الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

عفوًا.. قتلتك!




زرت بيروت ست ساعات يوم الجمعة الماضي.. ركبت الطائرة.. وصلت.. قطعت الطريق إلي محطة (إم. تي. في) في نحو ساعة.. دخلت استوديو تحت الأرض.. سجلت حلقة لطيفة من برنامج (بلسان معارضيك) مع المذيع المعروف طوني خليفة.. وركبت السيارة.. ولحقت بالطائرة العائدة إلي القاهرة في الساعة السادسة.

أما البرنامج فسوف يذاع في قناة (القاهرة والناس) التي يعيدها طارق نور لأضواء رمضان.. وقد قرر أن يذيع عليها مسلسل «الجماعة» للكاتب الكبير وحيد حامد.. وهو عمل مثير للجدل.. لكاتب لا يمكن إلا أن يثير الجدل.. أما الاستوديو فهو تحت الأرض لسبب لوجيستي وعقاري غير ما تتخيل.. أربعة طوابق مذهلة إلي أسفل.. فيها كل ما تعتقد من فنون التليفزيون وإمكاناته.. وأما المذيع فهو قادر علي أن يشتبك بدون أن يحول الأمر لمعركة شخصية.. وتلك قدرة لا تتوافر لكثيرين في مهنته.

أنزعج كثيراً (شخصياً) من برامج رمضان الحوارية.. إذ علي الرغم من أن أحدها قبل أربع سنوات أسهم في أن يجعلني محط أحاديث الناس.. فإنني أراها تأخذ منحي مؤذياً في أغلب الأحوال.. فإن لم تنتبه فسوف تخسر أمراً ما بالتأكيد.. إما صورتك الذهنية.. أو تخسر برنامجاً ومحطة ومذيعاً وجمهوره في وقت واحد.

الحكاية ببساطة هي أن المعدين وأصحاب الأفكار تستهويهم حكاية أن يحولوك إلي شخصية تجلس علي كرسي الدفاع.. للدقة مقصلة.. إما بتحليل شخصيتك.. أو بنقل الانتقادات التي تقال فيك إليك.. المساحات أصبحت ضيقة.. والكلام شخصي جداً .. يحولك إلي ناطق بـ(الأنا).. وهذا مزعج حتي وأنت تمارس شهوة الحديث عن الذات.. وإن كنت تشرح نفسك.

تكون مشكلة لو أن الله رزقك ببرنامج لم يتم إعداده بدقة.. فتصبح كما لو أنك قد عدت بظهرك إلي الجدار.. يصوب المذيع نحوك خناجر لاعب السيرك.. والمشكلة أن البرنامج لن تقل مدته عن ربع الساعة.. فإذا ما صوب إليك خنجراً كل دقيقة فإنك معرض علي الأقل لاثني عشر احتمال إصابة.. إذا ما خصمت الفواصل الزمنية للبرنامج.. وتكون كارثة لو كان المذيع لم يتدرب علي التصويب.. أو كان يتعمد إصابتك.. أو لم تكن مستعداً.. ولم تقو علي المناورة.. ولن يفيدك بعد البرنامج أن يعتذر المذيع قائلا: آسف.. لقد أصاب هذا الخنجر رقبتك.. جيد جداً أنه لم يقترب من قلبك.. وبعد الاعتذار ينقلونك في الإسعاف.

وقد كانت مدة برنامج طوني خليفة نصف الساعة.. وأعتقد أنني خرجت سالماً.. فهو ليس لاعب سيرك.. ولكنه مذيع محترف.. وقد عزمت علي الاكتفاء بذلك في الموسم الحالي.. وكفي الله المؤمنين شر البرامج.. التي حتي لو خرجت منها سالما.. فإنك قد تضطر إلي أن تواجه المذيع.. وحتي لو لم يصرعك.. فإن بعض الناس لا تفضل أن تري المقدم وقد خسر الحوار.. خصوصاً أولئك الذين يفضلون أن يكون الحوار بطريقة صراع الديوك.. لا سيما أولئك الذين يعتقدون أنك رجل قوي ولا مانع (يا أخي) من أن تخسر جولة.. وتأخذ لكمة.. ويسيل منك بعض الدم!

لست أدري من أين نبعت فكرة تحويل برامج رمضان إلي هذا النوع من الصراعات، أو هذا الشكل من العنف التليفزيوني، وقد كانت تقاليد الماضي تجعل من رمضان شهر الفوازير والمسلسلات، ثم أصبح شهر الفوازير والمسلسلات والإعلانات، وبعدها اختفت الفوازير وتنوعت برامج المسابقات واكتسحت موسم التسلية صرعات وصراعات الإعلانات.. والصرعات هي الموضات.. إن اعتقدت أنني قد نسيت وضع الألف فيها أو تخيلت أنني قد كررت كلمتين.

ولعل الذي دفع البرامج الرمضانية إلي هذا التوجه هو أنها ترغب في أن تعتمر بدراما حادة جداً توازي الدراما الجذابة في موسم المسلسلات.. ويكون الضحايا غالبا هم الضيوف.. الذين تطلب منهم البرامج أن يكونوا في بريق الممثلين .

المهم، أن هذه الفرصة أعطتني فرصة للتعرف إلي أصدقاء جدد في عالم الدبلوماسية والإعلام والتليفزيون.. وكذلك شابان أتناقش معهما علي موقع «تويتر» قابلتهما صدفة حين عدت لمطار القاهرة.. وفرصة أخري لأن أري مسئولات في جوازات لبنان يشبهن موديلات الفيديو كليب.. آخر مرة زرت بيروت في 2006 ثلاث مرات في شهر يوليو لم أعبر فيها من جوازات المطار.. الدنيا كانت حربًا.. ولا توجد دولة.

وكنت أتمني أن أحضر حفل السفارة المصرية بعيد ثورة يوليو الذي أقيم يوم الجمعة.. وتفضل ودعاني إليه السيد السفير أحمد البديوي.. ولكن كان هذا يقتضي البيات لليوم التالي.. وقد اعتذرت.. فأنا لا أبيت في بيروت.. خصوصاً لو كان الحفل سوف يوفر فرصة للالتحام بـ2500 مدعو .. الله سلم. 

   وأما السبب فسوف أقوله غداً.

 الموقع  الأليكترونى : www.abkamal.net

البريد الألكترونى      : [email protected]