السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المستشار أحمد كشك نائب رئيس هيئة قضايا الدولة: الشعب أعطي الأمر «بعزل مرسي» فاستجاب الجيش




في حواره لـ«روزاليوسف» أكد المستشار أحمد كشك نائب رئيس هيئة قضايا الدولة أن ما قام به الجيش ليس انقلابا عسكريا وإنما هو أداء لواجبه في حماية الدولة المصرية ومنع سقوطها وتدميرها، واصفًا ما قام به الجيش المصري العظيم بأنه عملية نظيفة تنفيذًا للأمر الشعبي الذي صدره له.
وأكد «كشك» أن تلويح أمريكا بمنع المساعدات الأمريكية عن مصر غير قانوني مشدداً علي أن تلك المساعدات هي جزء لا يتجرأ من معاهدة كامب ديفيد ولا يتجزأ الولايات المتحدة منعها أو تخفيضها أو تعليقها وإلا كان ذلك خرقا منها لمعاهدة كامب ديفيد.     
هذا إلي جانب عدد آخر من القضايا تطرق لها الحوار، فإلي نصه:
■ ما تقييمك لما جري في 30 يونيو وما تبعها من عزل الرئيس؟
ـ  بعد أن نجحت ثورة 25 يناير لم يطلب الثوار الذين قاموا بها أن يتولوا الحكم وتركوا الساحة للقوي السياسية التي لم يكن لها أي دور إيجابي في هذه الثورة وتمكنت إحدي هذه القوي من الوصول إلي الحكم. وهي فصيل الإخوان المسلمين والذين لم تكن لهم دراية بشئون الحكم فأدخلوا البلاد في نفق مظلم وانحرفوا عن أهداف الثورة مما دعا الشعب المصري إلي القيام بالموجة الثورية الثانية التي وصلت ذروتها في 30 يونيو لتصحيح مسار الثورة الأم. والتي كانت سلمية أيضا حيث خرج جموع المواطنين إلي الميادين يطلقون الألعاب النارية في احتفالية لم ير لها العالم مثيلا في تاريخ البشرية. ليعلم الشعب المصري شعوب العالم كيف تكون الثورات حينما يقوم بها شعب يملك حضارة سبعه آلاف سنة هي عمر الحضارة الإنسانية. وليغير مفهوم الثورات لدي شعوب العالم. من وسيلة للقتل والتدمير. إلي احتفال كرنفالي للمطالبة بعزل الحاكم.
■ لكن البعض يقول إن «المعزول» كان رئيسا مدنيا منتخبًا ديمقراطيا وجاء إلي الحكم بشرعية الصندوق ويجب ألا يعزل عن الحكم إلا عن طريق الصندوق فما رأيكم في هذا التصور؟
ـ  كلام غير صحيح، ولا يمثل سوي نصف الحقيقة فشرعية الحاكم تتطلب أمرين لا يغني أحدهما عن الآخر، أولهما: «شرعية الوصول إلي الحكم»، بأن يصل الحاكم لمنصبه عن طريق انتخابات رئاسية نزيهة، أما الأمر الثاني فهو: «شرعية البقاء والاستمرار في الحكم» وذلك يتحدد وفقا لأداء الحاكم بأن يكون هذا الأداء مرضيا لغالبية أفراد الشعب، وقد حصل الرئيس مرسي علي الشرعية الأولي «شرعية الوصول إلي سدة الحكم بالصناديق ولكنه لم يحصل علي شرعية «الاستمرار في الحكم» في ظل خروج أكثر من 30 مليون مواطن في 30 يونيو  يطالبونه بالرحيل.
