السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

روزاليوسف تنشر كتاب «قادة إسرائيل والعمليات الخاصة» للواء أحمد رجائى عطية




سؤال مطروح فى كل دول العالم، هل القادة العسكريون أقرب الشخصيات إلى إدارة الدول باعتبارهم يمتلكون الفكر التنظيمى والتدقيق واتخاذ القرار فى الوقت المناسب، كم من القادة العسكريين حكموا العالم ونهضوا بشعوبهم، وكم من العسكريين تحولوا إلى حكام ديكتاتوريين بل وإرهابيين، والدليل على ذلك أشهر القادة العسكريين على مدار التاريخ على سبيل المثال وليس الحصر (جورج واشنطن ـ ريتشارد قلب الأسد ـ أدولف هتلر - نابليون بونابرت ـ سيمون بوليفار ـ يوليوس قيصر- جنكيز خان ـ عمر المختار ـ عمر بن الخطاب - صلاح الدين الأيوبى ـ عثمان بن عفان - خالد بن الوليد - عمرو بن العاصى) وآخرون.
وأيضا «قادة إسرائيل» هم نموذج مختلف للقادة العسكريين، لأنهم جاءوا من خلال منظمات وميليشيات عسكرية من قبل 1948، هم مجتمعات استيطانية لذلك يصعب وجود حدود فاصلة بين النخبة العسكرية والنخبة السياسية فى إسرائيل، وجميع الإسرائيليين قادرون على حمل السلاح، لذا يطلق عليهم «المجتمع المسلح» أو كما يطلق الإسرائيليون على أنفسهم «الأمة المسلحة»، ولأن بدايتهم من خلال العمليات الخاصة، فإنهم تمكنوا من تنفيذ مشروعهم الصهيونى منذ عهد موسى ـ عليه السلام ـ وقبل حرب 1948.
لمزيد من التفاصيل نتعرف على الفكر الإسرائيلى وراء الحروب على منطقة الشرق الأوسط، ومتى ظهرت العمليات الخاصة، من هو الشعب اليهودى، وأين تقع فلسطين المصرية؟ تفسير رموز العلم الإسرائيلى الذى يحمل المخطط الصهيونى لتقسيم الشرق الأوسط، ومن هم قادة إسرائيل «موشى ديان»، «مناحم بيجين»، «ارئيل شارون»، «إيهود باراك» ،«سيلفى ليفى»، «جولدا مائيرا»، «اسحق شامير»، «اسحق رابين»، «شمعون بيريز»، «بنيامين نتينياهو»، وآخرون، وما هى صور العمليات الخاصة وأهدافها قبل 1967 وما بعدها، أهم العمليات الخاصة التى نفذتها إسرائيل ضد مصر. أسئلة كثيرة يسرد حقائقها ويوثق تفاصيلها المفكر السياسى اللواء أحمد رجائى عطية مؤسس الوحدة 777 ـ مكافحة إرهاب، وأحد أبطال الوحدة 39 قتال، وكتابه الجديد «قادة إسرائيل والعمليات الخاصة»، الكتاب يقع فى 150 صفحة، يعد دراسة بحثية استعان فيه المؤلف بالمذكرات الشخصية الإسرائيلية وتصريحاتهم ومن الجرائد الإسرائيلية وما بين سطور المحللين، وكذا من قراءة الاستماع العسكرى لمدة أربع سنوات متتالية، حصلت «روز اليوسف» على نسخة قبل الطبع وسوف تنشرها على حلقات ثلاث متتابعة.
الفصل الأول: اليهودية ـ دين وجنس عنصرى
لقد كان الطمع الأول فى نشأة دولة إسرائيل أن تكون فى سيناء حيث سعى «تيودور هرتزل» لأن تبدأ الدولة فى سيناء، وباءت المحاولات عام 1903 بالفشل نظرًا لمقاومة الدولة المصرية، والحاكم العثمانى باسطنبول فكرر المحاولة عام 1908 ـ 1912، حيث اشترى عشرة آلاف فدان على الحدود المصرية برفح واستجلاء يهود للإقامة، وفشلت أيضًا هذه المحاولة، إلا أن الأدب العبرى يذكر دائمًا شمال سيناء باسم (فلسطين المصرية) وأنها مازالت بوجدانهم تحقق إسرائيل الكبرى إلى النيل بأرض «جوشان»، وهى التى كان يقيم فيها سيدنا يوسف.
