الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أحمد فضل شبلول: الإسكندرية فقدت روح التسامح والبحر حضوره قوى فى أعمالى




أحمد فضل شبلول كاتب ومبدع من مواليد الإسكندرية وهومتعدد الاهتمامات، حيث يكتب فى أجناس أدبية مختلفة ما بين الشعر والكتابة للأطفال والممارسة النقدية، والعمل الصحفى والمعجمى، وقد نجح فى التوفيق بين هذه الاهتمامات بفضل براعته فى إدارة الوقت التى يفتقدها الكثير من المصريين، وهو غير قلق على مستقبل الإبداع لأن المبدع يمتلك من الذكاء بحيث يراوغ السلطة ويحقق رسالته فى نفس الوقت.
 
هنا حوار معه:
 
■ تجمع بين الشعر والنقد والكتابة للأطفال والعمل المعجمى والصحفى.. كيف توفق بين هذه الاهتمامات؟
 
ـ الحمد لله أننى أجد وقتا كافيا للقيام بكل هذه الأنشطة، ولو وجدت وقتا آخر لسلكت دروبا أخرى فى مجال الأدب والفن، وكلها تصب فى مجال اهتماماتى الأدبية والثقافية. والمسألة من وجهة نظرى هى ادارة الوقت وتخصيصهللشيء المحبب لى، وربما دراستى الجامعية فى مجال إدارة الأعمال جعلنى اجيد ادارة الوقت واستثماره الاستثمار الأنسب لميولى واتجاهاتى وموهبتي، وربما فى وقت مبكر قرأت كتابا مترجما عن «إدارة الوقت» جعلنى استشعر أهمية الوقت وعامل الزمن فى كل مناحى الحياة، وللأسف نحن المصريين لا نحترم الوقت، لدرجة أن هناك تعبيرا شائعا الآن وهو «المواعيد المصرية» والتى تعنى عدم احترام الوقت، فمن الممكن ان تحصل على ميعاد من صديق لك، فيأتى لك بعده بنصف ساعة أو ساعة، متحججا بالمواصلات أو «راحت عليه نومة» أو كانت هناك مشكلة ما يحلها قبل أن يجىء اليك، أو ان جارا له أصيب بوعكة صحية فاضطر أن يعاوده قبل المجىء اليك، وما إلى ذلك من حجج واهية. وأنا أرى أن احترام الوقت هو أول الطريق إلى التقدم الحضارى الحقيقى.
 
■ ألا يمثل ذلك نوعا من التشظى فى الموهبة؟
 
- اطلاقا.. بل ارى أن كلا يخدِّم على الآخر. فقدأفادتنى الصحافة فى مجال الأدب، والعكس صحيح، وأفادنى عملى فى المعاجم العربية فى تحسين اللغة التى لم ادرسها دراسة اكاديمية، كونى متخرجا من كلية التجارة وليس قسم اللغة العربية بكلية الآداب أو التربية. وأفادتنى عملية ممارسة النقد فى تذوق أفضل للأعمال الأدبية والإبداعية، والمسألة ليست قياسا على آخرين، ولكن لكل كاتب أو مبدع ظروفه من ناحية النشأة والاهتمامات وادارة الوقت والقراءة والتثقيف، وربما وجودى المستمر فى قصر ثقافة الحرية خلال السبعينيات والثمانينيات أتاح لى أن أشارك سواء بالحضور أو الاستماع والمشاهدة فى أنشطة أدبية وفنية شتى منها فصل تحسين الخطوط العربية، ونادى المسرح ونادى السينما، ومعارض الفنون التشكيلية، إلى جانب نادى الشعر ونادى القصة والرواية، وحضور الجلسات أو الندوات النقدية التى تخص مثل هذه الأنواع الأدبية، فأحسست بنوع من التكامل وليس التقاطع بينها. ولا أعتقد أن مثل هذا يمثل نوعا من التشظي، ولكن يمثل نوعًا من الإحساس بتكامل الفنون والآداب.
 
■ البحر له حضور قوى فى إبداعك.. ما علاقتك به؟
 
- طبيعى جدا أن يكون للبحر حضور قوى فى اعمالى الإبداعية للصغار والكبار، فأنا من مواليد الاسكندرية، تلك المدينة الرائعة المطلة على حوض البحر المتوسط، وبينى وبين بحرها عشق وغرام وهيام خاصة أثناء فصل الشتاء الذى احبه كثيرا عن صيف الإسكندرية، لذا تجد أن عددا من دواوينى يحمل اسم البحر مثل «ويضيع البحر»، «عصفوران فى البحر يحترقان»، «شمس أخرى.. بحر آخر»، حتى فى شعر الأطفال تجد «آلاء والبحر». وكما هو معروف أن هناك ارتباطا شديدا بين الإنسان السكندرى والبحر، لدرجة أن هناك مقولة ترى تؤكد أن الإنسان السكندرى يعيش مثل السمكة فى البحر، لو خرجت منه لماتت.
 