تلك الحالة جعلتني أطالب الرئيس مرسي في ذلك اليوم، في لقاء تليفزيوني بأن يدعو إلي استفتاء شعبي علي بقائه في الحكم من عدمه لأن خروج هذه الملايين جعلت شرعية استمراره محل شك. ويجب عليه أن يرجع إلي الشعب لتأكيد شرعيته. وهذا الأمر هو وسيلة ديمقراطية معروفة في جميع دول العالم الكبري مثلاً لجأ رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو إلي هذه الوسيلة العام الماضي عقب اندلاع مظاهرات بشأن أزمة الإسكان في إسرائيل. كما لجأ برلسكوني في أيطاليا إلي نفس الأمر. فإذا كانت نتيجة الاستفتاء في صالح الرئيس تأكدت شرعيته أما إذا كانت النتيجة في غير صالحه . أمتثل إلي رأي الشعب ويترك الحكم وتجري انتخابات رئاسية مبكرة دون تعريض حياة المواطنين للخطر كما هو حادث الآن .
■ يري البعض أن ما حدث انقلابًا عسكريًا ما رأيك؟
- الجيش المصري وفقا للدستور هو ملك للشعب وليس ملكا لحاكم أو لفئة من فئات الشعب، فجيشنا جيش وطني مهمته الأساسية الدفاع عن حدود البلاد ومصالحها الاستراتيجية. والأصل أنه لا يختص بمهام الأمن الداخلي، ولكن إذا وجد الجيش أن مقومات الدولة المصرية معرضة للتدمير والانهيار أو أن هناك احتمالاً لخطر الأقتتال الداخلي بين أبناء الوطن الواحد نتيجة لفشل النظام السياسي، كواجب عليه في هذه الحالة أن يتدخل من تلقاء نفسه، وإن لم يطلب منه الشعب ذلك ليحافظ علي مقومات الدولة ويحول دون حدوث الاقتتال الداخلي.
وفي 30 يونيو خرج ملايين المواطنين  يطالبون الرئيس السابق بالرحيل، وهو عدد يفوق العدد الذي شارك في الانتخابات الرئاسية التي جاءت بمرسي إلي الحكم سواء من صوت لصالحه أو لصالح منافسه فكان التحرك الشعبي والاستجابة له من قبل مؤسسة الجيش هو الأقرب للديمقراطية المباشرة، وباعتبار الشعب هو صاحب السيادة ومصدر السلطات وأمر قيادة الجيش بتنفيذ مطلبه بعزل الرئيس السابق الدكتور مرسي.
 ولا يجب أثناء الرد علي ادعاء «الانقلاب العسكري» المزعوم أن نغفل أن قيادة الجيش عرضت الأمر علي رئيس الجمهورية لإجراء استفتاء علي بقائه أو الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة إلا أنه رفض الحلول الدستورية لهذه الأزمة وتمسك بمنصبه متجاهلا جموع الشعب وهدد بإسالة الدماء في سبيل بقائه في منصبه مما جعل البلاد علي شفا حرب أهلية تهدد بقاء الدولة المصرية، ما دفع قيادة الجيش أن تمتثل لأوامر الشعب بعزل الرئيس.
 ولنا أن نتصور الوضع لو لم تقم قيادة الجيش بالاستجابة لنداءات الشعب فلا محالة سوف يحدث الصدام بين مؤيدي الرئيس المسلحين بأنواع الأسلحة كافة وبين جموع الشعب الرافض لبقائه مما سيؤدي لسقوط ملايين القتلي وتدمير مؤسسات الدولة. ومن ثم فإن ما قام به الجيش ليس انقلابا عسكريا وأنما هو أداء لواجبه في حماية الدولة المصرية ومنع سقوطها وتدميرها.
فالانقلاب العسكري يعني أن تقوم قادة الجيش بالاستيلاء علي الحكم - علي خلاف رغبة الشعب - وهو ما لم يحدث فالجيش لم يقول علي الحكم بل سلم الرئاسة لرئيس مدني مؤقت هو رئيس المحكمة الدستورية والذي شكل حكومة مدنية بالكامل لا تشمل من العسكريين سوي وزير الدفاع. وجاءت هذه الحكومة لتنفيذ خارطه طريق رسمها الشعب. تبدأ بتعديل الدستور ثم الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
■ وما سلطات الرئيس المؤقت والحكومة المؤقته ومسئولياتهما؟
- سلطات الرئيس والحكومة تنحصر أساسا في تعديل الدستور مع الالتزام بالمبادئ الدستورية التي تحظر الانتقاص من حقوق المواطنين التي ثبتت لهم بموجب دستور سابق أو بموجب القانون أو تقييدها، والتحضير للانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة.