■ من هو الشعب اليهودى؟
 هو شعب ولد فى ظروف غير طبيعية من رحم العمليات الخاصة، حيث ترتبط إسرائيل بهذه العمليات ارتباطا غير طبيعى ومخالفا لتكوين أو نشأة أى دولة ومقوماتها على مدى العصور، نجد طباع شعب بالكامل عنصرية مقرونة بمقومات ومبادئ هذا النوع من القتال، ولا ننسى كلمة مشهورة لأحد القادة الإسرائيليين فى هجوم خريف (1956) على سيناء «يجب أن تصل إلى حيث كلم موسى ربه لنعطيه الألواح التى تحثنا على التسامح والاستكانة)، هذا غير تصريحات العنف والإرهاب من قبل رجال الدين وقادة إسرائيل والصهيونية العالمية والنصائح اللاأخلاقية بتعاليم بروتوكول صهيون.
الدين اليهودى باعتناقه للصهونية جعل هذا الدين دينًا عنصريًا فهو ليس دينًا للتبشير، حتى داخل المجتمع اليهودى نفسه، هناك عنصرية بين أنفسهم، فهناك فرق بين الأشكناز والسيديم مثلًا وغيره كثير.
يعتبرون أنفسهم جنسًا غير باقى الأجناس ويدّعون أنهم جنس سامٍ، والغريب أنهم تمكنوا من سن قوانين فرضوها على العالم من خلال مجلس الأمن ومجتمعات حقوق الإنسان بأنهم دون باقى العالم جنس لا يُسمح بالإساءة إليه، ولا حتى بالإشارة أو التلميح، والأغرب أن جميع مجتمعات العالم استجابت لذلك، نحن أمام دولة ما دون دينها فهو كافر يستباح دمه، وما دون جنسه فهو محتقر.
يحافظون على هذا الجنس حتى مماته، وقد يضحون بالغالى والثمين فى سبيل جمع رفات أى يهودى لدفنه بطقوس معينة إجلالًا لجنسهم، الذى لم يفرق نوح نفسه بينهم، لقد كان من أبناء (حام ـ وسام ـ ويافت) وغيره من الأبناء. إسرائيل تتخد من الدين اليهودى مبدأ للعبة السياسية.
خطة إسرائيل مرسومة على العلم
استخدم العلم لإقامة دولة إسرائيل، فالعلم اليهودى الذى يمثل خطين باللون الأزرق (أى من النيل إلى الفرات) نجد نجمة داود تتوسط العلم، وهى عبارة عن المثلثين المتداخلين، ما هما إلا جبال (زيون صهيون) الثلاثة ووديانهم الثلاثة التى يمثلها المثلث الآخر ـ وعقيدتهم لإحياء الصهيونية، ويبدأ من معبد (هيكل سليمان) كما يدعون الذى أقيم بجبال صهيون.
 فى حين لم يفكروا فى إعادة بناء معبد «سرابيت الخادم» بجنوب سيناء رغم احتلالها سيناء ست سنوات، ولم يفكروا فى إقامة معبد بالوادى المقدس طوى عند عيون موسى، حيث الاثنتى عشرة عينا، وكأن عقيدتهم لم تبدأ بسيدنا موسى، بل عند تاريخ النبى داود.
كما أن اليشع بن نون عندما نفذ وصية موسى بالذهاب إلى أرض الميعاد، ذهب بهم إلى أريحا ولم يذهب بهم إلى جبال القدس التى بها جبال زيون (صهيون)، ومن هنا أوضح أن بدايتهم ومعتقداتهم تبدأ من عهد وتعاليم سيدنا داود عليه السلام.
