الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

صباح نعيم تعود بأسرار «الوردة» فى معرض «الصوت» بسفرخان




كتبت- سوزى شكرى

ماذا تفعل لو قدر لك أن تشارك أعز الناس إليك فى مشهد زمنى يجمع بين الموت والوجود، مشهد يفرض عليك العزلة والتقوقع فى الهموم، وبينى لك جدار من الآلام نجد نفسك عاجزا عن الانجاز، وتجد كيانك ووجدانك فى حاله من التوحد بينك وبين اعز الناس، بالتأكيد لو انت شخص عادى قد تصاب بالاحباط وقد يصعب عليك مواجهة الضغوظ، أما لو كنت فنانا منحك الله هبه الفن، فستجد أن الفن بمفرداته وأدواته أحد أسلحة المقاومة ضد الآلم وضغوط الحياة، وبايمانك ويقينك بان التجربة منحة آلهية ستجد ان الصبر والتحمل هما ادواتك الوجدانية.
هذا ما فعلته الفنانة التشكيلية الدكتورة صباح نعيم التى ابتعدت لسنوات عن الحركة الفنية التشكيلية منذ عام 2009، بسبب ماتعرض له اعز الناس إليها والدتها (رحمها الله) حيث عاشت سنوات من الآلم، وايضا مرورها هى شخصيا بتجربة مرضية قاسية،  فعاشتا سنوات الآلم معا،  سنوات يصعب سردها بالكلمات، وحدث لهما حالة من حالات التوحد، واصبحتا (الام والابنه) وكأنهما كيان واحد.
تكتم صباح دموعها وتمنعها حتى لا تتألم والدتها، تصرخ بصمت حتى لا تشعر والدتها بأوجاعها، ولانها فنانة ثرية المشاعر والفكر رفضت الاستسلام، وكانت تحاول بين الحين والحين اثناء فترة معايشتها للتجربة المرض ان تعود الى الفن الذى هجرها دون قصد. بحثت الفنانه بمخزونها البصرى فلم تجد عناصر بشرية او بنائية ترسمها، لانها لا تتعامل مع الحياة وفقدت التواصل اليومى، وباستثناء عنصر "الوردة" الذي يمثل المخرج الوحيد لمقاومه آلمها، "الوردة" هى نفس العنصر الذى كان يتواجد بأعمالها الفنية السابقة، وأمسكت القلم وبكشكول صغير رسمت تكرارت للوردة فى كل الصفحات، عرضت على اصدقائها المقربين هذه المجموعة من الكشاكيل التى رسمتها اثناء الأزمة، وسألتهم هل أكمل هذه التجربة؟ فأجمعوا على أنها لابد أن تكملها، ولانها فنانه صادقه واعمالها  الفنية تتشابه الى حد كبير مع ذاتها،  استعدت لاسترداد الفن إليها،  وحين انهت مجموعه من اللوحات عرضت اعمالها بمعرضها تحت عنوان " الصوت " بقاعه سفر خان بالزمالك.
 تمكنت الفنانة صباح بخصوصية وتفرد أن تستخدم "الوردة" لتحكى قصتها مع الآلم، وردة تعبيرية بسيطة مختزلة التفاصيل خطية، وخطوط الوردة ونباتها هى تلك نقاط حروف الكلمات، رسمت مجموعات من الورود بعدة صياغات تشكيلية توحى بالحركة رغم ثباتها وبالصوت رغم صمتها وسكونها، وزعت الورود بترتيب متقارب متلاحم إنسانى الهوية،  متنوعة الاحجام وتكرارات وايقاعات وترديدات تتسم بالدقة والاتقان الخطى المحكم، والاتقان الحذر الذى يصعب على فنانين كثيرين ان يصلوا لهذه الدرجة من الإتقان.
مما يؤكد حالة الصبر وقوة التحمل والإرادة المنسوجة بأعماق الفنانة، قد يرى المتلقى تكوينات الورد تكوينات زخرفية منتظمة، ولكنها تعدت مفهموم التنسيق الزخرفى، هى حالة من التصوف جعلتها تردد أنغام وتسابيح وادعية وأناشيد صوفية شكر لله على منحتها، وتأكد هذا الحس الصوفى بتواجد اللون الازرق السماوى الروحانى الذى جاء تعبيراً عن حاله الرضا والقناعة والصبر لمقاومتها الآلم بالفن.