الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

كسوة الكعبة المشرفة




اختلف كتاب السير والمؤرخون حول أول من قام بكسوة الكعبة المشرفة “بيت الله الحرام”، فبعض الروايات تقول: إنه سيدنا إسماعيل بن سيدنا إبراهيم عليهما السلام، كما ظهرت روايات تقول إنه “عدنان” جد سيد الخليقة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، كما أن هناك أخرى تقول: إنه “تبع أبو كرب”، أحد ملوك حمير.
والشىء الوحيد الذى تتفق عليه الروايات أن الخليل إبراهيم، عليه السلام، لم يكس الكعبة؛ لأنه غادر أم القرى إلى فلسطين بعد البناء مباشرة، وترك الإمامة وسدانة البيت وشئونه إلى ابنه إسماعيل، عليه السلام.
وفى عهد “قصى بن كلاب”، عرض على القبائل أن تشترك فى مسألة كسوة الكعبة وسقاية الحجيج، وبالفعل تم ذلك لفترة من الزمن، إلى أن تولى “المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم”، جد الشاعر المعروف عمرو بن ربيعة، أمر كسوة الكعبة على نفقته، إذ إنه كان تاجرا ميسورا يتاجر فى الأقمشة والبضائع بين اليمن ومكة المكرمة.
وفى عهد “عبد المطلب”، جد سيدنا محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قامت زوجته “نتيلة بنت حباب” أم ولده العباس، بكسوة الكعبة بالديباج من مالها الخاص، وفاء لنذر كانت قد قطعته على نفسها إذ عاد العباس بعد أن ضاع فى شعاب مكة، فلما عاد وفّت بنذرها فكانت أول سيدة تكسو الكعبة.
وفى صدر الإسلام كسا رسول الله، الكعبة ثيابا يمنية، ثم كساها من بعده أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، رضى الله عنهما، بالقباطى، حيث كان القباطى يحاك فى مصر، وذلك بعد وصول الفتح الإسلامى إليها، ويرسل إلى مكة المكرمة لكسوة الكعبة المشرفة.
ولما تولى عثمان بن عفان، الخلافة أصدر قرارا بكساء الكعبة مرتين فى العام، إحداهما بالديباج يوم التروية “يوم الثامن من ذى الحجة”، والأخرى بالقاطى المصرى يوم السابع والعشرين من شهر رمضان.
وبسبب الحروب التى كانت أيام أمير المؤمنين على بن أبى طالب، ومحاولته لمّ الشمل واستئصال الفتنة فى مهدها، لم يهتم كثيرا بمسألة كسوة الكعبة، وفى عهد معاوية بن أبى سفيان، كانت الكعبة تكسى مرتين، إحداهما بالديباج فى يوم عاشوراء، وثانيهما بالقباطى فى آخر شهر رمضان.. وفى عهد العباسيين، وقع الاختيار على مدينة “تنيس” المصرية، والتى كانت تشتهر حينذاك بصناعة المنسوجات والحرير، لصناعة كسوة الكعبة من الحرير الأسود الفاخر، وفى عصر الخليفة الناصر لدين الله أبى العباس أحمد، كُسيت الكعبة المشرفة بالديباج الأسود، ومازالت هذه النوعية من الكسوة مستمرة حتى يومنا هذا.