الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

حركة «مجهولون» ضد الداخلية!!

حركة «مجهولون» ضد الداخلية!!
حركة «مجهولون» ضد الداخلية!!




أشرف بدر

جلس «نابليون بونابرت» ذات مرة فى أحد المقاهى، وبجانبه شخص لا يعرفه يتثاءب حتى اقتربت يده من المساس بأنف نابليون، فغضب نابليون ونظر إلى الرجل باستغراب وطالبه بعدم تكرار ذلك. ولكن الرجل لم يكترث وقال مخاطبا نابليون هذا ليس من شأنك، و«أنا حر وفى بلد الحرية»، فأجابه نابليون نعم أنت حر، ولكن بشرط ألا تصل حريتك إلى أنوف الآخرين!.
ربما عبر نابليون منذ عشرات السنين على وضعنا الحالى لفهمنا الحرية خطأ فبعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو فرح الشعب المصرى وتنفس الصعداء بأنه أخيراً نال حريته كاملة وتحرر من البطش والظلم والاستبداد، لكن البعض تمادى فى حريته بمفهومه الخطأ لها فأضر حريته وحرية الآخرين! لأن الحرية مسئولية يمكن ممارستها كيفما شئت فيما لا تضر.
لكن هناك سيولة فى المظاهرات والإضرابات والاعتصامات بعد الثورات يمكن أن تهدد بإسقاط الدولة بعد إسقاط النظم الفائتة والبائدة وممارسة «حرية عبثية» فلا أحد يقول إن قطع الطرق، وتعطيل القطارات وأتوبيسات النقل العام وحركة الطيران والاعتصام أمام مكاتب المسئولين ومنعهم من أداء عملهم والتطاول على كبار السن، وغير ذلك من الممارسات التى نراها يدخل فى بند الحرية؟
والسؤال الذى يفرض نفسه لماذا تستمر هذه الممارسات؟
والإجابة ببساطة لو أن الذين اعتدوا على الأبرياء فى محمد محمود ومجلس الوزراء وماسبيرو والتحرير والعباسية، وحرق ذاكرة مصر «المجمع العلمى»، وحرق الكنائس والمساجد نالوا عقاباً شديدا طبقا للقانون ما تمادى هؤلاء وغيرهم فى الاعتداء مرة أخرى.
صحيح.. ظاهرة الإحتجاجات والمظاهرات وقطع الطرق انخفضت، لكنها مازالت موجودة وآخرها قيام حركة تطلق على نفسها «مجهولون ضد الداخلية» فى الساعات الأولى من صباح أمس السبت، بقطع الطريق الزراعى القاهرة - بنى سويف، مستخدمين إطارات السيارات المشتعلة، ووضعوا الأحجار، وقطعوا أخشابًا أمام قرية «الميمون» التابعة لمركز الواسطى ببنى سويف..وقامت قوات الشرطة وسيارات الإطفاء التابعة للحماية المدنية بإطفاء الحرائق على الطريق، وإعادة تسيير حركة الطريق التى توقفت لمدة ساعة.
وفى تبجح أعلنت تلك الحركة «مجهولون ضد الداخلية» مسئوليتها عن قطع الطريق، احتجاجا على قيام قوات الشرطة بمنع المسيرات المعارضة بقريتى «الميمون» بمركز الواسطى، و«إشمنت» بمركز ناصر، عقب صلاة الجمعة،واستخدام الشرطة الغاز المسيل للدموع، والطلقات التحذيرية. لفض تلك المظاهرات التى تطالب بعودة المعزول وجماعته!!
إلى هذا الحد من الاستهتار وعدم احترام القوانين والنظم، يعربد هؤلاء فى أمن واستقرار البلاد التى كلما نجت من فخ ينصبه لها عدوها، تفاجأ بألف «فخ وفخ» صنيعة هؤلاء المرتزقة!
ولابد أن نتفق أن الغرب يطبق مفهومه للحرية بمكيالين فهو يمارس حرية التعبير ضد الإسلام والمسلمين والعرب بوضاعة ووقاحة، لأنه يرى أن إهانة الرسل والأنبياء والإنسان العربى « حرية تعبير»، لكن عندما يمارس شعوبه هذه الحرية،يستخدم كل الطرق لردعه،وما يحدث فى تركيا ضد الصحفيين واعتقال سلطات أردوغان صحفى فى أسبوعين لأبلغ دليل على من يخادعون شعوبهم وشعوب العالم بكلمة «حرية التعبير»!!
إن ما تفعله أمريكا وحلفاؤها من الغرب تجاه العرب والاسلام يؤكد التعصب الأعمى، وينشر الكراهية والإساءة للآخر تحت دعوى حرية التعبير،فى الوقت الذى تمنع فيه الاحتجاج السلمى على تلك الإساءة بالمخالفة الصريحة لقواعد الديمقراطية التى تنادى بها، وهو تناقض فج حول كون الإساءة لأى يهودى جريمة كبرى وجناية تقع تحت طائلة «معاداة للسامية» فى الوقت الذى يتم تصوير فيه الإساءة للمسلم كمجرد فعل «غير مبرر» ناتج عن «الإسلاموفوبيا»، «أهذه عدالتكم يا مدعو الحرية والديمقراطية».
إن تأصيل العدالة ومبادئ الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان فى نفوس الشعوب العربية والإسلامية ضرورة لعلاج كل المشاكل الخطيرة التى نعانى منها، وكفانا إشغالا الناس فى صراعات عقائدية ودينية وقبلية،واخرها دعوة السلفيين مجددا بعدم جواز تهنئة الاقباط فى اعيادهم التى تبدأبعد غد وتستمر حتى 7يناير، لأن مثل هذه الدعاوى لا تخدم إلا مصلحة قلة قليلة من المجتمع هم فى النهاية من ستحترق أيديهم بنارها، وسيكون الجميع خاسراً لا محالة.
وربما كان مؤتمر الأزهر لمكافحة التطرف والإرهاب سباقا للتدليل على هذا المفهوم الخاطئ لحرية التعبير والعقيدة والتطرف والغلوالدينى،عندما قال فى بيانه الختامى أن تهجير المسيحيين وغيرهم من الجماعات الدينية والعرقية جريمة يجمع الحاضرون بالمؤتمر على إدانتها، مطالبا المسيحيين بالتجذر فى أوطانهم حتى تزول موجة التطرف التى يعانى منها العالم العربي، وناشد الأزهر دول العالم باستبعاد الهجرة من جدول المساعدات التى تقدمها إليهم، لأن الهجرة تحقق أهداف قوى التهجير العدوانية التى تستهدف ضرب الوطنية وتمزيق المجتمعات الأهلية..اللهم أرنا آياتك فى عدوك وعدونا».