الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الجزيرة «صبى» المشروع الأمريكى من غزو أفغانستان إلى تلميع الإخوان




كتب - أحمد الرومى
عقب اطاحة الشعب بنظام حكم الإخوان فى 30 يونيو، لم تتورع الجزيرة فى أن تسخر كل ادواتها لاجهاض الثورة، بانخراطها فى الدفاع عن الإخوان ليظهروا ضحايا مضطهدين، فصورت الجزيرة احتلال الإخوان للمساجد وتحويلها الى مراكز للتعذيب - كما حدث فى مسجد القائد ابراهيم فى الإسكندرية، ومسجد رابعة العدوية بمدينة نصر اللذين تحولا لى سلاخانة لسحب اعترافات من مواطنين عاديين معارضين للإخوان على انهم بلطجية عملاء ومخبرون لأجهزة الامن، وكذالك استغلال مسجد الفتح برمسيس فى قنص المواطنين ورجال الشرطة والجيش من المآذن، صوّرت الإخوان رغم تلك الانتهاكات بصورة الضعفاء المحتجزين فى المساجد من قبل رجال الأمن إمعانا فى التنكيل بهم.
 
ايضا أمعنت الجزيرة فى تزييف الحقائق من اجل اظهار أن هناك تحركا شعبيا فى الشارع يناصر الإخوان، بعرضها فيديوهات لمسيرات قديمة ووضعها فى إطار مناف للواقع، ابرزها اذاعتها جنازة لأحد ضحايا الإخوان بدمنهور على انها مظاهرات تأييد للمعزول، وكررت نفس الأمر مع مسيرة فى ميدان الساعة خرجت لتأييد الفريق اول عبدالفتاح السيسى عرضتها كأنها مسيرة مؤيدة لمحمد مرسى، لم يتوقف التضليل فى المحافظات فقط بل طال العاصمة بعرض الجزيرة بنسختها الإنجليزية صورا لمظاهرات عزل مرسى فى الاتحادية على أنها مظاهرات تأييد.
إصرار الجزيرة على اختصار الوطن فى إشارة رابعة العدوية كان صارخا، فلم تختف رابعة من شاشتها طوال الوقت، لنقل الخطابات التحريضية التى دأب قيادات الإخوان ومريديهم على اطلاقها من منصة (رابعة) والتى تشمل دعوات للانشقاق عن الجيش والشرطة، واستعداء الرأى العام الخارجى على مصر ومطالبته بالتدخل فى الشأن المصرى. ومن أبرز هؤلاء المحرضين، الهاربين الآن من العدالة، عاصم عبدالماجد وصفوت حجازى ود.محمد البلتاجى إضافة الى خطب د.محمد بديع مرشد الإخوان، الذى ألقى كلمة من منصة (رابعة) اعقبها تحرك نشط للإخوان فى أماكن حيوية صاحبها مصادمات واعتداءات على المواطنين ابرزها أحداث ميدان عبدالمنعم رياض وماسبيرو فيما عرف بـ(موقعة الجمل الثانية)، وكانت كلمة (بديع) من منصة رابعة التى نقلتها الجزيرة هى إشارة بدء تلك الاعتداءات «الحرس الجمهورى» اخر مسامير نعشها.
استعرت هجمة الجزيرة على مصر فى أحداث نادى الحرس الجمهورى التى اعتدى خلالها الإخوان المسلحون على قوات الجيش محاولين اقتحام المبنى العسكرى، فما كان من قوات التأمين إلا انها ردت على الاعتداء وصدت هجومهم، فوقع قتلى وجرحى، استغلت الجزيرة الحدث فى الترويج لفكرة أن الجيش قاتل وهمجى، وتبنت الرواية الإخوانية التى تقول: «إن قوات الجيش بادرت بالاعتداء على المعتصمين السلميين اثناء ادائهم صلاة الفجر، وقتلت النساء والأطفال» رغم ان الاحصاءات كشفت أنه لم يكن هناك أى ضحايا من النساء او الاطفال فى الأحداث، وعزفت عن عرض الروايات المعاكسة لرواية الإخوان، وتجاهلت عرض الفيديوهات التى صورتها القوات المسلحة عبر كاميراتها للاعتداءات، ومثيلتها التى صورها المواطنون والصحفيون. وركزت الجزيرة على نقل صور الضحايا والمصابين من داخل المستشفى الميدانى بث مباشر، لاستعطاف الرأى العام واظهار الإخوان كضحية.
