السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«المقصلة.. عايزة تفطر»!
كتب

«المقصلة.. عايزة تفطر»!




 


 

كرم جبر روزاليوسف اليومية : 28 - 02 - 2011



العدالة الناجزة لا تدين بريئًا ولا مظلومًا!
(1)
- «المقصلة» كانت عروس الثورة الفرنسية واستمرت في العمل صباحًا مساءً لسنوات طويلة، كانت منصوبة في أحد الميادين، ويلتف حولها الناس في المدرجات يرقصون ويهللون كلما قطعت رءوسًا.
- بمرور الوقت لم يعد الفرنسيون يفزعون لقطع الرقاب وإراقة الدماء، وصار مشهدًا مألوفًا ومحببًا ومسليًا، لأن إزهاق الأرواح أصبح متعة، وصرخات القتلي أصبحت تطرب الجمهور.
- كانت النساء يذهبن لمسرح المقصلة، ومعهن الأواني والسكاكين لتجهيز الطعام وغسل الملابس وتنظيف شعر الصغيرات وقزقزة اللب، فالعروض مثيرة وشيقة وجذابة.
(2)
- كانت المقصلة تحتاج عددًا معينًا من الرءوس كل يوم، وإذا نقص العدد يتم استكماله من جمهور المتفرجين بالقرعة، أو من يجعله حظه العاثر يمر صدفة في المكان.
- يبدأ اليوم السعيد بعبارات «المقصلة عايزة تفطر»، وإذا تأخرت عربة المحكوم عليهم بالإعدام، يتم اختيار بعض الناس بالصدفة، من أول ثلاثة يدخلون الشارع.
- كثير من الأبرياء فقدوا حياتهم بالقتل العشوائي، ولم يسمع أحد أدلة براءتهم لأن الأحداث كانت زاعقة والحناجر تصرخ والأيدي تتخاطف الجثث في غضب محموم.
(3)
- الجوع كان وقود الثورة الفرنسية، وبدأت الشرارة عندما دخلت عربة محملة ببراميل الويسكي إلي أحد الأحياء الفقيرة، وانكسر أحدها علي الأرض واختلط الويسكي بالتراب.
- هرع أهالي الحي يدفنون رءوسهم في الطين ليشربوا بعض القطرات، وبعضهم كان يحمل كوبًا ومنديلاً يدسه في الطين ثم يعصره في الكوب، ويشرب الخليط.
- في تلك اللحظات، خرج أحد الثوار، ودس يديه في الطين ثم اتجه إلي أحد الجدران، وكتب عليه كلمة «الدم».. وانفجر الوعاء كالسيل الذي لا يتوقف.
(4)
- الثورة المصرية في 25 يناير لم تكن كذلك ولن تكون، لأنها ثورة نظيفة ولم تنفجر علي إثرها بحور الدم، وخرج المصريون يدافعون عن شوارعهم وممتلكاتهم وثرواتهم.
- الخطيئة الكبري هي استخدام العنف ضد المتظاهرين وسقوط الشهداء، ولن يغفر التاريخ أبدًا للجناة هذه الجريمة، وستظل تطاردهم اللعنات، وستصل إليهم يد العدالة أينما كانوا.
- الدماء الطاهرة البريئة يجب أن يكون ثمنها غاليًا، وينال مرتكبوها القصاص العادل، لأن طبيعة المصريين هي الهدوء والسلام وكراهية العنف والقتل والدماء.
(5)
- مصر كلها تدين بالفضل لدماء وتضحيات الشهداء، وتستنكر أعمال إطلاق الرصاص الهمجية والعنف المفرط والقتل الشعوائي، ولن تترك أبدًا حق أبنائها.
- اكتبوا أسماءهم علي الشوارع، وسجلوا قصص حياتهم بحروف من نور ونار، نور يضيء الطريق للأجيال المقبلة، ونار تحرق كل من يعتدي علي حرية المصريين وكرامتهم.
- الثورة المصرية يجب أن تكون نموذجًا تتطلع إليه كل دول وشعوب المنطقة، وارتفعت أسهم مصر عاليًا في السماء، وأصبحت روح العروبة وقلبها النابض.
(6)
- مصر يجب أيضًا أن تقدم مثالاً رائعًا في العدالة الناجزة، التي تضرب بيد من حديد علي المفسدين، ولكنها في نفس الوقت لا تنال من بريء ولا تلوث سمعة مظلوم.
- من أخذ مليمًا دون وجه حق يجب أن يسترده الشعب، ومن أثري وتضخم دون وجه حق يجب أن تنتزع منه مكاسبه.. العدل أساس الملك، والقانون هو السيد.
- العدالة الرشيدة هي التي ترد الحقوق وتردع الفاسدين وترسم الطريق نحو المستقبل، ممهدًا بالقانون والشرعية، لترسيخ معالم دولة القانون التي تصون حرية المصريين وكرامتهم.
(7)
- الاتهامات هذه الأيام تأخذ شكل موجات الهجوم المتتالي، ومن كانوا أبرياء بالأمس وقادوا الهجوم علي غيرهم، أصبحوا متهمين اليوم، وكل يوم تصدر قوائم جديدة.
- لم يعد هناك من هو بمنأي عن الهجوم، والذين كانوا يقدمون البلاغات بالأمس،، تقدم ضدهم البلاغات اليوم، والمشهد أصبح حافزًا للشماتة والتشفي وتصفية الحسابات.
- إنه عبء ثقيل علي أكتاف جهات التحقيق، ولا نريد في مصر «مقصلة عايزة تفطر».. بل قانون كالسيف لا يرتد إلي صدر بريء أو مظلوم.


E-Mail : [email protected]