إضافة إلي تسيير شئون البلاد والقضاء علي الإرهاب والبلطجة وأعادة تكوين وتأهيل جهاز الشرطة والأجهزة الأمنية الأخري والتطبيق الحازم لأحكام القانون، ودفع عجلة الاقتصاد سواء في مجالات الصناعة أو الزراعة أو السياحة والحيلولة دون أن تكون الموجة الثانية من الثورة في 30 يونيو نافذة لعودة رجال وأفكار نظام مبارك.
وسوف يحاسب الشعب الرئيس المؤقت وحكومته بعد مضي عام من مباشرتهم لمهام مناصبهم كما حوسب الرئيس السابق عن أدائه بعد مضي عام من ولايته باعتبار أن هذا الأمر أصبح سنة ديمقراطية استنها الشعب المصري في ديمقراطيته الوليدة مفادها محاسبة الحاكم بطريقة دورية في نهاية كل عام من ولايته.
■ هددت الولايات المتحدة الأمريكية بقطع المساعدات العسكرية عن مصر إذا لم يعد الرئيس مرسي للحكم فما قانونية هذه التهديدات؟
- «المساعدات الأمريكية» جزء لا يتجزأ من معاهدة «كامب ديفيد» ولا يجوز للولايات المتحدة منعها أو تخفيضها أو تعليقها وألا كان ذلك خرقا منها لمعاهدة كامب ديفيد، ومع ذلك فهذه المساعدات ليست مساعدات بالمفهوم الدقيق، فالولايات المتحدة لا تقدمها هبة للشعب والجيش المصري وإنما تقدمها، مقابل خدمات أمنية وسياسية تعادل قيمتها عشرات أضعاف قيمة هذه المساعدات. وقد اعترف رئيس الأركان الأمريكي، بذلك حينما ذكر بالكونجرس أن ما تقدمه مصر للولايات المتحدة لا يقدر بمال وأن البحث عن بديل لمصر سوف يكلف الولايات المتحدة مائة ضعف ما تقدمه من معونة لها، ولذلك فأنا أري أن الولايات المتحدة لن تجرؤ علي قطع المساعدات العسكرية للجيش المصري بل أنني أطالب المسئولين المصريين بمراجعة حجم هذه المساعدات والتي لا تتناسب مع ما تقدمه مصر للولايات المتحدة مقابل هذه الخدمات.
ويكفي أن نرجع إلي التاريخ الذي لا يكذب لنعرف أنه لا تستطيع دولة كبري في العالم أن تسيطر علي العالم ما لم تتحالف مع مصر، فالامبراطورية الرومانية لم تصبح امبراطورية إلا باحتلال مصر. والامبراطورية الإسلامية لم تبلغ قمة قوتها إلا بفتح مصر. والامبراطورية العثمانية لم ترق إلي المستوي الإمبراطوري ألا باحتلال مصر. وحينما استقل محمد علي بمصر سقطت الامبراطورية العثمانية، وحينما احتلت بريطانيا مصر أصبحت امبراطورية لا تغيب عنها الشمس . فلما استقل جمال عبد الناصر بمصر عن بريطانيا سقطت الامبراطورية البريطانية وتحالف عبدالناصر مع الاتحاد السوفيتي فأصبح الدولة الأعظم في العالم . وبعد انتصار مصر علي أمريكا وإسرائيل في 73 تحالف الرئيس المنتصر أنور السادات مع أمريكا فدخلت أمريكا العصر الإمبراطوري وسقط الاتحاد السوفيتي، ولو أنهت مصر تحالفها مع أمريكا وتحالفت مع روسيا أو الصين لانتهي العصر الإمبراطوري الأمريكي ولظهر من تحالفت معه مصر كقوة امبراطورية جديدة.
 وتلك الأمور تعلمها الولايات المتحدة جيدا لذلك سوف تسعي بكل ما تملك علي الإبقاء علي تحالف مصر معها ولو بمضاعفة المساعدات وليس تقليصها.