ادت هذه التجاوزات المهنية الى قيام الاعلاميين بطرد مراسلى القناة من المؤتمر الصحفى الذى عقده المتحدث العسكرى للقوات المسلحة تعليقا على أحداث الحرس الجمهورى، احتجاجا منهم على تغطيتها المثيرة للفتن.
استقالات جماعية
تغطية الجزيرة المنحازة دفعت العديد من العاملين فيها الى تقديم استقالات جماعية احتجاجا على تربصها بمصر، فكانت المذيعة فاطمة نبيل ابرز المستقيلين، فقد اكدت أن استقالتها جاءت لما شهدته من تحيز للتيار الدينى والإخوانى على حساب الحقائق منذ عملها فى (الجزيرة مباشر مصر)، واشارت إلى أن هناك: «تعليمات صريحة تصدر لمذيعى البرامج الحوارية بالقناة من أجل اتخاذ جهة متحيزة للإخوان، وتحريف الأحداث بغض النظر عما يجرى على أرض الواقع»، واضاف قائلة: «تعجبنا من إصرار القناة نقل ما يحدث فى رابعة العدوية بالتفصيل فى الوقت الذى تتجاهل فيه ما يحدث فى التحرير وباقى المحافظات، وحينما حاولنا الاستفسار تحججوا بأنه يتعذر النقل من تلك الأماكن»، كما قالت نبيل ايضا: «تم نقل تفاصيل ما حدث أمام الحرس الجمهورى على الرغم من تصاعد الأحداث فى وقت مبكر نسبيا».
ليست فاطمة وحدها من فضحة عدم حياة الجزيرة، ايضا عدد من المعدين والمراسلين المستقيلين قالوه. محمد خلف أمين، مراسل الجزيرة مباشر ببنى سويف، قال إنه استقال من القناة، لعدم حياديتها وتحيزها لجماعة الإخوان المسلمين، مشيرًا إلى أن القناة رفضت إذاعة المظاهرات المؤيدة لعزل مرسى وتأييد الجيش.
نفس الشىء قاله حسن عبدالغفار، مراسل الجزيرة فى المنيا، بإنه استقال رفضا لإثارة الفتنة والبلبلة فى المرحلة الحرجة التى تمر بها البلاد، كاشفا ان الجزيرة تضلل الرأى العام بنشر صور قديمة على أنها جديدة. ففى الوقت الذى شملت فيه الاستقالات ما يقرب من ثمانية عاملين، بررت الجزيرة تلك الاستقالات بأنها محاولة للضغط عليها من اجل التوقف عن تقديم الأحداث بحيادية ومهنية.
ايضا حركة الإعلاميين الأحرار فى بيان لها، طالبت بوقف بث القناة على القمر المصرى نايل سات لعدم حصولها على التراخيص الخاصة بمزاولة نشاطها فى مصر، واحتجازها عربات تصوير خارجى ملك لاتحاد الإذاعة والتليفزيون، بالإضافة إلى استحواذها على جهاز «SNG» واستخدامه فى نقل أحداث وفعاليات على أرض مصر بدون وجه. وقد أكدت الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة هذا الكلام على لسان عبدالمنعم الألفى نائب رئيس الهيئة، بتصريح افاد أن (الجزيرة مباشر مصر) لم يصدر لها التراخيص اللازمة لممارسة نشاطها الإعلامى فى مصر. وان نشاطها ويقتصر على العمل فقط داخل مدينة الإنتاج الاعلامى، وانه فى حال رغبتها ممارسة نشاطها خارج المنطقة الإعلامية فإن الأمر يستوجب الحصول على التصاريح اللازمة من الجهات المختصة مثل اتحاد الإذاعة والتليفزيون والهيئة العامة للاستعلامات ومركز تنظيم الاتصالات وفى حالة عمل غير ذلك تكون مخالفة للقوانين وشروط الترخيص.
فعلى الصعيد صرح السفير نبيل فهمى، وزير الخارجية المصرى بأن القاهرة أكدت للقائمين على قناة الجزيرة أكثر من مرة أن البث الخاص بهم غير مهنى وقال إن: «هناك حملة ضد مصر من قناة الجزيرة وغيرها من القنوات ومصر لا تملك الا الرد على ذلك ومواجهته بمعلومات أدق وأسرع واكثر».
