الأحد 12 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

حكاية وزارة




بقلم : د.حسين محمود
 
انتهى تشكيل حكومة محلب وأنا فى العاصمة الإيطالية روما، ولم أكن أدرى ما انتهى إليه أمر وزارة الثقافة. فى روما سمعت بقوة عن ترشيح الدكتورة جيهان زكى مديرة الأكاديمية المصرية، بعد ضم الأثار إليها، ونشرت بعض الصحف الإيطالية الخبر، وفرحت لهذا الترشيح، لأن المرشحة «تكنوقراط» من الدرجة الأولى. وفى مصر كانت بورصة الترشيحات قبل سفرى تتناول بعض الشخصيات فى الوسط الثقافي، منهم شخصى المتواضع، فقد طلب منى صديق «على صلة» السيرة الذاتية لأنى على حد قوله مرشح لتولى الوزارة. وكان آخر ما سمعت هو تولى الدكتور أسامة الغزالى حرب حقيبة الثقافة فى الحكومة الجديدة. كان المقرر أن يخرج الدكتور صابر عرب من الوزارة بالطبع، ولكنه أصبح «راكور» كل الحكومات بعد الثورة، والخيار الآمن لها جمعيا.
اختيار أسامة الغزالى حرب، أحد أبناء الأهرام، أدهشني، لأن من كان يقوم بجمع الترشيحات هو أحمد النجار رئيس مجلس إدارة الأهرام، وهو ما يعنى أن الأهرام عاد بقوة إلى بسط سيطرته على مفاتيح السلطة فى مصر، بدءا من الأستاذ هيكل مع عبد الناصر، وانتهاء بالأستاذ هيكل مع عناصر الحكم الحالى.
ضمت ترشيحات وزارة الثقافة محمد سلماوى ومحمد صبحى وزين عبد الهادى وإيناس عبد الدايم وأحمد مجاهد (وكاتب هذه السطور)، ولم أنشغل بهذه الترشيحات كثيرا، وعندما سئلت قلت إننى أرشح أحمد مجاهد لتولى المنصب، بل تمنيت ان أكون رئيسا للجمهورية ولو ليوم واحد حتى أعين أحمد مجاهد وزيرا للثقافة، فهو يريدها بقوة، ولكن لا أحد يمكنه منها، رغم اقترابه من المنصب مرات عديدة بعد خروج فاروق حسني، ويرى فى نفسه أحقية خلافته، خاصة أنه إحدى قيادات وزارته.
لم أنشغل أيضا بحكاية الحكومة المقاتلة، وعقلية «مقاول الأنفار»، وتربية «المقاولون العرب» التى أسسها عميدها «الإخوانى» وهيمنت على قياداتها عناصر إخوانية تقليدية، بحكم التعصب للعشيرة، وإن كان محلب ليس إخوانيا، فهو على الأقل «تربيتهم» و«أسلوبهم» فى التواجد فجرا فى مواقع العمل. ولكن ما أثار لدى الهواجس، ومن المؤكد أنه سوف يثير الهواجس لدى الكثيرين، أننى رأيت فى حكومة يشكلها «الباشمندس» محلب عودة لثنائية الحكم القديمة «وطنى - إسلامى» وإطلالة نظام مبارك بقوة على المشهد. ورأيت فى تعيين الغزالى حرب وزيرا للثقافة، وهو من أصدقاء البرادعي، ومنشق قديم على الحزب الوطنى (إذا لم تخنى الذاكرة كان ذلك اعتراضًا منه على عدم تولى رئاسة الأهرام أيام مبارك)، استدعاء لسياسة الاستقطاب الثقافى، البديل الجاهز لأية وزارة ثقافة بعد فاروق حسنى هو قيادة أخرى من قياداته، الدكتور صابر عرب، الذى اصبح من كلاسيكيات الثقافة المصرية، يصلح أيضا لأى توليفة من هذا النوع، فهو يعمل مع الوطنى بحكم تكوينه، ويعمل مع الإسلاميين بحكم «إنه معندوش مانع». الوزراء الباقون من حكومة الببلاوى والجدد المعينون يؤدون المهمة نفسها بكفاءة، وهى تطهير الحكومة من الطبقة السياسية الجديدة واستعادة ثنائية الاستقطاب القديمة.
وتبقى النصيحة: لا تتركوا الصبية يعبثون بلوحة مفاتيح كومبيوتر مصر!