 فجميع دول العالم قامت وتأسست على حدود ومعالم محدودة، إلا دولة إسرائيل.. قامت بقرار من هيئة الأمم المتحدة وعلى حدود معينة. إلإ إنها لم تقف حدودها حتى اليوم على خط معين، فإنها توسع دائما وتضع نصب أعينها تنفيذ خطتهم التى رسموها على العلم وهى من النيل إلى الفرات.  
إن وضع إسرائيل جغرافيا وديموجرافيا واقتصاديا لا يسمح بأن تقوم بحرب تقليدية طويلة الأمد، خوفا من أن تنتقل المعركة داخل حدودها الأصلية، حيث إن هناك أماكن فى دولة إسرائيل يكون فيها عمق الدولة فى حدود 20كم، أى أقل من النطاق التكتيكى لأى جيش معادٍ تبدأ بالمعركة ضده، لذا فإنهم يعتنقون مبدأ أن خير وسيلة للدفاع هى الهجوم، ومن هنا ظهرت أهمية العمليات الخاصة كأعمال ذات فاعلية مستقلة أو مقدمة لأعمال الهجوم الشامل.
عندما تتأزم المواقف الدبلوماسية والاقتصادية بين الدول، فإنه غالبا ما تتخد هذه الدول ضد الأخرى الأسلوب العسكرى الشامل، ومع تكلفة المعارك والحروب الشاملة وتواجد ما عليه الأمم المتحدة الآن، فإن الدول تلجأ إلى المعارك فى أبسط صورها، ألا وهى العمليات الخاصة المختلفة، فإسرائيل تخطط للسيطرة على الشرق الأوسط، وهذا المخطط يجبرها على الاستمرار فى حالة اللاحرب واللاسلم، وهذا الوضع يستخدم العمليات الخاصة كوقود لاستمرار حالة من التوتر ومساندة العمل السياسى والدبلوماسى والعسكرى أيضًا.
إن أسلوب ومبادئ العمل الخاص بإسرائيل بوجه عام، يؤدى إلى استنباط الملمس الخفى لأسلوب العدو الحربى والدبلوماسى واستخدامه، وذلك فى قراءة وتفسير وتحليل عملياته سواء قبل 1967 أو بعدها للمتابعة مستقبلا، إذ يجب استنباط كل ما هو جديد لمعطيات العمليات الخاصة لدى العدو، وذلك من تدريباته وتغيير تنظيماته أو إضافات إلى الإمكانيات فى المعدات والأسلحة لم تكن فى الحسبان.
■ ما هى العمليات الخاصة وما هى صورها؟
العمليات الخاصة هى نوع من أنواع القتال له طابع خاص فى الفكر العسكرى، حيث يمكن أن ينشأ نزاع كامل بين خصمين متحاربين عماده ومفهومه استراتيجية العمليات الخاصة، ويمكن أن يشارك هذا النوع من القتال ضمن المعركة الشاملة بالتعاون مع باقى الأسلحة فى إطار معركة الاسلحة المشتركة، إن نظريات العمليات الخاصة التخطيطية والتنظيمية بالمرونة بمكان حيث إنها توضع فى قالب التخيل والافتراض، ومن بعدها الإمكانيات والقدرة البشرية هى القادرة على التنفيذ.
قد تكون العمليات الخاصة بسيطة فى مظهرها أو لها طابع التهور فى تنفيذها، إلا أن كياسة التخطيط فى الإطار الاستيراتيجى العام للدولة مقاسة بالمعلومات الدقيقة وتوفير الامكانيات هو أصالة عقيدتها وفكرها ونضوجها، كما أن مخططيها يعلمون جيدا أنه للوصول عن طريق العمليات الخاصة للأهداف الاستراتيجية المرسومة للدولة، هى بعيدة التوقيت دائما، وتتحكم فيها ظروف محلية ودولية سياسية كانت أم عسكرية، لذا وجب الحفاظ والمثابرة على الهدف فى ظل هذا الأسلوب.
