الأحد 12 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

دستور «الفنكوش»!




أخيرًا أعلنت لجنة الخمسين انتهاءها من توزيع «كعكة السلطة» فى مواد الدستور الجديد أو دستور 2012 المعدل، وذلك بتأكيد عمرو موسى رئيس اللجنة بعد خروجه من اجتماع ليلى دام 12 ساعة وانتهى مع بزوغ شمس أمس على الانتهاء من صياغة المواد - عدا الانتقالية - استعدادًا لطرحها السبت القادم على أعضاء اللجنة للتصويت عليها.
المواد التى لم تخرج إلى النور حتى الآن.. وظلت حبيسة اللجنة طوال أسابيع عديدة. بات مطلوبًا من المصريين التصويت عليها بـ«نعم» دون ان يروها أو حتى يستمعوا لجانب من النقاشات التى دارت حولها بعد أن حاصرت الحملة الإعلامية للدستور أعين الجميع فى الشوارع والميادين، لنشاهد لافتات عملاقة كتب عليها «مشاركتك بنعم فى الدستور تحقق أهداف ثورتى 25 يناير و30 يونيو!!» وكأنهما تنادى المواطن البسيط بأن يصوت «عمياني» على مواد لم يسمع عنها شيئًا أو يعلم أهدافها المعلنة  ناهيك عن الخفية .
طريقة «الفنكوش» التى تعاملت بها الجهات المروجة للدستور مع المصريين.. تؤكد أن العقد الاجتماعى المنتظر  عقده بين «السلطة» و«الشعب» لبيان حقوق وواجبات كل منهما تجاه الآخر.. سيظل مبهمًا إلى إشعار آخر.. لا سيما أن أغلبية أبناء هذا الوطن مازالوا حتى الآن لا يعلمون ماهية المواد التى ستحكم مصر لسنوات قادمة لا يعلم مداها إلى الله..
فالمصريون حتى الآن لم يعلموا مصير النظام الذى ستسير عليه انتخابات البرلمان القادمة، ولا الفئات التى سيمثلها ممن سيجلسون تحت «القبة».. اللهم إلا بعض المعلومات التى حصلوا عليها نتيجة هجوم العمال والفلاحين على أعضاء الخمسين فى ظل مساعى اللجنة لإلغاء نسبة تمثيلهم بالمجلس النيابي.
ذلك التعتيم أو التخبط الذى ترسخه لجنة صياغة «الدستور» فى ظل إصرارها على عدم إيضاح الصورة الكاملة.. أو حتى إصدار «مسودة» تصل إلى يد المواطن لكى يعلم، ما للدستور وما عليه.. بل واستماتتها فى الضرب بعرض الحائط بالمسودات، التى سعت وسائل الإعلام، للحصول عليها لإيصالها إلى قرائها قبل الاستفتاء المنتظر.. بنفيها أولًا بأول علي لسان متحدثها  الإعلامى «محمد سلماوي».. يعنى أنه بات مطلوباً من المصريين أن يتعاملوا مع الدستور بطريقة «البصمجية»، المطلوب منهم ان يقولوا «نعم» فقط على محتوى لا يعلمون عنه شيئًا.
الدستور الذى يُدفع المصريون دفعًا للتصويت عليه بنعم لم يحسم مدنية الدولة ، ناهيك عن عدم تعامله مع الأحزاب ذات الطابع الدينى بصياغة حازمة مما يسمح للتيار المتشدد بالعودة إلى الساحة عبر صناديق الاقتراع.. هذا فضلًا عن دأب ممثلى الأحزاب من أعضاء اللجنة على إخضاع المواد لاطماعهم، فأخرجوا دستورًا ينتقص من صلاحيات الرئيس فى محاولة لتشويه النظام الرئاسى حتى تكون تلك الصلاحيات فى يد الحكومة التي من المفترض أن تشكلها أحزابهم!، لنكون فى النهاية أمام نظام حكم متخبط - وليس  مختلطًا - يبعد تمامًا عن الدستور الفرنسى الذى حاولت اللجنة مرارًا إعادة إنتاجه بشكل مصرى.
الأيام القادمة المخصصة للتصويت الداخلى على مواد الدستور يجب أن تشهد حراكًا إعلاميًا موازيًا يشرح للمصريين طبيعة العقد المطلوب منهم الموافقة عليه.. والذى من المفترض أن يلبى نداءات ثورة 30 يونيو ليكون أساسه «العدالة الاجتماعية وليس «الأطماع الحزبية».