الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

نحن أضعنا الرجولة




فى الوقت الذى يرى فيه البعض أن أكبر أزمات مصر الحالية هو ترشح او عدم ترشح المشير عبدالفتاح السيسى رئيسًا لمصر، أرى ان أكبر المشاكل التى تواجهنا فى المجتمع هو طريقة تربية الرجال، تلك الطريقة التى أفسدت بها الام صغيرها، فما عاد قادرا على تحمل المسئولية، فنجده يصرخ من المهد إلى اللحد طالبا من الاخرين ان ينفذوا له رغباته، ففى الطفولة يريد الاكل والاغتسال، ثم رغبته فى التحرش ومشاهدة الأفلام الاباحية وهو صبي، ثم رغبته فى إرغام زوجته على العلاقة الحميمية وهو زوج، ثم اجبار عائلته على تنفيذ قنعاته الشخصية فى الحياة عندما يكبر باعتباره رب الاسرة.
نحن أضعنا الرجولة، فى الوقت الذى أعتقدنا فيه أننا نكرمها ونهابها ونحميها، اضعناها عندما حمّلنا البنت مشاركة أعباء المنزل مع الام من دون الولد، ليلعب هو فى الشارع أو يذهب مع أصدقائه فى أى مكان يريد فقط لانه ذكر. أضعناها عندما وضعنا حدودًا - ظالمة فى كثير من الاحيان - على الفتاة فساعدتها على النضوج واحترام الاخر وتطوير الذات دون الشاب، اضعناها حين سمحنا ضمنيا للذكر مشاهدة الافلام الاباحية وروجنا لهذه الفكرة دون أن نعرف أن تأثيرها فى تدمير خلايا المخ اقوى وأسرع من المخدرات.
أين الرجل الذى يحمى البنت فى الشارع حاليا؟ فأنا شاهدت بعينى رجلًا يرى آخر يتحرش بطفلة دون السادسة دون أن يفتح فمه، أين الرجل الذى تذهب إليه ابنته طالبة المساعدة منه فيقدمها فعلا؟ أين الأخ الذى تطلبه أخته فيقف بجانبها دون أن يلومها لأنها خلقت أنثى؟ أنا حزينة من قلبى على ضياع الرجولة.. فكم كنا نعشقها ونحبها.
أتذكر زوج جويس ماير (أشهر الكاتبات المسيحيات، التى عانت طويلا من الايذاء الجنسى) حينما فكر فى الزواج طلب من الله أن يعطيه زوجة مرت بظروف صعبة حتى يستطيع ان يعوضها عما رأته فى الحياة بحبه وحنانه. من وجهة نظرى هذا هو تعريف الرجولة. أما فى بلدنا العزيزة فينخرط الشاب وأمه معه فى البحث عن «عروسة» من أجمل النساء، والاكثر ادبا، والتزاما، وخلقا، وتدينا، وتحملا للمسئولية، ولا يضر إذا كانت صاحبة راتب كبير، والاعلى فى المكانة العلمية، حتى لا يتعرض (هذا الطفل) إلى أى مشاكل فى الحياة.
إن ترشح السيسى لن يسعد البيوت الحزينة لان الأب يشتم زوجته وأبناءه ويضربهم، وعدم ترشحه لن يفيد كل البنات التى تعريهم نظرات الرجال فى الشوارع كل يوم بسبب انتشار قنوات الرقص ومواقع الافلام الاباحية. إن مقالى ما هو إلا صرخة فى مجتمع تفنن فى تحميل المرأة معظم أعباء الحياة، بينما يترك الرجل جالسا على القهوة يرفه عن نفسه باللعب.