السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«كمال» الثابت على مواقفه




التقيته فى نهاية عام 2004، كنت قد تركت لتوى العمل فى إحدى الصحف الأسبوعية الصادرة عن مؤسسة صحفية خاصة، وبعد أن شاهد الكاتب الصحفى عبدالله كمال رئيس تحرير مجلة «روزاليوسف» فى ذلك الوقت أعمالى كان رده مختصرا وموجزا «هنعوزك معانا فى المجلة، واحنا هنطلع جورنال يومى هنعوزك فيه برضه»، كانت البداية بالطبع من خلال الصديق العزيز ورسام الكاريكاتير القدير عمرو سليم الذى تحمس لأعمالى دون سابق معرفة فعرضها على «كمال»، فالتحقت فى البداية للعمل بمجلة «روزاليوسف» ومنها بعد ذلك إلى الجريدة اليومية ولفترة قليلة أيضا فى مجلة صباح الخير، وكانت مؤسسة «روزاليوسف» تمثل لى منذ صغرى الغاية والهدف باعتبارها قبلة الثقافة والمثقفين ومنارة التنوير، والرائدة بين إصدارات الصحافة المصرية.
فى عام 2005 تصدر روزاليوسف حاملة مقدارا كبيرا من التنوع والاختلاف مما تحمس له الكاتب الراحل عبدالله كمال باعتبار أن «روزاليوسف» صحافة النخبة والمثقفين، وهو أيضا ما حاول مؤخرا إعادة تقديمه من خلال موقع «دوت مصر» الذى ترأس تحريره.
صحفيا امتاز عبدالله كمال بقدرته الهائلة على التحليل السياسى للموضوعات المختلفة، وربط الأحداث ببعضها، وتقديم رؤى تحليلية مغايرة، تقرأ ما بين السطور وتربط قديم الأحداث بحديثه، كان يكتب عشرات الصفحات باسترسال وبأسلوب واضح متناولا موضوعا بعينه، كما كان من الكتاب القلائل فى الصحافة المصرية الذين يمكنهم اختصار واختزال ما يريد إيصاله من أفكار فى عشرات الصفحات تلك إلى كلمات قلائل، كما كان من الصحفيين الموسوعيين، يتحدث فى الثقافة والتاريخ والرياضة بنفس استرسال وسهولة حديثه فى السياسة.
إداريا كان «كمال» من الصحفيين القلائل أصحاب الموهبة فى فن الإدارة، مما مكنه من بناء هيكل إدارى قوى للجريدة بأقسامها المختلفة، وبنائية محكمة يعلم فيها كل فرد حدود دوره ومهام مسئوليته، أما إنسانيا فكان كمال على الرغم من شدته الظاهرة للعيان سريع التجاوز والغفران لما يواجهه من أخطاء أو تجاوزات فى العمل خاصة للحالات الإنسانية منها.
كان «كمال» متصالحا مع نفسه، مع أفكاره ومبادئه، فكان يرى أن دوره الصحفى يكمل دوره السياسى باعتباره عضوا فى لجنة السياسات بالحزب الوطنى المنحل وباعتباره عضوا معينا بمجلس الشورى، فظل منتهجا لمنهج سياسى كان هو السبب فيما واجهه من هجوم طوال حياته المهنية، ومع ذلك ظل متمسكا بتوجهه مدافعا عنه حتى آخر يوم من رئاسته لتحرير المجلة والجريدة، حتى بعد ثورة 25 يناير حين غير نظراؤه من رؤساء التحرير دفة سفنهم، فتحولوا من خانة الولاء إلى خانة المعارضة بين ليلة وضحاها .. رحمك الله الكاتب الكبير عبدالله كمال.