الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فى الحديث عن عودة الفلول إلى المشهد




بقلم : محمد جلال عبد الرحمن
 
يعرف ريتشارد داوسن التنشئة السياسية على انها عملية تطورية ينضج المواطن من خلالها سياسياً بعد ان يكتسب معلومات ومشاعر ومعتقدات متنوعة تؤهله لفهم وتقييم البيئة السياسية التى تحيط بـه.
إذن فمسألة تغير فكر المواطن اصبحت أمراً طبيعياً بعدما انصهر المواطن القريب او البعيد بالسياسة، منذ بدايةً الثورة المصرية مروراً بالأحداث والمتغيرات الكثيرة التى صاحبتها حتى وقتنا.
وأن الشعب المصرى انعقد لديه الامل بمجرد إعلان الفريق عبدالفتاح السيسى خطة خارطة الطريق والذى استصدرها خوفاً على ما تبقى من الوطن، بعد عام كامل حكمنا فيه الاخوان بطعم الفاشية والاستبداد، وانعدام الرؤية، والولاء للجماعة على حساب الوطن ومواطنيه فشعرنا بهذا العام وكأنه أعوام.
 والحشد الهائل أمام صناديق الاستفتاء يدل دلالة واضحة على تأييد الشعب المصرى لخطة خارطة الطريق باستثناء جماعة الإخوان، ومن ينتصرون لهم والذين لن يعترفوا بشيء حتى ولو نزل به وحى من السماء، لكن ما لاحظناه هو غياب الشباب عن المشهد رغم أهميته أو ظهورهم بنسبة ضعيفة جدا، وذلك يذكرنا بغياب الشباب عن المشهد السياسى بعد 25 يناير، والذى ظهر فى انتخابات الشعب والشورى أمام قدرة جماعة الاخوان على التنظيم والحشد وشراء البسطاء، ومرد هذا الغياب هو التعبير عن حالة اليأس التى تنتابهم من عودة رموز وقيادات الحزب الوطنى المنحل للظهور من جديد فى أعقاب 30 يونية، وذلك بعد اختفائهم بشكل شبه نهائى فى أعقاب ثورة 25 يناير 2011، فبعد الإطاحة بالإخوان المسلمين المنافس الأقوى أصبح المجال اليوم مفتوحًا أمام رجال الحزب المنحل للظهور فى الشارع او على شاشات الفضائيات.
أن من اهم اسباب سقوط مرسى وجماعته أنهم وضعوا ايديهم فى يد الفلول وتركوهم فى اماكنهم وانشغلوا فقط بتمكين أهلهم وعشيرتهم على شباب الثورة، وحقوق ذوى الشهداء، والمصابين، ولم يضعوا فى اعتبارهم أن المواطن المصرى على العموم تغير بتنشئة سياسية جديدة مختلفة عن ذى قبل وهو يموج بالحركة ويغلى بالفكر، فلم يعد الانشغال بالسياسة والأمور الوطنية قاصراً على الثوار أو النخب، بل أن المواطن المصرى منذ اندلاع الثورة حتى الآن اصبح سياسياً مميزاً، وقد دل على ذلك الدعوة التى كانت الى ثورة  30 يونيو، فما قدمه الاخوان من تعامل فى شئون عديدة أظهرهم  فى نفس الصورة التى كان عليها نظام مبارك فتحول الجميع وعلى وجه الخصوص الشباب من مؤيد الى معارض.
أما الآن فأن الكثيرين من أبناء هذا الشعب يسيطر عليهم الخوف من أن يعود الفساد السياسى بعودة نظام مبارك، خاصة أنهم يحاولون جاهدين فى ذلك،  ففى الانتخابات البرلمانية التى تمت فى أعقاب ثورة يناير، لم يتمكنوا من حصد مقاعد كثيرة بل مقاعد قليلة جراء العقاب الشعبى لهم، رغم أنهم أسسوا احزاباً جديدة، وهم يظنون أن المشكلة فى التسمية فقط، فلم ينجحوا فى العودة، لكنهم بعد 30 يونيه ظهروا مجددا .
الحقيقة الواضحة ان الكثيرين من ابناء الحزب الوطنى المنحل ورموزه عادوا الى المشهد السياسي، ولا شيء يضمن لهؤلاء استقرارهم أو اختفاءهم  من المشهد الى جانب العقاب الشعبي، سوى الرئيس القادم، فإذا وقع القول عليه، فعليه أن ينتبه لذلك، ويسمتد العظة والاعتبار فى عودتهم ممن سبقوه.
مستشار قانونى وباحث
[email protected]