فالعمليات تتم خلف خطوط العدو بأقل قوات وأبسط تسليح، سواء بشكل أو بصورة عسكرية منظمة أو شبه عسكرية أو بشكل مدنى، ولتحقيق أكبر النتائج للهدف الشامل، سواء بصورة مباشرة أو بطريق غير مباشرة، كما انها تعتمد على المواجهة فى حالة الأهداف المنعزلة أو على الأرض الصديقة نفسها فى حالة مقاومة العمليات الخاصة، والتسلسل بواسطة وحدات سطح (فى كمائن ونقاط إنذار) لذا العمليات الخاصة لها صور مختلفة فى التشكيل والتنظيم والتسليح وطريقة العمل بما يتماشى مع الموقف السياسى والعسكرى ولكل منها طابعه الخاص ومميزاته.
صور العمليات الخاصة (المقاومة الشعبية ـ المليشيات العسكرية ـ الاستطلاع ـ الوحدات الخاصة)
المقاومة الشعبية: هى تنظيم شعبى وشبه عسكرى تقوم بتنفيذ مهام قتالية متبعة أسلوب العمليات الخاصة فى التنفيذ، وهى أول صور العمليات الخاصة وترتكز على دعامتين تساند كل منها الأخرى، الأولى: منظمات وعصابات قتالية مدنية فى قالب شبه عسكرى تطبق مبدأ (أصب وتخلص)، والثانية: رابطة شعبية داخل المجتمع الواحد تتعايش بداخله المنظمات بحيث تترابط هذه الشعوبية وتقبل أن تتحرك هذه المنظمات داخلها وتحميها فى هذا الإطار المدنى.
الميلشيات العسكرية: هى قوات خاصة لا تظهر إلا فى حالة احتلال الدول أو جزء منها وقد ظهرت بصورة واضحة فى بورسعيد ضد الإنجليز فى حرب 56 حيث تحولت وحدة صغيرة من الصاعقة إلى ميليشيات عسكرية.
الاستطلاع: تحتاج لنوعية من الأفراد على مستوى عالٍ من التدريب وخاصة على استخدام الأجهزة الدقيقة والتكنولوجيات الحدثية، وهدفه دائما الحصول على المعلومات على عمق العدو وهى لا تقاتل إلا للدفاع عن النفس وقد تقاتل وحدات فرعية منها للحصول على المعلومات.
الوحدات الخاصة: هى قسمان الأول وحدات الصاعقة هى مجموعات صغيرة فى عمق العدو لتحقيق أهداف عسكرية وسياسية وتتم هذه العمليات بالملابس المدنية والمناسبة للمكان، ويمكن أن يقوم بها فرد أو اثنان بالتخريب أو تجهيز مسرح العملية لقوة أكبر، والثانية وحدات المظلات بواسطة الهليكوبتر والإسقاط بالمظلات.
الوحدات البحرية: هى وحدات نظامية ذات كفاءة قتالية تشكل فى كتائب ولواءات وفرق وتقوم بتنفيذ مهام قتالية نمطية فى عمق العدو.
الفصل الثانى: الفكر الإسرائيلى والعمليات الخاصة
قامت المنظمة الصهيونية منذ فكرة التخطيط فى إنشاء دولة بفلسطين فى أواخر القرن التاسع عشر على قيامها وحتى بعد قيامها كدولة تستخدم هذا النوع من القتال (العمليات الخاصة)، وأتقنته، ومرت بجميع صوره ومفاهيمه، بل وتعتبر الدولة الوحيدة فى العصر الحديث التى استنفدت جميع صور العمليات كأسلوب وعمل من المقاومة الشعبية والميليشيات العسكرية.
يتغير هدف إسرائيل من العمليات حسب التخطيط الشامل للدولة قديما، فإسرائيل هى مجتمع (الهاجناه) الذى كانت تتحكم فيها المواقف السياسية والدبلوماسية لتشكيل دولة إسرائيل، وهى حماية السكان اليهود فى فلسطين، حماية الأنشطة الموجهة لتحقيق الصهيونية، حماية الارض المكتسبة عبر الذعر فى الاهالى العرب لإجبارهم على ترك الاراضى، ففى أثناء حروب (1948 ـ 1956 ـ 1967) كان هدفها تدمير مدفعيات العدو، والتحكم فى الطرق والهيئات الحاكمة من مضايق وخلافه بغرض إرباك قواتنا ومنع الاحتياطات.
