السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الأوقاف وقضايا الوطن وفلسفة الخطبة الموحدة (1/2)




كانت النظرة السائدة تجاه الأوقاف لفترات طويلة أنها مجرد وزارة دعوية نمطية مسئولة عن شعيرة الجمعة وإقامة الصلوات فحسب، وهذه مهمة جليلة لا يُستهان بها إذا قامت بها الأوقاف على الوجه الذى يرضى الله «عز وجل»، ويحقق المصالح الوطنية العليا وفق خطط علمية مدروسة وهو ما نعمل على تحقيقه.


 غير أن هذه النظرة كان قد شابها كثير من القلق والريبة سواء فى مستوى الأداء أم فى مستوى بعض التصرفات التى كانت تصوب أعينها تجاه السلطة القائمة وتسير أحيانا فى ركابها، بغض النظر عن قناعات القيادات الدعوية بالدور الذى تقوم به، وكان فى بعض الأحيان وخاصة فى ظل النظام السابق يحدث شىء من الانفصام بين الأوقاف وبين المؤسسة الأزهرية العريقة، أما الانفصام بينها وبين المجتمع وقضاياه فكان يصل إلى حد الظاهرة أحيانا، بحيث يكون الخطيب فى اتجاه والناس فى اتجاه آخر وشواغل أخرى، ولم تكن هناك خطة مدروسة لتناول قضايا المجتمع.
على أن وزارة الأوقاف أحد أهم الأعمدة الصلبة فى بناء المجتمع، وخاصة فيما يتصل بأمنه الفكرى وأمنه الثقافى وتوجهاته الأيديولوجية.
 ومن هنا كانت خطتنا للإسهام فى النهوض بالمجتمع مبنية على عدة محاور:


 المحــــور الدعــوى:
 وهو ما نعمل فيه على التجديد العملى التطبيقى للخطاب الدينى، بحيث يكون قائما على بناء الفرد عقديًا وفكريًا وثقافيًا بناء صحيحًا مستمدًا من سماحة الإسلام، وعلى الإسهام فى بناء المجتمع بناء صحيحًا من خلال دعم كل ما يدفع إلى العمل والإنتاج، وإلى تحقيق العدالة الاجتماعية، والتعايش السلمى بين جميع أبناء المجتمع، وترسيخ القيم الأخلاقية والاجتماعية والحضارية، ومن هنا كان تركيزنا على اختيار موضوعات تُسهم فى تحقيق هذه الأهداف، مثل : بيان قيمة العمل والإنتاج، بيان أن قضاء حوائج الناس مقدم على حج النافلة وعمرة النافلة، التكافل الاجتماعى وأثره على الفرد والمجتمع، دور الزكاة فى سد الاحتياجات الأساسية للفقراء.. سداد ديون الغارمين أنموذجًا، الواجب الوطنى والواجب المهني، أهمية العلم فى حياة الأمم، دعم البحث العلمي، أهمية التنوع الحضارى والثقافى.


 المحــور التنمــوى:
 لا شك أن الأوقاف فى الشهور القليلة الماضية قد مضت قُدما فى اتجاهين:
 الأول: محاربة الفساد المالى والإدارى بالهيئة، و بكل قوة وحسم.
والآخر: العمل على حسن استثمار أموال الوقف، مما جعل هيئة الأوقاف المصرية الأكثر إنجازًا بين الهيئات المستقلة فى العام الماضى 2013م، فقد بلغ استثمار الهيئة فى تنمية الصعيد نحو مليار ونصف المليار جنيه تقريبا، إضافة لآلاف الوحدات السكنية للشباب على مستوى الجمهورية، ولها دور فى استصلاح الأراضى وتوفير كثير من فرص العمل، وهى بصدد إنشاء شركة للتنمية الزراعية، كما أنها تطور فندقا مملوكا لها أمام معبد الأقصر بتكلفة نحو 150 مليون جنيه بشراكة مع إحدى الشركات التابعة لوزارة الاستثمار، وانتهت من إنشاء وافتتاح خان وممشى أسوان السياحى الدولى بأسوان بـ 136 محلا ومتجرا، وتقوم بإنشاء عدد من المدن والمشروعات الحرفية، أهمها مدينة الحرفيين بالغردقة التى تتكون من نحو ألفى وحدة حرفية وإدارية وخدمية، كما أنها بصدد استثمار أوقافها باليونان بما يكون له من مردود اقتصادى وسياحى بالتنسيق مع وزارتى السياحة والاستثمار، وهى بصدد الإسهام فى عدد من المشروعات القومية، كما أنها تدرس بعض المشروعات الكبرى، مثل مشروع صوامع الغلال، ومشروع التأمين التكافلى، وشركة الخدمات البيئية، وشركة الصيانة والخدمات.


 المحـــور الاجتمـاعى:
 أقامت وزارة الأوقاف خلال الشهور القليلة الماضية سلسلة من العلاقات الهامة مع الوزارات والمؤسسات منها: وزارة الشباب، حيث عقدت الوزارة بروتوكول تعاون معها بالاشتراك بينها وبين الأزهر الشريف، للخروج بالشباب من الجمود إلى الانفتاح، وإلى معايشة القضايا الوطنية، ومن ضيق الأفق الثقافى إلى سعته، مع التعرف على جوانب الوطن والوطنية من خلال معسكرات مشتركة تسهم وزارة الشباب بالجانب الأكبر فى الإعداد لها بنزل ومدن الشباب، ويقوم علماء الأزهر والأوقاف بالإسهام الجاد فى التوجيه والتثقيف والعمل على ترسيخ القيم الأخلاقية والوطنية، وكذلك من خلال أداء الندوات فى مراكز الشباب والمعسكرات والتجمعات الشبابية.
 وكذلك التنسيق مع القوى العاملة فى دعم قيمة العمل والإنتاج، والتواصل بين العلماء والعمال من أجل التأكيد على أهمية العمل فى الإسلام، وحثهم على إتقان العمل، مع التركيز على حق الوطن على أبنائه، وعلى ترسيخ القيم والأخلاق، وبث الثقافة الدينية الصحيحة بين هذه الفئات الهامة من المجتمع حتى لا تتخطفها قوى التشدد والظلام.
 وتعمل الوزارة على بناء شبكة من العلاقات الإيجابية مع جميع مؤسسات المجتمع، رجاء أن تصل بالقيم الإسلامية الصحيحة إلى الناس فى مساجدهم، وفى مدارسهم، وفى مصانعهم، فى مدنهم، وقراهم ، ونجوعهم، لأن أهل الباطل لا يعملون إلا فى غياب أهل الحق، ونحن نعمل بكل قوة على سد أى فراغ دعوي، وعدم ترك أى مساحة للمتشددين أو أصحاب الأهواء الخاصة التى تؤثر المصالح الشخصية أو الحزبية أو الفئوية على المصلحة العليا للوطن.

وزير الأوقاف