وفى الشارع قام نشطاء بجمع توقيعات لغلق قناة الجزيرة وقد جمعت الحملة 220 ألف توقيع خلال 3 أيام فى المنيا وحدها، بحسب ما اعلن ياسر عبدالوهاب منسق الحملة. كل هذا الغضب الشعبى والرسمى لم يثن الجزيرة عن تكرار تغطيتها المنحازة بشكل يهدد استقرار البلد فقدمت أحداث (المنصة) وفض اعتصامى (رابعة) و(النهضة) وأحداث (جمعة الغضب الثانية) و(مسجد الفتح)، بنفس وتيرة تغطية الحرس الجمهورى، بل اعنف، وكان ذلك رادا على نزول ملايين المصريين لاعطاء الجيش تفويضا للقضاء على العنف والارهاب.
«الخدّامة» (الأمريكية- الإسرائلية)
وصف احد المحللين قناة الجزيرة بأنها (قناة وطلع لها دولة)، فى إشارة عميقة لما تقوم به قطر من محاولة خلق دور اقليمى لها بابتزاز بعض الدول وهدم اخرى فى اطار التخديم على مصالحها بأى ثمن.
ارتكبت قطر -عبر الجزيرة- كل الموبيقات التى جعلت الشعوب العربية تلفظها، وعلى رأسهم الشعب المصرى، فالنظر بشكل اشمل لعلاقات وتحالفات قطر ومواقفها من بعض الدول ومنها مصر نكتشف ان الجزيرة لا تتعدى كونها سوى ذراع اعلامية لامريكا واسرائيل، تأتمر بأمره، وتنفذ خططه، وفى اوقات كثيرة لعبت ادوارا مهمة لانقاذ الادارة الامريكية من انهيار سمعتها امام المجتمع الدولى، وقد ظهر ذلك مؤخرا بمساعيها الحثيثة لاظهار ان ما حدث فى مصر انقلاب عسكرى، وتصدير هذه الرؤيا للمجتمع الدولى لتمهد للادارة الامريكية الطريق للمضى قدما فى هذه الرؤية لتنقذ امريكا نفسها من الهجوم العنيف الذى ينهال على ادارة اوباما من الجمهوريين، بعد ان تكشف تورط امريكا فى مراهنة خاسرة على مقدرة الإخوان تنفيذ خطة تقسم مصر على اساس طائفى ومذهبى، فما كان من الجزيرة إلا تبنيها خطاب الإخوان لتشوية الثورة المصرية لتعطى لاوباما غطاء للوقوف امام ارادة الشعب المصرى، وتفتح له الطريق للضغط على مصر بالتهديد بقطع المعونة العسكرية تارة وبإيقاف تسليم الطائرات الحربية (إف-16) تارة اخرى، واخيرا بإلغاء مناورة النجم الساطع المتوقفة بين مصر وامريكا منذ عام 2009. فرغم كل هذا وقف الشعب والادارة المصرية امام تلك المكائد وحطموها بقبضة من حديد.
لم تكن تلك هى المرة الاولى التى تحاول فيها الجزيرة انقاذ الادارة الامريكية من العار والفشل، بل هناك شواهد عديدة على ذلك، مثلا، عندما كان الرفض الدولى للجرائم الامريكية فى العراق وافغانستان يشتد، كانت الجزيرة تخرج علينا فجأة بشريط لاسامة بن لادن، الزعيم السابق لتنظيم القاعدة، يهدد ويتوعد امريكا بالويل والقتل، فيكون ذلك الشريط فى هذا التوقيت منقذا لامريكا التى تتخذه مبررا لارتكاب الجرائم بحجة الدفاع عن النفس ومحاربة الارهاب، حيث يقوم الاعلام الدولى بنشر الشريط نقلا عن قناة الجزيرة.
ظلت الجزيرة لوقت طويل، هى وحدها من يتلقى شرائط اسامة بن لادن وتنظيم القاعدة لبثه، وهى القناة الوحيدة التى اجرت حوارات مع اعضاء من تنظيم القاعدة فى عقر دارهم، وهو ما نقلته قنوات الاخبار العالمية عنها لأن مصداقية الشرائط تزداد لدى الغرب، حيث ان القناة التى نشرت تهديدات القاعدة المتلفزة هى قناة عربية، بما رفع الحرج عن القنوات الاجنبية التى اتهمت بتعمد الاساءة لصورة العرب والمسلمين. واستمر العالم لفترة طويلة مشغولا بمتابعة اخبار اسامة بن لادن وتهديدات القاعدة التى اعطت امريكا غطاء لكل جرائمها فى افغانستان والعراق.
