الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أهلاً.. غانا




سوف تكون الليلة سعيدة بإذن الله‮.. ‬أنا متفائل بمباراة‮ ‬غانا‮.. ‬كما لاشك أنكم متفائلون‮.. ‬وقد نكون اليوم علي موعد مع إنجاز‮ ‬غير مسبوق في تاريخ كرة القدم الأفريقية والعالمية‮.. ‬الجهد الذي سوف يبذله لاعبو مصر والإخلاص الذي يميزهم سوف يقرر ذلك‮.. ‬وهم يستحقون وجديرون بهذا الانفراد بمرمي السبق‮.‬

وإذا كنا نطالب اللاعبين بأن يواصلوا عملية التركيز المجهدة في الميدان‮.. ‬فإننا لانستطيع أن نكلف أنفسنا بذلك‮.. ‬لأن‮ ‬مذاق النصر في مباراة يوم الخميس المبدعة مازال يلاحقنا‮.. ‬وسوف‮ ‬يبقي كذلك سنوات‮.. ‬حتي لو جاء فريق الجزائر في وقت تال وتغلب علينا‮.. ‬وبالتأكيد فإن المعزوفة الموسيقية المذهلة التي أبدعها أوركسترا المعلم حسن في ملعب بانجيلا سوف تسجل باسم هذا الجيل‮.. ‬وسنظل نجترها لحقب وعقود‮.‬

من ناحيتي لي طريقتي في إعادة تذوق طعم الانتصار‮.. ‬لاسيما حين يتعلق الأمر بالمساحة المتقاطعة بين السياسة والرياضة والإعلام‮.‬

ومن ثم أبدأ بمعاني ردود الأفعال الدولية في مختلف وسائل الإعلام حول مباراة الخميس‮.. ‬وسوف تجد علي موقع‮ (‬أخبار جوجل‮) ‬مالا يقل عن مائتي مقال وتقرير دونتها الصحافة العالمية حول الحدث الفريد‮.. ‬بخلاف تناولات التليفزيونات التي لم يشملها رصد الموقع‮.‬

الكثير من تلك المقالات استخدم في تحليل المباراة أفعالاً‮ ‬من نوع‮ (‬سحق‮)‬،‮ ‬و(أذل‮)‬،‮ ‬و(أهان‮).. ‬تعبيراً‮ ‬عن فعل الانتصار الذي حققه الفريق المصري علي منتخب جزائري منفلت‮.. ‬قالت عنه الديلي تليجراف أنه‮ (‬غير منضبط‮) ‬و‮(‬غير أخلاقي‮).‬

السمعة التي بنيت بعد هذا النصر المصري المروع‮.. ‬لم يكن مخططا لها‮.. ‬صنعها اللعب الجيد والتركيز المهول من اللاعبين‮.. ‬والامتاع الذي قدموه‮.. ‬وفيما بعد مباراة الجزائر في أم درمان كسب محاربو الصحراء الساحة الإعلامية في المجالين العربي والعالمي‮.. ‬ولم نتمكن من إقناع الرأي العام حولنا بأننا تعرضنا لترويع يخالف روح اللعب الشريف والنزيه‮.‬

والمعني أن الصورة الطيبة حتي لو كانت ملفقة لايمكنها أن تصمد‮.. ‬وأن الحقيقة هي التي تبقي‮.. ‬وأن الانطباع الإعلامي من الأفضل له أن يكون مبنيا علي وقائع‮.. ‬أكثر من كونه يبني علي تلفيقات تمكن الجزائريون من اختلاقها والادعاء بها فيما بعد مباراتي القاهرة وأم درمان‮.‬

حسن شحاتة لم يكن يستهدف هذا الواقع الإعلامي المصري الجديد‮.. ‬لا هو ولا لاعبوه‮.. ‬ولا اتحاد كرة القدم‮.. ‬والأخير كان يريد مالا لكي يمول‮ ‬حملة إعلامية لصورة مصر والفريق في مواجهة الجزائر وما تفعل‮.. ‬غير أن حسن وأبناءه نجحوا في صناعة صورة صادقة‮.. ‬ومؤثرة‮.. ‬بينما الجزائريون يخاطبون أنفسهم الآن بأنهم تعرضوا لظلم بين من الحكم كودجا‮.. ‬الذي يقول الكافة أنه قد تساهل مع فريق الجزائر وكان يمكن أن يطرد نصفه‮.‬

