الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المرأة اليوم




إن المرأة المصرية بفطرتها السليمة أدركت أنها لا يمكن أن تكون كالرجل عالمَاً؛ لأن ذلك انحراف فى الطبيعة والطبيعة لا تقر الانحرافات وكما أن الرجل لا يمكن أن يكون امرأة فكذلك المرأة لا يمكن أن تكون رجلاً، فلماذا التشبه ما دام المتشبه به ليس هو المثل الصحيح؟
 
إن الله قد خلق المرأة مختلفة عن الرجل وفى هذا الاختلاف سر تفوق الجنسين بل سر دوامهما، ولو أن الله أراد أن يخلق رجالاً أقوياء ليسموا رجالاً ورجالاً ضعافاً ليسموا نساء لما أوجد فى جسم المرأة وكيانها وأعصابها وغددها كل هذه الفروق التى يتجلى عنها البحث كل يوم فيظهر لنا العجب الذى لم نكن نتوقعه.
 
لقد خلق الله المرأة لغاية وخلق الرجل لغاية وكل منهما يعمل نحو هذه الغاية، فإذا انحرف واحد منهما ليعمل عمل الآخر انحرفت غايات الحياة الاجتماعية وشالت موازينها، ولكن الطبيعة تظل صامدة قوية لا تعترف بهذا الانحراف، كل ما فى الأمر هو اختلاف الآراء حول الحد الفاصل بين ميدانى العمل، فالرجل يعمل والمرأة يجب أن تعمل فى البيت وفى خارج البيت ولكن على أن تعمل المرأة وهى امرأة لا تدعى لنفسها صفات الرجل ولا تتقمص شخصيته فتضيع شخصيتها.
 
إن مهمة المرأة الأولى هى الأمومة ومهمة الرجل الأولى هى معاونة المرأة على أداء هذه المهمة وتعهد الجيل الجديد بأن يهيأ له وطناً جديداً ومجتمعاً صالحاً، ولو أدركت المرأة هذه الحقيقة وفهمت كنا ما تنازلت عن أنوثتها لأى سبب ولا فى أية معركة).
 
كنت أقرأ فى كتاب طريف عن «المرأة اليوم» فاستوقفنى فيه خطاب أرسلته إحدى المتحمسات للحركة النسوية الحديثة للمؤلف، تبدى فيه وجهة نظر النساء وقد تحررن من كل القيود، تقول المراسلة: «إننى مع المتحمسات لجنسى ولكننى أتحمس له بأسلوب جديد وأدعو له دعوة جديدة، دعوة لا تريد للمرأة أن تعود أدراجها فتكبت حرياتها وتحرم حقوقها، ولكنها دعوة تريد من المرأة برغم كل الحقوق والمساواة ــ أن تظل امرأة ــ فلقد اتضح لنا نحن نساء نصف القرن العشرين بعد جهاد نصف قرن أو يزيد أننا لا نريد أن نسلك فى الحياة سلوك الرجال؛ ذلك أننا مغتبطات بأنانيتنا، ولكن هذا فى حد نفسه يبدو عجيباً بالنسبة للحياة الاجتماعية والاقتصادية فى هذه الأيام، ذلك أننا إذا كنا حقاً نساء فإننا إلى حد ما نحب الثناء ونحلم دائماً وأبداً بالبيت الذى نربى فيه أبناءنا؛ بيت نطهى فيه ونغسل ونكوى، وهذا بالنسبة للمرأة الحديثة يبدو شبه مستحيل، لذلك نشعر بأننا لسنا أقل تعاسة من جداتنا اللاتى كن سجينات البيوت محرومات من كل حق يتحرقن إلى أن يكن كالرجال وأن يتشبهن بهم».
 
لقد حرص المؤلف أن يُردف هذا الخطاب بخطابات أخرى كلها ترمى إلى تصوير هذه النـزعة فى المرأة الغربية بعد أن نالت فى أكثر البلاد حقوقها، نزعة تريد للمرأة التى أنكرت كثيراً من أنوثتها فى سبيل الدفاع عن حقوقها وقد استبان لها بعد النصر أن هذا الإنكار لا يمكن أن تستمر فيه. استوقفنى هذا الخطاب بالذات لأنه يصور لى ظاهرة قوية فى مجتمعنا المصري، فلقد ظننا أن تشبث بعض نسائنا بأنوثتهن تأخر وضعف، وأن القوة كل القوة وأن التقدم كل التقدم هو فى الثورة على الأوضاع التى تجعل المرأة تؤدى وظيفتها الأولى فى الحياة وهى الأمومة.
 
سهير القلماوي