نفس الامر تفعله قطر مع اسرائيل، حيث اعتادت الجزيرة اظهار المقاومة الفلسطينية حماس على انها تمتلك صواريخ مهددة لاسرائيل، مصورة للمجتمع الدولى ان حماس تبدوا جيشا نظاميا وان حربه مع تل ابيب تكاد تكون متكافئة، حيث تبدأ حماس باطلاق الصواريخ، فترد اسرائيل وتتابع حماس بالهجوم مجددا، فتقوم اسرائيل باستخدام تلك الحالة لتبرير مذابحها فى قطاع غزة، وقد رصدت التقارير والاخبار انه فى اشد الاوقات التى تهاجم فيه حماس اسرائيل بالصواريخ لم تقع خسائر تذكر فى الارواح، فقط كل ما يحدث بعض الاصابات وتلفيات فى المنشآت والمبانى لا تقدر بثمن، الا ان اسرائيل بمعاونة الجزيرة تقوم بتضخيم ذلك لدك قطاع غزة، وتوسيع رقعة الاستيطان وعزوفها عن مفاوضات السلام مع الفلسطنيين، بل يتسع السيناريو لاكثر من ذلك بالضغط على الغزوية لترك القطاع والاستقرار فى سيناء، وهو المشروع الذى سبق وتبنته قناة الجزيرة اثناء حرب غزة، وفرض اسرائيل الحصار على القطاع.
لم تتوقف قطر عند هذا الحد بل قامت من خلال الجزيرة بتعزيز تواجد حليفتها اسرائيل فى المنطقة، فكانت الجزيرة اول من بدأ، وبقوة، التطبيع مع الدولة العبرية، من خلال لقاءات متكررة مع الساسة الاسرائيليين لتبديد الحظر الرابض فى نفس كل عربى ضد التعامل مع الكيان المحتل لارض فلسطين، طارحة رؤية اخرى مفادها: (ان الحوار مع العدو الاسرائيلى شىء عادي، لابد منه، ويندرج فى اطار منهجية جديدة تقول بأن السلام لا يتحقق الا بالحوار المباشر وأن الافكار القديمة قد سقطت بالتقادم). بهذا الشكل تخدم (الجزيرة) اسرائيل بكسر عزلتها فى المنطقة العربية.
فى نفس السياق نشر الموقع البحثى الفرنسى (إيجالتيه إى ريكونسيلياسيو) تقريرا مستنداً الى فيديو بثته قناة (كونتر كلتور)، افاد وجود يهود يعملون فى قناة الجزيرة القطرية بنسختها الإنجليزية، وتضمن الفيديو لقاءات مع عدد من المذيعين اليهود العاملين فى الجزيرة منهم (ديفيد ماراش) مقدم نشرة الإخبار و(فوسيرول روتنبرج) معد، اضافة الى المذيع (ديفيد ماراش) الذى اكد فى الفيديو أن الجيش الإسرائيلى يدافع عن حق إسرائيل، وفى سؤال موجه إليه حول (الضفة الغربية)، قال: «إن الأراضى المحتلة ربما تكون الأراضى التى يقيم فيها الفلسطينيون وليس الإسرائيليين»، فى إشارة الى ان الفلسطينيين هم الذين يحتلون أراض إسرائيلية!
واختتم التقرير قوله إن القناة القطرية تقف إلى جانب البنتاجون وإسرائيل، غير أنها تخدع العالم ككل بأنها تحاول أن تقنعهم بأنها قناة تنظيم (القاعدة)، مشيرة إلى أن السياسات التى تقدمها القناة القطرية تكون فى خدمة إسرائيل والدليل وجود مثل هذه الشخصيات اليهودية المهمة، وقال التقرير ايضا أن (الجزيرة) تحاول أن تثبت أنها نزيهة، غير أنها تسمح لكثير من اليهود أن يعملوا فيها وهذا ما يدعم القضية الإسرائيلية  أمام القضية الفلسطينية.