السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
صحوة الانتماء للوطن
كتب

صحوة الانتماء للوطن




 


  كرم جبر روزاليوسف اليومية : 07 - 01 - 2011


طوفان الحب هو الذي يقهر جبل الأحزان


(1)


كانت قلوبنا تقطر دمًا ونحن نشاهد أهالي الضحايا وهم يتذكرون لحظات المأساة الكبري حين انفجرت شحنة الموت أمام كنيسة القديسين، خصوصًا الأب الذي فقد عائلته كلها في لحظة واحدة.


«مريم» العروس الجميلة والابنة الرائعة، وزوجته وفي عينيها نظرات الخوف من المجهول، وابنته الثانية، وشقيقة زوجته، الأسرة كلها ضاعت في لمح البصر.
بأي ذنب قتلوا، وكيف يعيش هذا الأب الحزين، بعد أن فقد أعز ما يملك، وماذا يفعل عندما يعود إلي بيته في آخر اليوم، فلا يجد الشموع التي كانت تضيء حياته؟
(2)
نعم، كل الدنيا لا تساوي لحظات الخوف والرعب التي عاشها الضحايا قبل أن يلقوا ربهم، وستظل أرواحهم تلعن الجناة إلي أن تنزل عدالة السماء عليهم كالصاعقة المدوية.
الصاعقة التي لا ترحم تلك الأيادي القذرة التي تستحق القطع، ولن تأخذنا بهم رحمة ولا شفقة، وسوف نزفهم إلي حبل المشنقة بعدالة القانون الذي انتهكوه.
بعد ذلك يمكن أن نقول للأب الحزين الذي فقد كل عائلته في ليلة رأس السنة «البقية في حياتك»، العدالة تحققت وأخذت ثأرك وثأر مصر والمصريين جميعًا.
(3)
الحادث المأساوي هو الذي فجر طوفان الحب في القلوب، حب مصر التي ننساها كثيرًا ولا نتذكرها إلا في الأزمات، فتلتف حولها القلوب وتعرف قيمتها.
هذا المخزون الاستراتيجي هو الرصيد الذي ينقذ الوطن من الإفلاس، حين تضعف في النفوس النزعة الوطنية، وتسود روح الفرقة والتشرذم والأنانية.
المصريون الذين خرجوا يدينون الإرهاب ويساندون شركاءهم في الوطن، لم يطلب منهم أحد ذلك، ولم يحركهم سوي هذا الشعور الوطني الجارف.
(4)
ستظل مصر دائمًا بخير طالما ظلت جبهتها الداخلية قوية ومتماسكة ويصعب اختراقها، شعبها هو سر قوتها وصانع مجدها وعزتها وحضارتها.
وقفت مصر بسرعة بعد هزيمة 67، لأن شعبها لم تلحق به الهزيمة، وظل مرفوع الهامة والقامة، ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة، حتي تحقق النصر.
فشل المستعمر البريطاني - أيضًا- في الوقيعة بين المسلمين والأقباط، وكانت تلك هي البداية الحقيقية للاستقلال، وطرد المستعمر.
(5)
نعم، النفوس غاضبة، والقلوب حزينة، ومن حق الشباب القبطي أن يعبر عن حزنه وغضبه، ولكن بالوسائل التي تجعلنا نستهدف العدو الحقيقي، عدونا جميعاً.
الهتافات العدائية وقذف الشرطة بالطوب والحجارة، لا يخدم إلا الإرهابيين الذين قتلوا الضحايا الأبرياء، وكل الأسلحة يجب أن تتجه إلي صدورهم وحدهم.
المظاهرات لن تثأر للأطفال والنساء والشيوخ الذين ماتوا بدل المرة مرتين وثلاثًا وعشراً، والنار المشتعلة في القلوب لا يطفئها إلا الانتقام العادل الذي ننتظره جميعًا.
(6)
الأيام القادمة هي المحك الحقيقي لاختبار صلابة المصريين وإثبات قدرتهم علي مواجهة مثل تلك الأحداث، فلا تهتز أعصابهم، ولا تضعف عزيمتهم كلما تعرضوا لمثل هذه المؤامرات.
آن الأوان أن يتم فتح الملفات الساخنة والشائكة، التي تعكر صفو العلاقات بين أبناء الوطن الواحد، ولكن بعد تضميد الجراح وتجفيف الدموع وأخذ الثأر.
آن الأوان أن يتعامل الوطن كله مع قضية الوحدة الوطنية بما تستحقه من الاهتمام، فليس معقولاً ولا مقبولاً ألا نستيقظ إلا حين تقع كارثة.
(7)
ليس معقولاً أننا مازلنا نستخدم نفس أدوات وشعارات وعبارات الماضي، منذ حادث الزاوية الحمراء أيام الرئيس السادات وحتي الآن، وكأن شيئا لم يتغير.
ليس معقولاً أن يظل الدستور حبرًا علي ورق، وكأن نصوصه التي تقرر حق المواطنة تخاطب شعبًا آخر، ولم تصدر حتي الآن قوانين تضعها موضع التنفيذ.
طوفان الحب الذي قهر الأحزان هو قوة الدفع الحقيقية التي يجب أن تستمر في حالة تأهب قصوي، فلن يقهر الإرهاب إلا تماسك المصريين ووحدتهم.


E-Mail : [email protected]