلفي ومراقب برج ومراقب الحركة المركزية.

اعتياد متأصل داخل نفوس من يجب أن يكونوا أكثر إيمانا باحتمالات وقوع خطر يهدد حياة مئات من الأبرياء إذا أهملوا أو تقاعسوا أو تراخوا وهم مسئولون عن قيادة ومتابعة ومراقبة هذه القطارات التي تسير علي عجلات فوق قضبان حديدية تحمل أرواحا من البشر.. ولو التزم كل منهم بمقتضيات وواجبات وظيفته لما وقعت مثل هذه الحوادث.

هذا الاعتياد علي التراخي والاهمال والاستهانة وعدم تقدير المسئولية.. ليس له علاقة بأجر أو مرتب متحصل من الوظيفة.. مهما قل أو مهما زاد والا أصبحت هذه الأرواح البشرية تحت رحمة مطالب فئوية إذا تحققت تحقق معها عنصر الأمان وإذا لم تتحقق أصبحت معرضة لكل أنواع الخطر.

وليس له علاقة ايضا بمستوي تعليمي أو ثقافي.. للسائق أو الكمساري أو الملاحظ أو المراقب.. مؤهل متوسط ، عال، حاصل علي دكتوراه.. أو حتي كان بيفك خط.. إنما هو الضمير الإنساني والديني الذي يخاصم التكاسل والتواكل والتراخي والإهمال والاستهانة.

اعتياد قائم علي الرعونة والاتكالية في سلوكيات ترتكز علي عبارات "ماتحبكهاش".. " ياعم ما تفولش علينا"، "ربك هو الحارس".. "اتكل علي الله و كله زي الفل".. "هي جت علي دي".. وفي هذا السياق يتم كسر كل القواعد وانتهاك كل معاملات الأمان في أبسط صورها.

اعتياد لن يتغير بقرار إداري ولا تصلح معه زيادة في مرتب أو حافز إضافي.. ولا تستطيع أقوي حكومات الدنيا تبديده ولا يقوي أكثر الوزراء عملا واجتهادا علي كسره.. وإنما هزيمته في تبدل النفوس المهملة بأخري تراعي الله في تأدية واجبها بضمير يقظ وإيمان يقدر المسئولية.. وهذا قرار شخصي.