■ هل فقدت الإسكندرية روح التسامح والتنوع التى كانت تتميز به فى الماضى؟
 
- نعم.. فقدت الاسكندرية هذه الروح التى كانت تميزها فى الماضى خاصة قبل ثورة 1952 وقبل حرب 1956 وقبل قرارات التأميم، واخيرا قبل 1967، حيث غادرت الجاليات الأجنبية، والأجانب الذين ولدوا وتربوا فى الاسكندرية، وعاشوا على ترابها الزعفران، لقد احسوا بأن ثمة مضايقات لم يتعودوا عليها من قبل عندما كانت الاسكندرية مدينة كوزموبالتينية، وقد عاصرت المدينة فى آخر عصرها الكوزموبالتينى، وشاهدت محال الأجانب فى محطة الرمل والعطارين والمنشية، وشاهدتهم وهم يركبون ترامل الرمل حيث كانوا يقنطون فى كامب شيرزار والابراهيمية، وتذكرتهم جميعا اثناء مشاهدتى لمسلسل «زيزينا» وغيره من المسلسلات التى عبرت عن روح المدينة.
 
■ أصدرت أكثر من أربعين كتابا.. فهل الإبداع قرين الغزارة؟
 
- ليس شرطا أن يكون الإبداع قرين الغزارة، وأضرب مثالا بشعراء يتيمة الدهر، أى الشعراء الذين خلدتهم قصيدة واحدة. أو شعراء العمر القصير من أمثال أبوالقاسم الشابي، ومحمد عبدالمعطى الهمشري، وحتى أمل دنقل. ولكن بالنسبة لى أحاول أن أحفظ كتاباتى المتنوعة فى أوعية ورقية وايضا رقمية. ومنها الشعر والدراسات الأدبية والنقدية وأدب الرحلات والمعاجم وغير ذلك، مما أسهم فى ارتفاع عدد الكتب الورقية، ناهيك عن صدور كتب الكترونية أيضا مثل ديوان «المتفلسف» الذى لم يطبع ورقيا.
 
■ هناك اتهام لادب الاطفال العربى بأنه يستخف بعقلية الطفل ويقول له نصف الحقيقة .. ما رايك؟
 
- هناك مشاكل حقيقية فى أدب الأطفال العربي، وأهمها دخول الميدان من ليس مؤهلا واصراره على النشر فى مجلات الأطفال، وقد عملت لفترة فى مجلة «العربى الصغير» بالكويت، وشاهدت ذلك الإصرار من بعض الكتاب على إرسال مواد لا تتناسب مع موضوعات الأطفال، وهدفهم فقط الحصول على المكافأة المادية قبل أن ينظر فى صلاحية المادة للطفل من عدمه.
 
ولعل مثل هؤلاء الذين ربما تنشر لهم مجلات أخرى هم الذين يستخفون بعقلية الطفل، ظنا منهم أن الكتابة للطفل شىء سهل ويسير، ومجرد كلمتين من تراث كليلة ودمنة، أو عالم الحيوانات والطيور، أو حتى عالم الكمبيوتر الذى صار يستهوى أطفالنا دون مراعاة لأى جوانب تربوية وتعليمية لا بد من تسللها بطريقة خفية من خلال العمل المقدم للطفل. ودون مراعاة اللغة والمفردات التى تناسب سن الأطفال ومراحلهم المختلفة.
 
■ كيف تفاعلت مع ثورة يناير إبداعيا؟ وكيف ترى مستقبل حرية الإبداع فى ظل حكم الإخوان؟
 
- حقيقة كان هناك احساس قوى باندلاع ثورة فى مصر قبل 25 يناير، نتيجة الممارسات الخاطئة للنظام السابق، ومعاداة الشعب خاصة الطبقة المتوسطة التى أصبحت فقيرة، والطبقة الفقيرة التى أصبحت أكثر فقرا وعوزا، ولكن لم نكن نعلم على وجه اليقين من سيقوم بهذه الثورة .
 

 
■ ومتى وأين وكيف؟
 
وما أن تحرك الشباب وخرج فى 25 يناير حتى استجابت شرائح كثيرة من المجتمع لهذا التحرك، ونزل معظم الناس فى الميادين، ليس ميدان التحرير فى القاهرة فحسب، ولكن فى معظم الميادين الموجودة بمحافظات مصر المختلفة، أى أنه كانت هناك مشاركة شعبية واسعة فى هذه الثورة، لذا تم لها النجاح خلال أسابيع قليلة خاصة بعد اعلان الجيش لأنه لن يشارك ضد المتظاهرين. وقد انفعلت بأحداث الثورة وكتبت قصيدة بعنوان «فى الخامس والعشرين وقف البحر على قدميه» نشرت فى أكثر من مطبوعة ورقية ورقمية.
 
أما عن مستقبل حرية الإبداع فى ظل حكم الأخوان، فلا خوف عليه، لأن المبدع إنسان ذكى بطبعه، ويستطيع أن يستخدم الرمز والإسقاط وجماليات الإبداع الأخرى، لو أحس أن هناك من يضيق عليه، وقد حدث هذا كثيرا فى عصور الأدب المختلفة.