الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

عدنان الدوسرى: الربيع العربى فوضى منظمة انتهت بتغيير أشخاص لا أنظمة




عدنان الدوسرى أديب عراقى يكتب القصة القصيرة والشعر والمقالة الفكرية عاش فى المنفى بعيدا عن وطنه لأسباب سياسية، بحثا عن حرية لم تتوفر فى نظام صدام حسين الذى اعتمد أيديولوجية الفرد الواحد، يكتب ما يرى أنه سيكون جديرا بحمل أفكاره للقارئ أيا كان شعرا أو قصة أو رواية أو مقالا، ويرى أنه ليس هناك تراجع أو تقدم بين الشعر والرواية أو القصة القصيرة فكلاهما يسير حسب تداعيات الظروف المحيطة، ويرى آسفا أن «الربيع العربي» فوضى منظمة انتهت بتغيير أشخاص لا أنظمة وأن دماء ضحايا هذه الانتفاضات –كما يحب أن يسميها- ستسألنا تحاسبنا عما تحقق من أحلامها ... فإلى نص الحوار:
 
■ لماذا كانت الهجرة من العراق؟
 
- بسبب مواقفى للنظام السابق وبحثا عن آفاق الحرية الثقافية التى كانت مبرمجة وفق أيديولوجية الفرد الواحد.
 
■ وكيف تعاملت مع ثقافة المنفى؟
 
- المنفى واقع مرير يفرز معاناة صعبة ويمنح رؤية حول البحث عن وطن داخل أنفسنا أولا ولخوض تجربة صعبة بكل ما تحمله من هموم التشرد والاغتراب، وهنا يخرج الإبداع من رحم هذا الوجع، وتعاملى معه كان إفرازات هذا الوجع الذى أثمر عن كتابات تحاكى هذا النوع من الأدب.
 
■ تكتب القصة القصيرة والشعر والمقالة الفكرية .. أين تجد نفسك أكثر؟
 
- أجد نفسى حيث تولد الفكرة.. ليس بضرورة أن أكون شاعرا أو قاصا أو كاتبا حتى، إنما اسعى جاهدا على أن تصل فكرتى للقارئ حسبما تبنى الفكرة من بناء ثقافي.فاغلب الأحيان تولد الفكرة وهى تأتى بنص شعرى أو بناء قصصى أو مقالة فكرية.
 
■ قصصك بحث لا يتوقف عن الذات وعن الهوية؟
 
- عندما تفقد الوطن ورائحة الطين وصوت البلابل التى كانت تغرد على شرفتك ذات صباح وتتلاشى فحينها تولد عبر مخيلتك القصيدة أو القصة التى تحاكى هذا الإحساس فى البحث عن الذات والهوية ولبناء عالم الخاص.
 
■ كيف يمكن من خلال الهوية رسم ملامح الهوية الإبداعية؟
 
- التركيبة الثقافية للهوية هى العمود الفقرى للإبداع بما تحمله من تراكمات حضارية، حيث ترسم الملامح الأساسية لتشكيل طابع هويتك واتجاهاتها الثقافية ومن خلال هذه المقومات ترسم ملامح الهوية فكثير ما أمسك كتابا وأعرف من خلال النص أن الكاتب من العراق دون الاطلاع على اسم المؤلف، فهذه السمة من الإدراك المعرفى للنص جاء عبر معرفتى بتركيبة الثقافية للأديب العراقى وربما حتى العربى فى بعض الأحيان.
 
■ هل ما زال العراق بلد الشعر أم تراجع الشعر لصالح الرواية؟
 
- يبقى العراق بلد الشعراء والصور كبقاء النهرين..ليس هناك تراجع أو تقدم بين الشعر والرواية أو القصة القصيرة فكلاهما يسير حسب تداعيات الظروف المحيطة لهما، وهذا يدل التنوع فى مسوغات الطلب لدى القارئ، فالخطوط البيانيةالتى تفتقدها فى هذا المجال تعكس فى بعض الأحيان علينا فى تكهنات غير دقيقة، ولهذا أناشد كافة المؤسسات الثقافية العراقية أو حتى العربية الاتجاه نحو استبيانات التى توضح هذا الأمر ومن خلال هذه الإحصاءات يتم وضع خطط ثقافية لرفد الحركة الثقافية بما يتلاءم مع الحاجة والاحتياج.
 