وعلي الرغم من ذلك فإن علينا أن نقر بأن السلوك الإعلامي الذي سبق المباراة مصريا‮.. ‬في هدوئه واتزانه وتحسبه للمفاجآت‮.. ‬قد وفر بيئة مهمة لكي يتحقق النصر‮.. ‬لقد تعامل الجزائريون مع هذا السلوك علي أنه نوع من الخداع‮.. ‬وهو من جانب آخر أدي إلي نشوء مناخ شبه طيب في العلاقات بين البلدين‮.. ‬وحصر المباراة في أنها أصبحت تنافساً‮ ‬رياضياً‮ ‬وليس بين شعبين‮.. ‬المهم أن ذلك المناخ أدي إلي تخفيف الأعباء الملقاة علي كاهل منتخب مصر‮.. ‬فانتبه إلي الرياضة وتنافس الملاعب‮.. ‬بعد أن تخلص ولو قليلا من أحمال السياسة‮.‬

ولاشك أن انخفاض عدد أحداث العنف التي تعرضت لها المنشآت المصرية في الجزائر بعد مباراة الخميس‮.. ‬وعقب الانتصار الرائع‮.. ‬له علاقة بأمرين‮.. ‬الأول انخفاض وتيرة الإثارة الإعلامية من جانب مصر ووسائل إعلامها‮.. ‬والثاني هو أن الجمهور الجزائري أدرك بما لايدع مجالا للشك وبغض النظر عن الرسالة الإعلامية الجزائرية الحالية للداخل الجزائري أن فريقه لم يلعب‮.. ‬وأنه لم يجتهد‮.. ‬وأنه لم يتعب‮.. ‬وهي حقيقة أكيدة حتي لو كانت‮ "‬علقم‮".‬

النقطة الأخيرة التي أريد أن أسجلها هنا تتعلق بالفردية والجماعية‮.. ‬أبوتريكة لم يسافر مع الفريق للإصابة‮.. ‬وأحمد حسام‮ (‬ميدو‮) ‬لم يسافر بسبب خلاف عميق بينه وبين المدير الفني‮.. ‬والحقيقة التي أفرزتها الأحداث هي أن الفريق حين يكون جماعياً‮ ‬فإنه لايقف علي مجهود فرد أيا ما كانت مكانته وقيمته وتأثيره‮.‬

حتي لو كانت تلك الجماعية هي نتاج مجموعة من الأعمال الفردية‮.. ‬المهم هي قدرة الفريق علي حشد الفردي في إطار الجماعي‮.. ‬توظيف الواحد في الكل‮.. ‬وجعل الكل مجموعة من جهود كل واحد‮.‬

وهكذا تمكن الفريق من الاستفادة من قدرات أحمد حسن العريق والخبير والمخلص‮.. ‬ومن تفوق المحمدي‮.. ‬ومن إصرار الحضري علي حماية تاريخه والذود عن أسبقيته وتميزه‮.. ‬ومن إرادة زيدان في أن يتجاوز عدم توفيقه‮.. ‬ومن موهبة جدو‮.. ‬ومن حيوية حسام‮ ‬غالي واحترافيته‮.. ‬ومن صلادة وائل جمعة‮.. ‬ومن ارباكات متعب‮.. ‬ومن تفاني معوض‮.. ‬وغيرهم كثيرون لكل تميزه‮.. ‬الجماعية هي محصول وافر من تناغم‮ ‬الفرديات‮.‬

أمنياتنا بالتوفيق في مباراة الليلة‮.. ‬فنحن علي أبواب التاريخ‮.. ‬وسوف يفتح أبوابه لأبنائنا كما اعتاد مع أمتنا علي مدي أيامه‮.‬

الموقع الإليكترونى: www.abkamal.net

البـريـد الإليكترونى: [email protected]