الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الحج وشرط الاستطاعة




 للأسف الشديد تقف الرؤية الفقهية عند بعض المتصدرين للعمل الدعوى أو المنتسبين إليه عند حدود فقه الأحكام على سبيل التلقين أو التلقى دون غوص أو إدراك لفقه المقاصد أو الأولويات أو الواقع أو المتاح … مما يجعل الغاية الأسمى لمقاصد التشريع غير واضحة عند بعضهم كما يجعل فريقاً آخر منفصلاً عن حاضره وواقعه والعالم الذى يعيش فيه و الظروف التى تحيط به.

ولاشك أن الحج أحد أركان الإسلام الخمسة التى لا يكتمل إسلام المرء المستطيع بدنياً ومالياً إلا بها، لقوله تعالى ” وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إليه سبيلاً ” (آل عمران 97)، وعن أبى عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنهما    قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: ” بنى الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان ” (رواه البخارى ومسلم)، فمن استطاع الحج ولم يحج حج الفريضة فليعجل.

غير أن رحمة الله عز وجل بعباده ربطت الحج بالاستطاعة البدنية والمالية، فمن كانت نيته قائمة على الحج وقعد به عجزه البدنى أو المالى بلّغه الله درجة الحجيج بنيته الصادقة، وقد جعل الله للضعفاء وغير القادرين فى الذكر والصلاة والقيام وسائر القربات والنوافل ما يسمو بهم إلى درجة الحجيج  وأسمى، ما صدقت نياتهم وأخلصوا لله فيما مكنهم منه.

وأن الله عز وجل جعل  فريضة الحج  مرة واحدة، وعندما قال نبينا (صلى الله عليه وسلم)! أيها الناس إن الله عز وجل قد كتب عليكم الحج فحجوا، فقال رجل أفى كل عام يا رسول الله ؟ فلم يجبه النبى (صلى الله عليه وسلم) حتى كررها الرجل ثلاثاً، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): « لَوْ قُلْتُ : نَعَمْ، لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ، لَمْ تَقُومُوا بِهَا».

وقد اقتضت  حكمة الله عز وجل أن يكون الحج آخر  أركان الإسلام فرضاً على المسلمين، فحج أبو بكر بالناس فى السنة التاسعة من الهجرة  لأن يوم عرفة لم يكن فى يومه الذى قدره الله  فيه بسبب زيادة قريش فى عدد أيام السنة، حيث كانوا يجعلونها اثنى عشر شهراً  و اثنى عشر يوماً فكان الحج يقع فى ذى الحجة  والمحرم وصفر ورمضان وشوال وفق دورة السنين والأيام.  وفى العام العاشر للهجرة كان يوم عرفة قد وافق اليوم الذى قدره الله فيه، فقال نبينا (صلى الله عليه وسلم): إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات  والأرض ” أى أن الزمان قد أخذ دورته وعاد إلى هيئته التى خلقه الله عليها، فحج نبينا (صلى الله عليه وسلم) حجة واحدة هى حجة الوداع .

 أ . د ./ محمد مختار جمعة
وزير الأوقاف