الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«الغرق» زارها محمد على وعبدالناصر وتعانى من الإهمال فى عهد مرسى





 
الغرق..قرية تابعة لمركز إطسا بالفيوم وتعد واحدة من أكبر قرى مصر وأعرقها تاريخيا فهى من عمر مصر نفسها و توصف بأنها «هبة النيل» ويرجع سبب إطلاق أسم  الغرق بالرغم من عدم وقوعها على شاطئه لأنها فى مكان منخفض لدرجة أن مياه فيضان النيل كانت تغرقها تماما ومن هنا سماها الأغريق «الغرق» ويتجاوز عدد سكانها بتوابعها الـ 75 من «عزب و نجوع» حوالى 250 ألف نسمة فى الغرق قبلى وبحرى ودانيال ومنشأة عبد المجيد وخليل الجندى وجبر ودنيال وعنك.وتمتد حدودها إلى الجماهيرية الليبية من الناحية الغربية الجنوبية وعبر قرية « ناقولا « وكانت تحتضن معسكرات أمنية على الحدود ما زالت آثارها موجودة حتى الآنمدافع الجرانوف والبنادق الآلية فى أيدى الأطفال
 
 
 كما يوجد طريق سرى يؤدى الى لبييا عبر جبل سعد الذى تقيم خلفة قبائل « أولاد على « مباشرة من الناحية الغربية وما زال بعض المهربين يسلكونه إلى الآن حسب تأكيد كل من محمد أحمد «موظف» ومحروس عبد العليم «مزارع».وترتبط قرية الغرق بالدولة الليبية ارتباطا وثيقا حتى أن سوق القرية يعتبر سوقا للمنتجات الليبية والطريف أن هذا السوق يعد أكبر أسواق محافظة الفيوم ويرتاده المواطنون من محافظات المنيا وبنى سويف والجيزة لكونه يمتلئ بالبضائع والسلع القادمة من الجماهيرية الليبية خلال فترة حكم العقيد القذافى وما بعده وحتى الآن رغم إغلاق الحدود بين البلدين حيث لم تتوقف حركة التجارة بين القرية والجماهيرية وإن كان السر فى ذلك يرجع الى وجود طريق يسمى «بالسلكاوى».
 
ويعمل أكثر من 30 ألف مواطن أبناء القرية فى ليبيا حتى الآن ولا يوجد منزل بالغرق إلا وبه واحد أو أكثر يعملون داخل الجماهيرية، وبعد الثورة تغير الوضع وعاد الآلاف من أبنائها فضلا عن المفقودين وأصبحوا بلا عمل، وينحدر عدد من أبناء القرية الى أصول من القبائل الليبية ومنها قبائل الفوايد والرماح والسمالوس وما زال الترابط بينهم وبين أهاليهم فى ليبيا قائماً حتى الآن وكانت لهم قبل الثورة الليبية معاملة خاصة فى الجوازات الليبية ببطاقة تسمى «ص ش» أى الصحراء الشرقية كما أن هناك سيارات أجرة تتجه مباشرة من الغرق إلى ليبيا.
 
والقرية كانت تسمى قديما الغرق السلطاني لأن والى مصر محمد على باشا قد زارها وذهب إلى مكان يعرف إلى الآن باسمه منشأة محمد على أو البرنس ليطمئن على بعض فرق جيشه التى كانت متواجدة هناك كما زارها الرئيس جمال عبد الناصر فى الستينيات لافتتاح أحد المشروعات الخاصة بمياه الشرب ومكث فيها الملك الليبى إدريس السنوسى.ويؤكد الكابتن عبد العزيز آدم أن «الغرقات» حسب ما يردد أهلها كانت تساند المجاهد عمر المختار فى حربه ضد الاحتلال الإيطالى وأبلوا فى مساعدة المجاهدين هناك بلاء حسنا حيث ذهب الآلاف الى ليبيا عبر الجبال و هم يتنقلون فوق الدواب و الجمال.
 
ويضيف سيد عبد العزيز «تاجر» بالرغم من الأهمية التاريخية لهذه القرية إلا أنها كبقية القرى فى المحافظة لم تمتد اليها يد التطوير والتغيير فتحول الكثير من منازلها إلى برك ومستنقعات، حتى إن منطقة الورشة غرب القرية انهارت بها العشرات من المنازل بسبب الطرنشات و المياه الشيطانية التى تخرج من باطن الأرض كما أن هناك العديد من المنازل لا تزال تعوم وسط مياه الصرف الصحى وهجرها أصحابها الى عزبة «اللم» أو الوابور الجديدة التى يقطنها الخارجون عن القانون الذين نزحوا اليها من كل حدب وصوب.
 
ويرى صلاح مهنى «مزارع» أن مياه الشرب قليلة تصل الى درجة الجفاف أحيانا و هناك عزب تابعها لها لا تعرف مياه الشرب النقية كعزب «الشيخ سليم وأبوحربة والمديرية والخمسين والجراى المستجدة « وبالرغم من قيام أهالى هذه العزب بالتظاهر عدة مرات أمام ديوان عام المحافظة إلا أن أحدا لم يلتفت إليهم حتى أن نواب الحرية والعدالة طلقوها بالثلاثة بعد أن تبخرت وعودهم ولم يعد يقبلهم أهالى القرية التاريخية.
 
لم يقتصر الأمر عند هذه المشكلات بل و صلت القرية التى كانت تغرق من كثرة مياه النيل فى العهود السابقة أصبحت تعانى من ندرة مياه الرى فهناك أكثر من 50 ألف فدان مهددة بالبوار فى القرى التابعة لها « كالموالك والمحمودية والكاشف « بسبب وقوعها فى نهايات بحرى» الجرجبة والغرق « وبالرغم من قرار المجلس المحلى للمحافظة ابان حكم النظام السابق بحرمان مزارعى هذه القرى من زراعة الأرز إلا أن مياه الرى ما زالت غائبة.
 
ومن خلال ترجلنا داخل محيط «الغرقات» شاهدنا زيادة حالات التعدى على الأراضى الزراعية وأملاك الدولة وكأن دولة القانون لا تعرفها بالرغم من وجود وحدة محلية ونقطة شرطة وأكثر من 10 جمعيات زراعية و قسم لحماية الأراضى أملاك الدولة إلا أن حالات الاتجار فى الأراضى أملاك الدولة على أشده بعقود و بدون عقود حتى أن سعر قيراط الأرض الزراعية فى مدخل القرية بمنطقة العوينات وصلت قيمته حوالى 20 ألف جنيه.
 
عاشور معوض «عضو بحزب الوفد» و من أبناء القرية يؤكد أن الغرقات واحدة من القرى الشهيرة بالاتجار فى «ممنوع» فالأسلحة المهربة من ليبيا والمسروقة من السجون المصرية خلال فترة الثورة أصبحت فى متناول الأطفال الذين يستعرضون بها فى وضح النهار بالإضافة الى انتشار عصابات السطو على أراضى الدولة ومروجى العملات المزيفة وبارونات الحشيش والبانجو .