اما أهداف العمليات الخاصة بعد حرب 1967، فكانت أهدافًا سياسية محاوله تجنب وتهدئة الموقف على خطوط وقف إطلاق النار بالردع، بما يحقق ترشيح سياسة الأمر الواقع وحصر النزاع العربى ـ الإسرائيلى فى نطاق محلى، والأهداف العسكرية كانت الرد على معارك الاستنزاف أو أى أعمال تعرضية داخل أو خارج بلادها التى تتعرض لها القوات الاسرائيلية أو الدولة وذلك بالعمليات الخاصة التى تستهدف استنزاف قوة الآخر حتى تكون حرب الاستنزاف سلاحًا ذا حدين، أما الأهداف المعنوية فهى رفع الروح المعنوية للشعب الاسرائيلى بعد زيادة الخسائر التى تكبدتها نتيجة الاشتباكات المستمرة على الجبهة ونتيجة للعمليات الخاصة.
العمليات الخاصة ومفاهيم الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية
إن إرادة البقاء بالقوة هى التى تسيطر على جميع معطيات الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية وأغراضها وأسسها ومفاهيمها، ويتولد عن هذا المعنى (البقاء بالقوة) ثلاثة مفاهيم أساسية هى:  
(الأمن ـ العنف ـ حتمية الحرب)، مفهوم الأمن فى المذهب العسكرى الإسرائيلى مفهوم حركى هجومى عدوانى يتطلب دائما الانتقال إلى العمل فى السلم والحرب والعنف، وهذا من عقيدتهم وتاريخهم ومفهومهم بقوميتهم، سياسة الأمر الواقع النابع من الاستيطان، أما حتمية الحرب، فقد اتفق المحللون العسكريون على الترابط الوثيق بين الحرب والسياسة، بما أن دولة إسرائيل مبنية على الغزو ثم الاستطيان، ومازالت تبنى الدولة على التوسع ثم تأمين هذا التوسع، فاستخدام العمليات الخاصة بصفة مستمرة هو لعدم قدرتهم على الاستمرار فى حرب طويلة الأمد.
العمليات الخاصة وأسس الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية
أسس الاستراتيجية العسكرية هى تواؤم مع أسلوب العمليات الخاصة، خاصة أن هذه الأسس ترتبط بالخط السياسى الإسرائيلى، وهذه الأسس هى: المعارك الوقائية أو الهجوم المضاد التوقعى، الردع، التفوق، نقل المعركة إلى أرض العدو، الأمر الواقع، استثمار الموقف الدولى.
أسلوب العدو فى العمليات الخاصة
إسرائيل لا تكرر نفسها فى العمليات الخاصة ولا تطبق الدروس الشائعة فى تكتيكات العمليات الخاصة، بل تعتمد دائما على الابتكار فى التنفيذ وفى المعدات أو رسائل النيران، فقد أدخلت إسرائيل العمل الخاص بالطائرات المقاتلة لضرب هدف بعينه، وذلك بعد إدخال عنصر تقنى أرضى لضمان تحقيق الهدف مثل ما حدث فى معارك الاستنزاف على الجبهة المصرية أو ضرب المفاعل الذرى بالعراق أو مصنع الأدوية فى السودان وأخيرا اصطياد الأفراد فى غزة، فإسرائيل هى الدولة الوحيدة التى أدخلت الارهاب ضمن أسلوب العمليات الخاصة.
