الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

إلا مصر !






إسلام كمال روزاليوسف اليومية : 29 - 01 - 2010



لم أعان من هذا الحجم من الغيرة علي بلدي، التي تراودني مشاعر متخبطة تجاهه في الفترة الأخيرة، إلا عندما رأيت مدي التقدم الذي تعيشه فيتنام.. ذلك البلد الصغير، الذي لا نعرف عنه إلا أنه لايزال يعاني من حربه الشهيرة مع أمريكا، وقتلت منهم نصف مليون جندي، لكن الواقع غير ذلك أيها السادة.
فالفيتناميون أبوا أن يتباكوا علي أحزانهم التاريخية، رغم فداحتها، ويحولون الآن بلدهم إلي واحدة من الدول الآسيوية "نمرية" الطابع.. ضمن ما يسمي بالموجة الثانية من هذه النوعية من الدول الناهضة.. بعض المرافقين لوزير الاستثمار د.محمود محيي الدين في هذه الرحلة الشاقة جدا، كانوا يتساءلون طوال أيامها القصيرة حول السبب في المجيء إلي هذا البلد الذي لا يحملون في ذاكرتهم عنه إلا أيام الحرب الباردة، لكن الوزير كان مصرًا علي أن هذا البلد قادم بصورة كبيرة، وكان متفائلاً بشكل غير معتاد بأن مصر هي الأخري قادمة علي الطريق، خاصة أن الظروف متشابهة بيننا وبين هانوي لدرجة التطابق في تعداد السكان وحتي مشاكلنا أثناء أزمة الغذاء وحاليا خلال الأزمة المالية، لكن للأسف هناك فارق شاسع بين الشعب المصري.. والشعب الفيتنامي، فالأول يتخبط، والثاني يأكل أي شيء أمامه ليتقدم ويحقق حلمه ليكون بين مصاف الدول المتقدمة، وهذا ظاهر حتي من خلال حركتهم السريعة جدا في الشارع وتسونامي "العجل" الذي تحول إلي "فيزبات" يدمر في أسفلت الشوارع لينتقلوا به من وإلي أعمالهم، وينبئ بأن هؤلاء يريدون أن يكونوا شيئا رغم مشاكلهم الكثيرة جدا، والظاهرة حتي الآن في كل جانب من جوانب عاصمتهم هانوي التي تحتفل بمرور ألف عام علي إنشائها خلال أيام.. إلا أنهم متفوقون علي الصين والهند في مكافحة الفقر، وتجاوزوا الجدل الذي لانزال نعاني منه بين الجمع الاحترافي بين الشيوعية الاجتماعية والرأسمالية، فهم يركعون للشيوعية اجتماعيا وتماثيل زعمائها التاريخيين تملأ حدائق هانوي من هموش إلي لينين وستالين، ولكنهم ينهرونها ماليا واقتصاديا حتي إنهم يرجون من مصر الاعتراف بذلك أمام العالم لمساندتهم أمام من يرفض هذه الازدواجية.
لكن أين نحن.. إلي متي نشاهد تجارب ناجحة.. ونحن محلك سر.. كل الشعوب تتقدم.. ونحن لانزال نتعلم.. إلي متي؟!.. أتمني أن أتسم بهذا التفاؤل المشروط الذي يتميز به الوزير محيي الدين، لكن هل الحكومة والشعب في مصر قادرون علي تحقيق حلم التحول من كوننا دولة نامية إلي ناهضة؟.