السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

تحديات ومعضلات فى طريق الحكومة




أنهت تلك الحكومة الجديدة مرحلة الانقسام الفلسطينى بين حركتى فتح وحماس، وباتت الأرض مهيأة أمام الحكومة الفلسطينية للعمل بشكل مشترك، لكنها ليست مفروشة بالرمال، هناك عدد من التحديات التى تواجهه تلك الحكومة، مابين أمنية واقتصادية.
أول تلك التحديات الأمنية هى العراقيل الأمنية التى تضعها إسرائيل، حيث قررت اللجنة الوزارية لشئون الأمن القومى الإسرائيلى بالإجماع بعد ساعات من اداء اليمين الدستورية فى رام الله، بأنه لا يجوز التفاوض مع حكومة فلسطينية تعتمد على «حماس» بزعم أنها تنظيم إرهابى يدعو لتدمير إسرائيل والعمل على جميع الأصعدة بما فيها الصعيد الدولى
وبطبيعة الوضع القائم فى الأراضى المحتلة، فستقوم إسرائيل بعمليات تضييق الخناق على تحركات وتنقل الوزراء والعناصر السياسية بين القطاع والضفة، كما ستحاول تضييق الخناق على عناصر السلطة لسلبها بعض المزايا من التنسيق الأمنى بين السلطة وإسرائيل، كما ستحاول تعديل تلك الترتيبات الأمنية، خاصة أن تلك الترتيبات تضم فصائل معينة، وضم حركة حماس للحكومة يفرض وقائع أمنية جديد أمام تل أبيب لأن حماس لم تتخل عن خيار المقاومة المسلحة كما فعلت السلطة.
كما من المنتظر أن تضيق إسرائيل حركة التنقل عبر المعابر، وفرض حصار أشد عليها، وستحاول أيضا وضع العراقيل أمام قوات الأمن الفلسطينية المتواجدة داخل المعابر، إذ ستتغير التركيبة الأمنية للدولة الفلسطينية المقبلة فى ظل تلك الحكومة.
وهى أيضا مشكلة ستواجه الحكومة الفلسطينية نفسها، إذ قد تنشب خلافات حادة بين الفصيلين حول مشاركة قوات حماس ضمن القوات الأمنية بالضفة، حيث قد تعارض السلطة وإسرائيل أيضا تواجد للأجهزة الأمنية التابعة لحماس داخل الضفة بشكل بارز، وهنا هل سيعاد تشكيل القوات الأمنية الفلسطينية من جديد لادماجها جميعا تحت لواء واحد أم سيبقى كل منهما تحت لواء مستقل؟
وتجدر الإشارة إلى حركة «الجهاد الإسلامي»، الشريك لحماس فى غزة، والتى لم تبد إعتراضا على المصالحة، غير أن كلمات نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامى «زياد النخالة» فى تصريحات صحفية مثيرة للقلق، حيث أكد أن حركته تبارك المصالحة، لكنها لم تستشر، باختصار لا علم لها بأى تفاصيل فى هذا الشأن، وأنها لم تكن طرفا فى هذا الانقسام.
ثانى تلك التحديات هى القبول الدولى بها، حيث استطاعت تلك الحصول على ترحيب دولى بها، خاصة من الاتحاد الأوربى، لكن يجب الوضع فى الاعتبار العراقيل الإسرائيلية التى ستضعها، إذ إنها ناشدت المجتمع الدولى عدم الاعتراف بحكومة فلسطينية تضم حماس بين صفوفها، وستحاول جاهدة من جانبها وقف المساعدات التى تحصل عليها السلطة الفلسطينية من الاتحاد الأوربي، والتى تقدر بـ500 مليون يورو سنويا.
أيضا الولايات المتحدة التى رحبت بالحكومة، إلا أنها اشترطت التعاون معها بالالتزام بشروط الرباعية الدولية بأنها حكومة مؤقتة لحين إجراء الانتخابات التشريعية، وستعمل إسرائيل من خلال اللوبى الصهيونى لديها بالولايات المتحدة للضغط على الإدارة الأمريكية لوقف التعاون مع تلك الحكومة، وممارسة ضغوط جمة عليها، سواء من أجل تفكيكها أو لإقصاء حماس منها، فى الوقت الذى يزعم فيه قادة المجتمع الإسرائيلى أن السلطة نفسها و«عباس» ليسوا شركاء فى عملية السلام.
التحدى الثالث، مشكلة المعابر وفك الحصار على قطاع غزة وهى أزمة كبيرة، إذ يعانى القطاع المحاصر منذ 2007 من عدة أزمات انسانية واقتصادية جراء الحصار البرى والبحرى الذى تفرضه إسرائيل، إذ يجب على الحكومة الجديد التعامل مع هذا الملف بشكل أكثر حزما أمام المجتمع الدولى، كما يجب النظر فى الترتيبات الأمنية المتعلقة بالمرور عبر المعابر سواء المعابر مع مصر أو الأردن أو إسرائيل.
التحدى الرابع متعلق بسابقه، وهو الأزمة المالية، فالسلطة الفلسطينية نفسها تعانى من أزمة اقتصادية وتراكم مديونيتها لشركات إسرائيلية، وهى ليست فى حال يمكنها فيه زيادة الالتزامات المالية عليها لتوفير مرتبات وإداريات لسكان قطاع غزة الذين يربو عدد سكانه عن المليون والنصف. كما أن الموارد الفلسطينية ضعيفة، وتعتمد بشكل رئيسى على المساعدات الخارجية التى تتحكم إسرائيل فى دخولها ومنعها.
إذ ستجد السلطة الفلسطينية نفسها مسئولة عن رواتب 41 ألف موظف فى غزة (عسكري- مدني) كانوا يحصلون على رواتبهم من حماس، بالإضافة إلى 77 ألف موظف كانوا يتبعون منظمة التحرير الفلسطينية وأصبح ممنوعًا عليهم العمل مع حكومة حماس، يضاف إلى هذه الأعداد موظفو السلطة الفلسطينية العاملون فى الضفة الغربية وعددهم 151 ألف موظف، وهو ما سيشكل عبئًا كبيرًا على السلطة.