هذا الأسلوب يتقسم من ناحية التنفيذ التكتيكى إلى: أسلوب الإغارة (إغارة بالقوات ـ الإغارة بالنيران)، ويحدد له أهداف ثابتة ويتوقف نجاحها على عنصر المفاجأة، والإغارة الجوية هى وصول القوة المنفذة إلى الهدف نفسه واقتحام وتنفيذ هدف الإغارة والقضاء على قوة العدة البشرية، الإغارة بالنيران: هى أن تكون على مسافة من الهدف ويمكن استخدام (الهاونات ـ صواريخ أرض أرض) وتوجه نيرانا وتحقق إزعاجًا، وتتوقف قيمة الخسائر على دقة العدو فى التصويب، أما أسلوب الكمين، فيتم هذا الاسلوب عند قطع الطرق والممرات، وهذه الحالة يكتفى فيها ببعض المركبات لقفل الممرات وتعطيل المكان ويتم الكمين عن طريق القوات والنيران والألغام والأشراك والخدع المبتكرة، وأيضا تستخدم أسلوب العمل والمقاومة السرى. ويتبع فى المهمات الصعبة مثل التخريب الاغتيال أو التحريض داخل كثافة سكانية أو العمليات الفردية بالمناطق العسكرية، وقوامه من فرد إلى أربعة ولا يعتمد فى تنفيذها على أى تشكيل مهما صغر حتى لو جماعة، وإلإ فقدت أول مقوماتها، بل يعتمد على أفراد ذى طبيعة مناسبة لمسرح العملية.
المبادئ التى يطبقها العدو فى عملياته الخاصة
خفة الحركة الاستراتيجية والتكتيكية، أى قبل الدخول فى العملية وفى أثناء التنفيذ بما يحقق السرعة الخاطفة، الروح الهجومية العالية والعنف فى التنفيذ، تحقيق المفاجأة بضربات فى العمق واستغلال الظواهر الجوية السيئة، القتال الليلى، الخداع، السرية فى نوايا وتحركات القوات المنفذة.
تخطيط العدو الاستراتيجى للعمليات الخاصة
يتم التخطيط على عدة مراحل، المرحلة الأولى: مرحلة اختيار الهدف المناسب طبقا للظروف لتحقيق الغرض منه، وتقوم بهذه المرحلة لجنة مكونة من عدد محدود من مجلس الوزراء وتشمل (رئيس الوزراء الإسرائيلى ـ نائب رئيس الوزراء ـ وزير الدفاع ـ وزير الخارجية)، بحضور رئيس الأركان الذى يعرض لهم الموقف، المرحلة الثانية: وضع الخطة التفصيلية، وذلك بين رئيس الاركان وهيئة المعلومات بناء على المعلومات وخطط الاستطلاع السابقة أو المطلوب تنفيذها مثل دراسة تفصيلية للهدف والأهداف المجاورة، تحديد المعلومات المطلوبة وتسخير الإمكانيات، تحديد القوات والوسائل واتباع المبادئ فى وضع الخطة، تدريب مركز للقوات التى ستنفذ العملية بما يتماشى مع نوع العملية.
أنواع الأهداف التى يقوم العدو بالعمل ضدها
قوات محدودة سواء كانت منعزلة أو نقطة منفصلة بالأفراد، موقع رادار أو مركز اتصال وقيادة، مرابط المدفعية والصواريخ، المناطق الإدارية وطرق تقديم الاحتياطات أو طرق النقل العادية، المطارات المدنية والعسكرية، قواعد الفدائيين وشخصيات مهمة مطلوبة داخل الكثافة السكانية، المنشآت الاقتصادية والسكنية، محطات وخطوط القوى الكهربائية، الدوريات المتحركة فى الطرق.
ويراعى فى الأهداف أن يكون الهدف ذا قيمة من الناحية العسكرية أو الاقتصادية أو المعنوية أو الناحية الدعائية، تنتخب الأهداف الضعيفة المحدودة القوة أو الأهداف المنعزلة، صعوبة نجدتها بالاحتياطات ويخطط لعزلها بالإمكانيات والوسائل المتوافرة، استغلال نقط الضعف مثل وجود الثغرات الكبيرة حول الهدف، والضعف فى وسائل الإنذار أو عدم توفير الحماية الجوية.
غدا الحلقة الثانية.. وفيها تسلسل ظهور العمليات الخاصة فى إسرائيل، ماذا حدث فى سيناء 1956 والكتيبة 101، تدريبات المجموعات الخاصة فى إسرائيل قبل تنفيذ العمليات الإرهابية، الحكومات الإسرائيلية ورؤساؤها.