الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الإمام الشعراوى




يتعجب الكثيرون من الناس فى مصر من أحاديث هذا الرجل الذى يظهر من وقت إلى آخر يفسر بعض الآيات القرآنية أو يردد بعض الأدعية التى تخرج منه بطريقة سهلة وعذبة فتشد من يستمع إليها.
إنه الإمام الشعراوى رضى الله عنه.. رحمه الله رحمة واسعة كنت على معرفة به عندما كنت فى الصف الثالث الإعدادى فى معهد شبرا الخيمة الدينى الأزهرى.. أذهب إليه بتوكيل من شيخ المعهد الشيخ عبدالله خالد رحمه الله لكى نحصل على بعض العمائم والجبب (جمع جبة) وهى الزى الأزهرى الذى كنا نرتديه أيام الدراسة دخلت عليه رضى الله عنه فى بيته بكفر غطاطى وكان يعلم بحضورى ووجدته يجلس فى حديقة المنزل يستعد للوضوء والصلاة.. وعندما رآنى قال لى اجلس يا مولانا ناظرًا إلىَّ مبتسمًا وجلست انظر إلى ما يفعل فإذا به يذهب إلى «حنفية مياه» موجودة بالحديقة وبجوارها «جردل» صغير وقام بنفسه بملء هذا الجردل، وجلس على أرض الحديقة ليتوضأ.. وبعد أن فرغ من الوضوء صلى بالقرب من المكان الذى توضأ فيه على الأرض، وكانت نجيلة خضراء.
هذا المشهد لم أكن أدرك معانيه وإبعاده فقد كنت صغيرًا فى السن فى تلك الفترة.. قادم إليه فى مهمة رسمية أريد الانتهاء منها لكى لا يعاقبنى شيخى فى المعهد.. ويشاء الله  أن ألتقى الشيخ الشعراوى بعد هذا الموقف بعدة سنوات وقد كنت قد وصلت إلى السنة النهائية فى الثانوية الأزهرية ورغم مرور هذه السنوات إلا أنه رضى الله عنه عرفنى.. وقال لى كبرت يا مولانا وتبسم فى وجهى فأقبلت عليه وطلبت منه الدعاء.
والمشهد الذى رأيته فى حديقته يوضح مدى تواضع هذا الرجل ومدى عظمة وسماحة الإسلام الحقيقى الذى من المفترض أن يكون فى رجل الدين.. فالتواضع والرحمة واللين والعطاء من شيم هؤلاء الرجال.
ولذلك رحمه الله كان جوادًا كالريح المرسلة فريدًا فى طباعه سخيًا على الفقراء لا يريد شيئًا من الدنيا.. واهبًا كل جوارحه لله ولكتابه العظيم.. زاهدًا فى كل ما خلا الله.. فجاءته الدنيا راكعة تحت قدميه وأقبل عليه الناس من كل مكان فى الأرض يطلبون رضاه.. أمراء وملوك ورؤساء دول وأصحاب مناصب فكان لا يطلب شيئًا لنفسه.. فأعزه الله وفتح له خزائنه المليئة بأسرار القرآن فكان ما نراه اليوم من تفسيرات لبعض الآيات وكأنه يعيش فى زماننا هذا.. ويتصدر الإمام الشعراوى بأدعيته التى تدخل إلى قلوب المصريين بسرعة البرق ليصف أحوالنا بدقة بعيدًا عن المتاجرة الرخيصة لرجال دين مزيفين نفروا الناس من الإسلام واستغلوا الجهلاء للوصول إلى ما يريدون من متاع الدنيا الزائل.