■ كيف ترى العلاقة الإشكالية بين الطب والإبداع؟
 
- كلاهما إبداع فى وجه نظرى ليس هناك إشكالية فى تطبيق هذه المعطيات لطالما توجد أرضية خصبة للإبداع ورؤيا واضحة المعالم.
 
■ ماذا عن دور الذاكرة فى نسيج العملية الإبداعية؟
 
- الذاكرة، ذلك المخزون التى تحيطها كل أنواع الصور والحكايات ومرجعا لرسم الصورة الذهنية للعمل الإبداعى حيث تساهم الذاكرة باستحضار تلك الصور الذهنية متزامنة من المخيل لتكوين العمل الإبداعى الذى يتمخض عبر ولادة تساهم بها الذاكرة بشكل كبير وبرسم تلك الملامح الأساسية للنص الأدبى بكل أشكاله الجميلة.
 
■ الأديب يمتلك قدرة وكفاءة عالية تفوق أغلب السياسيين برأيك هل يمكن للأديب القيام بدور سياسي؟
 
- ليس كل أديب سياسيا فنحن بحاجة إلى قادة حقيقيين للتغيير وليس سياسيين (للتنظير فقط) فما قيمة التنظير دون تطبيقات ميدانية وقادة يمتلكون مقومات السياسى والأديب معا وهذا ما تناولته فى إحدى مقالاتى عن مفهوم الشخصية السياسية التى تناولت مفهوم السياسى فى عصرنا الراهن ويقول الدكتور أنيس صانع فى مذكراته التى عالج فيها «مفهوم الزعامة السياسية من الملك فيصل إلى الرئيس جمال عبد الناصر» لو قلبنا صفحات التاريخ السياسى المعاصر للعالم العربى فى أقطاره المختلفة لوجدنا أن مجموعة من الزعماء ألأكثر شهرة تنقسم إلى فئات ثلاث: «عاهل دولة، أو رجال ثورات أو انقلابات، ورجال أحزاب» وقد لا يوجد بين هؤلاء كلهم رجل فكر وسياسة معا.
 
■ هل بغداد تخلت عنك أم أنك تخليت عنها؟
 
- لم تتخل بغداد عن أى فرد بكل تاريخها الحضارى إنما (أنا) تخليت عنها مجبرا ومكرها، بسبب ما آل إلى من ضيم الذى طال وطال الكثير من مثقفين وسياسى العراق، ومازلت اشتاق لتلك الدروب والحوارى ورائحة الأزقة القديمة، وأغلب كتاباتى لها والجميع يعرف ذلك.
 
■ كيف تتأمل ثورات الربيع العربي؟ وهل تتوقع أن تتمخض عن مشروع قومى للوحدة العربية؟
 
- قد اختلف مع الكثير فى رؤية الواقع الحالى وما يحدث على الساحة العربية من فوضى منظمة، فتلك الدماء التى سالت فى ساحات الاعتصام وساحات التحرير ستحاسبنا يوما على هذه الفوضى التى بدأت بانتفاضة وانتهت بتغيير الشخوص لا بالأنظمة، فلم أجد أى استراتيجية واضحة المعالم وخطط مستقبلية لتلك الدول العربية التى انتفضت ذات يوم وهذا مدلول واضح على عدم استيعابنا لمفهوم الثورات والتغيير السياسى فما قيمة الثورة إذا كان التغيير للشخوص وليس للنظام السياسي، حتى اغلب الأحيانأجد التغيير فى بعض الدول ضحك على الذقون الشعب وهذه طامة كبرى سوف ندفع ثمنها لاحقا.
 
■ هل أثر الربيع العربى بالسلب على القضية العراقية؟
 
- القضية العراقية لها وضعها الخاص فمشكلتنا ليس الربيع العربى كما يسمى إنما مشكلتنا بتأثيرات الخارجية من الإرهاب وعدم وجود سيادة للقانون وفقدان حكومات المؤسسات والفساد الإدارى وتراكمات كثيرة أدت إلى سوء الوضع فى العراق، وكما قلت سابقا نحن بحاجة إلى إعادة النظر فى برامجنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية حتى ننهض من جديد مع مشاركة فعالة للشعب وتوظيف الحركات الشبابية الواعية لهذا التغيير.